واصل المتحف المصرى الكبير أمس استقبال زائريه فى ثالث أيام الافتتاح وسط إقبال متزايد من العائلات المصرية والسائحين الأجانب الذين حرصوا على قضاء نهاية الأسبوع فى أحضان الحضارة المصرية.. وتصدرت العائلات المصرية المشهد أمام بوابات الدخول. فمنذ ساعات الصباح الأولى، بدت ساحة المتحف نابضة بالحياة، حيث امتدت طوابير الدخول أمام البوابة الرئيسية وسط تنظيم دقيق وتعاون واضح بين فرق الإرشاد والأمن والمتطوعين، فيما ازدانت الساحة بأعلام مصر وصور ملوكها القدماء فى مشهد مهيب يجمع الأصالة بالفخر. اقر أ أيضًا | المتحف المصري الكبير يطلق الدليل الصوتي لتجربة زيارة تفاعلية متعددة اللغات فى البهو العظيم، حيث يقف تمثال الملك رمسيس الثانى شامخًا تحت القبة الزجاجية، تكررت لحظات الانبهار على وجوه الزائرين الذين التقطوا صورهم التذكارية الأولى قبل بدء الجولة داخل القاعات، بينما توزعت الأسر والأطفال فى مجموعات تتبع الخرائط التفاعلية والدليل الصوتى الذى يقدّم شرحًا مبسطًا وممتعًا بلغات متعددة. تحوّل المتحف اليوم إلى وجهة مفضّلة للعائلات المصرية، إذ جمع بين المتعة البصرية والجو الأسرى الهادئ فى آنٍ واحد. الأطفال أبدوا حماسًا لافتًا وهم يتنقّلون بين قاعات العرض حاملين الكتيبات الملوّنة التى توضح قصص القطع الأثرية بلغة مبسطة، بينما تفاعلت الأسر مع التطبيقات الذكية وشاشات العرض الرقمية. وتصدرت قاعة الملك الذهبى توت عنخ آمون قائمة أكثر المناطق جذبًا، حيث اصطف الزوّار لمشاهدة مقتنياته النادرة وسيناريو العرض المصمم بأحدث التقنيات. تقول أمل صالح، أم لثلاثة أطفال جاءت من المنصورة: «المكان مبهج ومنظم جدًا، وأجمل حاجة إن الأطفال حاسين إنهم بيتعلموا وبيستمتعوا فى نفس الوقت». فيما أشار سائح من ألمانيا إلى أن المتحف «يمثل نقلة فى مفهوم المتاحف بالعالم، لأنه يجمع بين المتعة البصرية والتقنيات الحديثة فى التفسير والعرض». ومن أكثر نقاط الجذب التى شهدت إقبالًا ملحوظًا خلال اليوم الثالث، قاعة عرض مراكب الملك خوفو، والتى تُعد من أندر وأعظم الاكتشافات الأثرية فى التاريخ. تُعرض المراكب داخل جناح مُخصص صُمّم وفق أحدث معايير العرض المتحفى، حيث يمكن للزوّار مشاهدة تفاصيل عملية الترميم والنقل التى استمرت سنوات طويلة بدقة علمية فريدة.. ويقف الزائر مبهورًا أمام ضخامة هيكل المركب الملكى الذى تجاوز عمره 4600 عام، فى حين توفّر الشاشات التفاعلية المجاورة تجربة رقمية توضّح كيف كانت هذه المراكب تُستخدم فى الطقوس الجنائزية لدى المصرى القديم، وكيف تم فكّها وإعادة تركيبها قطعة قطعة داخل المتحف. يقول محمد فتحى أحد المرشدين بالمتحف: «قاعة مراكب خوفو أصبحت نقطة جذب رئيسية، خصوصًا بعد أن تم عرض المركب بطريقة تمكّن الزائر من رؤية تفاصيل الأخشاب الأصلية، وهى المرة الأولى التى تُعرض بهذا الشكل المتكامل». من جانبه، أوضح د. أحمد غنيم الرئيس التنفيذى للمتحف المصرى الكبير أن العمل جارٍ على تطوير باقة من البرامج الثقافية والتعليمية التى تستهدف الأطفال والطلاب والزائرين الأجانب، مؤكّدًا أن الهدف هو جعل المتحف وجهة مستدامة للزيارة وليس حدثًا مؤقتًا. وقبل دخول أروقة المتحف تجد بعض النصائح المُعلنة على صفحات ومواقع الحج الخاصة بالمؤسسة أهمها: ضرورة الوصول فى الصباح الباكر للاستمتاع بأجواء هادئة وإضاءة مثالية للتصوير، توافر مواقف للسيارات فى الموقع مقابل رسوم، ولا يُسمح بإحضار طعام ومشروباتٍ من الخارج، والالتزام بتناول الأطعمة والمشروبات فى غير الأماكن المُخصصة لذلك. ونصحت إدارة المتحف باستخدام الهاتف أو الكاميرا دون فلاش الحوامل الثلاثية أو عصى السيلفى أو الدرونز والبث المباشر لتفادى الاضرار بالقطع الأثرية، حيث يُسمح بالتصوير الفوتوغرافى وتسجيل الفيديو الشخصى باستخدام الكاميرات والأجهزة المحمولة، بشرط مراعاة الابتعاد عن تصوير الزوار الآخرين دون إذنهم احترامًا للخصوصية. ووجهت إدارة المتحف بأن جميع الصور والتسجيل الفيديو مُخصصة للاستخدام الشخصى فقط، يُمنع الاستخدام التجارى دون إذن كتابى مُسبق، كما أن جميع الحجوزات غير قابلة للتحويل وغير قابلة للاسترداد، مع ضرورة الاحتفاظ بتذكرتك طوال الزيارة، والالتزام بتعليمات المرشدين والعاملين داخل القاعات، بالإضافة إلى أن هناك بعضاً من السلوكيات المرفوضة ومنها: رفع الصوت ، أو لمس القطع الأثرية أو الاقتراب منها، وأكدت على ضرورة منع التدخين أو الجلوس على الحواجز المعمارية أو أرضيات العرض. وتستغرق جولة متحف الطفل بالمتحف المصرى الكبير نحو 45 دقيقة، وهى مُخصصة للفئة العمرية من 6 إلى 12 عامًا، وتهدف إلى غرس حب الحضارة المصرية فى نفوس الأطفال منذ الصغر عبر تجربة تجمع بين التعليم، الترفيه، والابتكار، منذ اللحظة الأولى لدخول الطفل، يشعر وكأنه جزء من حكاية تتنفسها جدران المتحف؛ فكل قاعة تمثل عالمًا مُصغرًا يضج بالحياة، حيث تمتزج المعرفة بالدهشة، ويتحول التاريخ إلى لعبة ذكية تُثير خيال الطفل وتغرس الانتماء والفخر بالتراث. وفى ركن آخر، تتجسد الحِرف اليدوية القديمة فى ورش صغيرة تنبض بالحركة، حيث يصوغ الصغار الألوان والطين والنقوش على خطى أسلافهم، ليتعلموا أن الحضارة ليست مجرد أثر جامد، بل روح تتوارثها الأجيال. أما قاعات المسرح والمكتبة التعليمية، فتمد أذرعها لاحتضان خيال الأطفال، وتجمع بين الفن والمعرفة، وبين اللعب والاكتشاف، مما يجعل تجربة التعلم غنية ومتنوعة. وأشار المسئولون إلى أن أعداد الزائرين للمتحف منذ بدء الافتتاح تُقدر بأكثر من 70 ألف زائر خلال الأيام الثلاثة الأولى، وهو رقم يعكس حجم الاهتمام العالمى بالحضارة المصرية القديمة وبالمتحف الذى يمثل بوابة جديدة للتاريخ والهوية المصرية.