اضطرابات الهضم وحساسية الطعام.. أسباب خفية للتعب بعد الأكل (تفاصيل)

يظنّ كثيرون أن النعاس بعد تناول الطعام مجرّد عادة أو علامة على الشبع، لكن الحقيقة أن وراء هذا الشعور سلسلة من العمليات الفسيولوجية المعقّدة التي تتداخل فيها الهرمونات، وطبيعة الأطعمة، وحالة الجسم العامة، فبينما قد يكون الأمر طبيعيًا عند البعض، قد يشير عند آخرين إلى مشكلة صحية تحتاج إلى متابعة طبية دقيقة.
بحسب موقع Everyday Health، فإن التعب الذي يعقب تناول الوجبات لا يرتبط بعامل واحد، بل ينتج عن تفاعل متشابك بين الجهاز الهضمي ومستويات الهرمونات ونوع الغذاء الذي نتناوله، إلى جانب نمط حياتنا اليومي.
آلة الهضم في الجسم
عندما يبدأ الجسم في هضم الطعام، يخصّص جزءًا كبيرًا من طاقته لتشغيل عضلات الجهاز الهضمي وتنشيط إفراز العصارات، ولأن هذه العملية تحتاج إلى تدفق دم إضافي نحو المعدة والأمعاء، يقل مؤقتًا تدفّق الدم نحو المخ، ما يسبب إحساسًا طبيعيًا بالخمول والنعاس المؤقت، في محاولة من الجسم لتركيز جهوده على الهضم والامتصاص.
الهرمونات والسيروتونين
بعد تناول أطعمة غنية بالكربوهيدرات أو البروتين، يرتفع إفراز السيروتونين، وهو هرمون يمنح شعورًا بالهدوء والراحة، لكنه في الوقت ذاته قد يزيد الميل إلى النوم، كما يفرز الجسم الإنسولين لتنظيم السكر في الدم، مما يؤدي إلى انخفاض نسبي في الطاقة المتاحة للخلايا، فيُعزز الإحساس بالتعب والكسل بعد الأكل.
الأطعمة الثقيلة تستغرق وقتًا أطول
الأطعمة الغنية بالدهون أو المقلية تستغرق وقتًا أطول للهضم، ما يجعل المعدة تعمل لساعات إضافية ويزيد من شعور الثقل والخمول، أما تناول وجبة كبيرة دفعة واحدة فيسبب ارتفاعًا سريعًا في مستوى السكر بالدم يعقبه انخفاض مفاجئ، فيما يُعرف ب«هبوط ما بعد الأكل»، وهو أحد أبرز أسباب الشعور بالتعب بعد الوجبات.
اضطراب في الجهاز الهضمي
في بعض الحالات، لا يكون النعاس بعد الطعام أمرًا طبيعيًا، بل عرضًا لمشكلة في الجهاز الهضمي مثل مرض السيلياك، أو فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO)،هذه الاضطرابات تُضعف امتصاص المغذّيات وتؤثر في توازن الطاقة، وغالبًا ما تصحبها أعراض مثل الانتفاخ، والإمساك، أو الإسهال.
السكري وتقلبات السكر في الدم
من أكثر الأسباب شيوعًا للإرهاق بعد الطعام هو اختلال تنظيم الجلوكوز، سواء لدى مرضى السكري أو من يعانون من مقاومة الإنسولين، إذ يجد الجسم صعوبة في استخدام السكر كوقود، ما يؤدي إلى تقلبات حادة في مستويات الطاقة، خاصة بعد تناول أطعمة غنية بالسكريات البسيطة.
الحساسية الغذائية وردود الفعل المناعية
قد يكون الشعور بالتعب بعد الأكل مرتبطًا برد فعل مناعي تجاه بعض المكونات مثل اللاكتوز أو الغلوتين، فعندما يتعامل الجهاز المناعي مع هذه الأطعمة كأجسام غريبة، يُفرز مواد التهابية تستهلك طاقة الجسم وتؤدي إلى شعور عام بالإجهاد.
دور نمط الحياة والنوم والحركة
قلة النوم، الجفاف، أو الجلوس طويلاً بعد الأكل كلها عوامل تُضاعف الإحساس بالتعب، لذلك ينصح الخبراء بممارسة مشي خفيف بعد الوجبات لتحفيز الدورة الدموية وتحسين الهضم، كما أن الحفاظ على عادات نوم منتظمة وشرب الماء الكافي يساعد على تقليل هذا الشعور.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
إذا تكرر النعاس بعد كل وجبة وأثر في النشاط اليومي، أو صاحبه عطش شديد، فقدان وزن، أو اضطرابات في المعدة، فقد يكون وراءه ،مرض مزمن كداء السكري أو اضطرابات امتصاصية، عندها يصبح الفحص الطبي ضرورة لا غنى عنها.
نصائح للتعامل الذكي مع الظاهرة
الوعي بالمسببات هو الخطوة الأولى لتفادي الخمول بعد الأكل، وينصح الخبراء ب:
- تناول وجبات صغيرة ومتوازنة.
- الاعتماد على أطعمة غنية بالألياف والبروتين المعتدل.
- تجنّب السكريات البسيطة والأطعمة الثقيلة.
- الحفاظ على ترطيب الجسم والحركة المنتظمة.