تحليل لشبكة «سي إن إن» يكشف تاريخ ترامب الطويل مع تزييف الوقائع (تقرير)

زعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه توقع بشكل صحيح نتيجة الاستفتاء البريطاني على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي عام 2016، وذلك خلال زيارة له إلى ملعب الجولف المملوك له في إسكتلندا، «قبل يوم من التصويت»، وفقًا لما نقلته «سي. إن. إن» الأمريكية.
وبحسب «سي. إن. إن»، سأل ترامب الصحفيين: «تتذكرون؟» ثم أضاف: «في الواقع، كان من المستحيل لهم تذكّر ذلك؛ فهو حدث لم يقع أصلًا، فترامب زعم أنه كان في إسكتلندا، (قبل يوم من التصويت)، ولكن في الحقيقة، زيارته إلى هناك كانت بعد الاستفتاء، ولم يكن قد أدلى بأي توقعات علنية آنذاك».
ووفقًا لمحلل الحقائق، دانيال دايل، فإن هذا ليس سوى أحد الأمثلة على نمط لدى ترامب من «اختلاق التاريخ»، ويقول «دايل»: «القصة التخيلية التي رواها الرئيس عن هذا الحدث الذي وقع منذ 9 سنوات قد تبدو تافهة مقارنة بكذبه حول قضايا أكثر إلحاحًا مثل التضخم، والحرب في أوكرانيا، لكنها جزء من نمط طويل، سلسلة من القصص المفبركة، عن تاريخه الخاص وتاريخ العالم».
وأضاف «دايل»: «لدى ترامب دوافع واضحة لقصصه الخيالية، فهي تهدف إلى تضخيم قدراته على المباينة والفطنة في الشؤون المحلية والدولية، وتجميل سيرته الذاتية ومسيرته في المنصب، وتحقير خصومه السياسيين».
القصص التي يرويها ترامب غالبًا ما تكون مثيرة وإن كانت مختلقة
وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن قصص ترامب «التاريخية» غالبًا ما تكون مليئة بالتفاصيل الزاهية والاقتباسات المتخيلة، مما يجعلها تبدو أكثر صدقية ويسهّل تثبيتها في أذهان الناخبين. مسؤول في البيت الأبيض، ردًّا على أسئلة صحيفة سي أن أن بشرط عدم ذكر اسمه، أوضح أن ترامب توقّع بالفعل نتيجة «بريكست» بشكل صحيح.
وفيما يلي تدقيق لثمانية أمثلة أخرى من القصص الخاطئة التي رواها ترامب عن الماضي خلال الشهرين الماضيين فقط:
- ادعاؤه الخاطئ أنه أصدر تحذيرًا «لا تدخلوا» ضد غزو العراق عام 2003.
- قصته المختلقة عن محادثة مزعومة مع عمّه الراحل حول «مفجر الجامعات».
- ادعاؤه الخاطئ بأنه هو من أرسل الحرس الوطني خلال الاضطرابات في مينابولس عام 2020.
- ادعاؤه الخاطئ أنه وقّع قانونًا في 2020 يفرض عقوبة سجن تلقائية لمدة 10 سنوات على من يخرّب النصب التذكارية.
- ادعاؤه الخاطئ بأنه كان يتحدث «بسخرية» عندما وعد مرارًا بإنهاء حرب روسيا على أوكرانيا خلال 24 ساعة من عودته إلى المنصب.
- ادعاؤه الخاطئ بأن الاتحاد الأوروبي تأسس لاستغلال الولايات المتحدة-
- ادعاؤه الخاطئ بأن الرسوم الجمركية فُرضت فقط بعد الكساد الكبير، وليس خلاله.
- ادعاؤه الخاطئ بأن كوريا الجنوبية أقنعت الرئيس السابق جو بايدن بالسماح لها بالتوقف عن دفع أي مساهمات لتغطية تكلفة الوجود العسكري الأمريكي هناك.
ترامب وحرب العراق
لطالما ادعى ترامب، وهو يروّج لحنكته في السياسة الخارجية، أنه حذر علنًا الولايات المتحدة من غزو العراق عام 2003. كرر ذلك في يونيو الماضي، قائلًا: «قلت ذلك بوضوح، لكنني كنت مدنيًا، أعتقد أنني حصلت على الكثير من التغطية الإعلامية، كنت معارضًا جدًا لحرب العراق. قلت: لا تدخلوا، لا تدخلوا، لا تدخلوا. وقلت: إذا كنتم ستدخلون، فاحفظوا النفط». لكن هذه الاقتباسات لم تصدر عنه قط.
لا يوجد أي سجل عام يظهر أن ترامب أصدر مثل هذا التحذير قبل الغزو. على العكس، عندما سأله المذيع هوارد ستيرن في سبتمبر 2002 إن كان «مع غزو العراق»، أجاب ترامب: «نعم، أعتقد ذلك. أتمنى لو أن الأمر أُنجز بشكل صحيح في المرة الأولى». وفي مقابلة على «فوكس» في يناير 2003، لم يبدِ رأيًا حاسمًا، بل قال إن على الرئيس جورج بوش أن «يفعل شيئًا أو لا يفعل شيئًا». بدأت انتقاداته العلنية للحرب فقط بعد بدئها عام 2003، وأصبح معارضًا صريحًا في 2004.
ترامب و«المفجر الجامعي»
استحضر ترامب، مرارًا اسم عمّه الراحل جون ترامب، أستاذ الهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كدليل على ذكائه «الموروث»، لكنه اختلق قصة تربطه بالإرهابي تيد كاتشينسكي، مدعيًا أن الأخير كان أحد طلاب عمّه، وأنه سأله عن مستواه الأكاديمي. هذه المحادثة مستحيلة؛ إذ لا دليل على أن كاتشينسكي درس في ماساتشوستس للتكنولوجيا، وعلاوة على ذلك توفي عم ترامب عام 1985، أي قبل أكثر من عقد من الكشف عن هوية «المفجر الجامعي» عام 1996.
ترامب والاضطرابات في مينابولس
في خطاب بقاعدة فورت براج في يونيو، قال ترامب إنه هو من استدعى الحرس الوطني لإنقاذ المدينة بعد مقتل جورج فلويد. في الواقع، كان الحاكم تيم والز هو من أرسل الحرس، قبل أكثر من سبع ساعات من تهديد ترامب العلني بإرسالهم.
ترامب وتخريب النصب التذكارية
وفي ولاية أيوا، روى ترامب أنه وقّع «قانونًا» من عام 1909 يفرض السجن عشر سنوات فورًا على أي شخص يلمس نصبًا تذكاريًا، وأن ذلك أوقف مسيرة كانت متجهة نحو نصب جيفرسون. لكن ذلك لم يحدث؛ إذ لم يوقع ترامب أي قانون جديد، بل أصدر أمرًا تنفيذيًا يطلب من المدعي العام إعطاء الأولوية لملاحقة المتورطين بأقصى عقوبة يسمح بها القانون القائم.
ترامب وحرب أوكرانيا
ادعى الرئيس الأمريكي، أنه كان «يمزح» عندما وعد بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة، لكن تحقيقات إعلامية وثّقت أكثر من خمسين مناسبة كرر فيها الوعد بنبرة جدية تمامًا خلال حملته الانتخابية.
ترامب وتاريخ الاتحاد الأوروبي
قال ترامب، إن الاتحاد الأوروبي تأسس لاستغلال الولايات المتحدة تجاريًا. المؤرخون وصفوا هذا الادعاء بأنه «سخيف» و«خاطئ تمامًا»، مشيرين إلى أن الرؤساء الأمريكيين دعموا فكرة التكامل الأوروبي لتحقيق الاستقرار والازدهار.
الرسوم الجمركية والكساد الكبير
ادعى ترامب، أن الرسوم فُرضت بعد الكساد الكبير، بينما الواقع أن قانون «سموت-هاولي» أُقر في عام 1930، في بدايات الأزمة، وأسهم في تفاقمها.
ترامب وكوريا الجنوبية
قال ترامب، إن بايدن سمح لكوريا الجنوبية بالتوقف كليًا عن دفع مساهمتها في تكاليف الوجود العسكري الأمريكي هناك. في الحقيقة، وقعت إدارة بايدن اتفاقين مع سيول عامي 2021 و2024، تضمنا زيادات في مساهمة كوريا.