نائب رئيس جامعة القاهرة يلتقي وفدًا من جامعة ولاية بنسلفانيا هاريسبرج الأمريكية    صلاح فوزى: التعيين فى مجلس الشيوخ يعد استقالة ضمنية من عضوية مجلس النواب    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    أسماء مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات مجلس النواب 2025 لقطاع غرب الدلتا    سعر الذهب عيار 21 سيصل ل 6 آلاف جنيه.. «الشعبة» تكشف الموعد المناسب للشراء (التفاصيل)    200 مليون جنيه للمشروعات المتوسطة والصغيرة بآليات التمويل الإسلامي    «أكساد»: مشروعات عربية لرفع كفاءة الموارد المائية لمواجهة موجات الجفاف وتغير المناخ    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    ب 250 آلف نسمة: زيادة سكانية جديدة في 60 يوما فقط والقاهرة الأولى بين 10 محافظات    الأمم المتحدة والصليب الأحمر يطالبان بفتح كل المعابر لإدخال المساعدات إلى غزة (تفاصيل)    برنامج الأمم المتحدة الإنمائى: 70 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار غزة    انطلاق اللقاء الأول من فعاليات النسخة الرابعة للمؤتمر الوطني للنشء «بناء جيل»    «الداخلية»: ضبط سائق وضع قدمه خارج نافذة السيارة أثناء القيادة على الطريق الدائري    القبض على «سيدة» اقتحمت مدرسة في أكتوبر واعتدت على المدير والمعلمين بعد فصل ابنها (تفاصيل)    بعد 5 سنوات من الرحيل.. رانيا محمود ياسين لوالدها: «وحشتني أوي ومازلت انتظرك»    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    عمر عبد العزيز وشيرى عادل لجنة تحكيم مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا    وزير الصحة يبحث مع «شاريتيه» التعاون في مجالات التدريب الطبي والبحث العلمي والتحول الرقمي الصحي    السر في القلي.. إيه اللي يخلي البطاطس «مقرمشة» ماتشربش زيت؟    إيمان كريم: بروتوكول التعاون مع "قضايا الدولة" يعزز دعم ذوي الإعاقة    تعرف على موعد حفل محمد فؤاد وصابر الرباعي وسوما    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    التصديري للملابس الجاهزة: هدفنا التوسع في الأسواق الأوروبية    تضم رئيس تحرير "فيتو"، اليوم انعقاد أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بكامل تشكيلها    فرانكو دوناتو وأحمد شبراوي ضمن أفضل 10 رماة في العالم    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المشروعات الخدمية بقرية الأبعادية بدمنهور    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    من يريد الوطن يجب أن يصبر.. الفلسطيني المحرر أحمد التلباني: التعذيب بسجون إسرائيل أنساني ملامح أطفالي    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل منفلوط ل3 أطفال    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    قمة شرم الشيخ.. الإعلام الأمريكي يبرز كلمة الرئيس السيسي وإشادة ترامب بدور مصر في السلام    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    عاجل|الصحة تغلق مركزًا غير مرخص للتجميل في مدينة نصر تديره منتحلة صفة طبيب    خبير سياسي: مطالبة حركة حماس بنزع سلاحها مطلبا مهينا وغير واقعي    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    كامل الوزير: ننسق مع الوزارات المعنية لجدولة ديون الشركات وحسم ملفات الإغراق    الكنيسة الأسقفية تؤيد اتفاق شرم الشيخ وتثمن جهود القيادة المصرية من أجل السلام    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة الكتب| «المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني».. كتاب يكشف طبيعة كيان تأسس على الدم والتهجير والقهر
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 08 - 2025

مع استمرار المجازر الإسرائيلية واستخدام سلاح التجويع لإجبار الفلسطينيين على الركوع والاستسلام للرغبة الإسرائيلية الصهيونية بمحو العنصر العربى من أرض فلسطين التاريخية، نسترجع معكم كتاب «المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى» للدكتور محسن محمد صالح ومريم عيتانى ليضع القارئ أمام واحدة من أكثر الحقائق إيلامًا فى مسيرة الصراع العربى الإسرائيلى، حيث يتحول النص إلى شهادة تاريخية دامغة توثق لحظة بلحظة ما ارتكبه الاحتلال الإسرائيلى من جرائم دموية ضد الشعب الفلسطينى منذ بدايات المشروع الصهيونى وحتى المراحل المتقدمة من القرن العشرين، فالكتاب لا يكتفى بسرد الوقائع برؤية المؤرخ، بل يقدّمها فى صورة بانورامية تكشف طبيعة الكيان الذى تأسس على الدم والتهجير والقهر، وتبرز كيف أن المجازر لم تكن مجرد حوادث عرضية بل سياسة ممنهجة استهدفت اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وفرض واقع جديد بالقوة.
يبدأ الكتاب بتتبع الجذور الأولى للعنف الصهيونى، فيعود إلى البدايات التى شهدت تشكّل العصابات المسلحة مثل «الهاجاناه» و«الأرجون» و«شتيرن»، ويبين كيف كانت هذه التنظيمات تمارس دورها فى خدمة المشروع الاستيطانى، مستخدمة العنف المفرط كوسيلة رئيسية لترويع السكان الأصليين ودفعهم إلى الهجرة.
ومن خلال هذه العودة إلى الخلفية التاريخية، يوضح أن المجازر لم تكن مجرد نتيجة جانبية للاحتلال أو رد فعل على المقاومة الفلسطينية، بل هى فى صميم العقيدة الصهيونية، جزء من استراتيجيتها الأساسية لتغيير ديموغرافيا فلسطين والسيطرة على الأرض.
ويتوقف الكتاب مطولًا عند فترة ما قبل النكبة، حيث تصاعدت أعمال العنف بشكل غير مسبوق. ففى هذه المرحلة، شهدت فلسطين مجازر شهيرة مثل مذبحة دير ياسين التى شكلت علامة فارقة فى الوعى الفلسطينى والعربى. فيروى الكتاب تفاصيل تلك المجزرة التى ارتكبتها العصابات الصهيونية فى قرية صغيرة غرب القدس عام 1948، والتى راح ضحيتها المئات من المدنيين العزّل. لم تكن المذبحة مجرد جريمة قتل جماعى، بل كانت أداة نفسية لإرهاب الفلسطينيين ودفعهم للفرار من قراهم. ويؤكد المؤلفان أن وقع دير ياسين تجاوز حدود القرية، إذ كانت بمثابة رسالة رعب وصلت إلى كل أرجاء فلسطين، ساهمت فى تسريع عملية التهجير القسرى التى أعقبت إعلان قيام دولة الاحتلال.
ولا يقتصر الحديث على دير ياسين، بل يسرد المؤلفان قائمة طويلة من القرى الفلسطينية التى شهدت مذابح مماثلة، مثل الطنطورة والصفصاف واللد والرملة، موضحين أن تلك المجازر كانت تشكّل حلقات متصلة فى مخطط واحد يستهدف إفراغ فلسطين من أهلها، بشهادات ضباط صهاينة وقادة عسكريين اعترفوا فيما بعد بأن الهدف لم يكن فقط السيطرة العسكرية بل تطهير الأرض من سكانها الأصليين.
ويمضى الكتاب فى رسم صورة دامية لمرحلة ما بعد النكبة، حيث لم تتوقف المجازر عند حدود عام 1948 بل تواصلت فى شكل هجمات متكررة على اللاجئين والمخيمات والقرى المتبقية. فى هذا السياق يذكر الكاتبان مجازر غزة وخانيونس عام 1956 حين اجتاحت القوات الإسرائيلية القطاع وأعدمت المئات من المدنيين بدم بارد. كما يعرض لمجازر ارتكبت فى الضفة الغربية، مثل مذبحة كفر قاسم عام 1956 أيضًا، حين قامت قوات الاحتلال بقتل عشرات المدنيين العائدين من حقولهم بحجة خرق حظر التجول، فى جريمة تجسد الطبيعة العنصرية للكيان.
ويكشف أن هذه الجرائم لم تكن حوادث معزولة بل جرى التغطية عليها رسميًا من قبل المؤسسات الإسرائيلية، حيث تم تبريرها أو التخفيف من وطأتها أمام الرأى العام العالمى، بينما على الأرض ظل الفلسطينيون يدفعون ثمن سياسة الدم والتهجير.
ويشير المؤلفان إلى أن إسرائيل نجحت إلى حد بعيد فى استغلال ضعف الإعلام العربى فى تلك الحقبة والتواطؤ الغربى لتبرير ممارساتها، مقدمة نفسها دومًا كضحية رغم كونها الجلاد.
ثم يتم تتبع المجازر التى ارتكبت فى حقبة ما بعد حرب 1967، حيث دخل الاحتلال الإسرائيلى مرحلة جديدة من السيطرة على كل فلسطين التاريخية تقريبًا. فالمجازر امتدت هذه المرة إلى الضفة وغزة وعمليات الإبادة فى القرى البعيدة والمخيمات. ومن أبرز ما يوثقه الكاتب مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 التى ارتكبتها الميليشيات اللبنانية المتحالفة مع إسرائيل تحت إشراف الجيش الإسرائيلى.
يصف المؤلفان هذه المذبحة بأنها واحدة من أبشع الجرائم فى التاريخ الحديث، إذ راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، بينما كانت القوات الإسرائيلية تحيط بالمخيمات وتمنع أى محاولة للهرب، تاركة الساحة مفتوحة للذبح والاغتصاب والحرق.
ويتوقف الكتاب أيضًا عند مذبحة الحرم الإبراهيمى فى الخليل عام 1994 حين اقتحم المستوطن المتطرف باروخ جولدشتاين المسجد أثناء صلاة الفجر فى شهر رمضان وقتل العشرات من المصلين، فى جريمة تعكس بوضوح حجم الحقد المتجذر فى الفكر الاستيطانى. ويبرز المؤلف أن خطورة هذه الجريمة لم تكمن فقط فى عدد الضحايا، بل فى الطريقة التى تعامل بها الاحتلال مع الحدث، إذ فرض عقوبات على الفلسطينيين أنفسهم، وأغلق الحرم وقسّمه، بينما حظى المستوطن القاتل بحماية سياسية ودينية من أوساط واسعة داخل المجتمع الإسرائيلى.
ويمتد السرد ليغطى أحداث الانتفاضة الأولى والثانية، حيث تكررت مشاهد القتل الجماعى فى المخيمات والمدن الفلسطينية. فالكتاب يوثق مجازر مثل مذبحة مخيم جنين عام 2002 التى استخدمت فيها إسرائيل الدبابات والجرافات لهدم البيوت فوق ساكنيها، إضافة إلى القصف الكثيف الذى أوقع مئات الشهداء. كما يعرج على سلسلة من الجرائم فى قطاع غزة، خاصة خلال الحروب المتعاقبة منذ 2008 وحتى العدوانات اللاحقة، حيث تحولت غزة إلى مسرح متكرر للمجازر المفتوحة، من قصف المدارس التابعة للأونروا إلى تدمير الأبراج السكنية والمستشفيات.
ويحاول المؤلف أن يقدم قراءة تحليلية إلى جانب السرد التوثيقى، فيرى أن المجازر الإسرائيلية لم تكن يومًا رد فعل عفوى أو طارئًا عسكريًا، بل هى جزء أصيل من عقيدة الاحتلال القائمة على فكرة «الردع عبر الرعب». فإسرائيل تسعى دومًا إلى استخدام العنف المفرط لإيصال رسالة للفلسطينيين بأن المقاومة مستحيلة وأن البقاء على الأرض مكلف للغاية. لكن المفارقة، كما يشير الكتاب، أن هذه السياسة لم تنجح فى كسر إرادة الفلسطينيين، بل زادت من صلابتهم وإصرارهم على التمسك بحقوقهم.
وفى ختام الكتاب، يوجه المؤلفان رسالة واضحة مفادها أن الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ليست أحداثًا من الماضى بل واقعًا مستمرًا. فما دام الاحتلال قائمًا والمشروع الصهيونى ماضيًا فى سياساته الاستيطانية والإقصائية، فإن خطر المجازر لا يزال ماثلًا. ويؤكد أن مسؤولية المجتمع الدولى ليست فقط فى إدانة ما جرى بل فى اتخاذ خطوات عملية لمحاسبة المجرمين ووقف تكرار هذه الجرائم.
الكتاب فى مجمله لا يقدّم مجرد رصْد تاريخى، بل شهادة اتهام مفتوحة ضد كيان لم يتوقف منذ نشأته عن ممارسة القتل الجماعى والتطهير العرقى. وهو أيضًا دعوة للوعى والتذكر، لئلا تتحول فلسطين إلى مجرد خبر قديم، بل تبقى قضيتها حاضرة باعتبارها واحدة من أعظم مآسى العصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.