دعوة أممية لوضع حد «للكابوس التاريخي» في غزة (تقرير)

دعت الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي التابع لها للضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذرة من أن الحرب أصبحت «كابوسا ذا أبعاد تاريخية»، فيما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن العمليات الإنسانية الأممية في القطاع تتعرض حاليا لضغوط شديدة، ويواجه موظفو الإغاثة مخاطر أمنية جسيمة.
وحث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، مجلس الأمن الدولي على الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، محذرا من أن الحرب أصبحت «كابوسا ذا أبعاد تاريخية».
وحذر «خياري»، خلال حديثه في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، من أن «الوضع المروع» في القطاع يتدهور باستمرار، في خضم اتساع العمليات العسكرية الإسرائيلية والأعمال العدائية وتزايد الخسائر البشرية ساعة بعد ساعة.
وقال خياري، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في دير البلح، والتي أدت إلى مزيد من نزوح الفلسطينيين والضربات المباشرة على منزلي ضيافة تابعين للأمم المتحدة، «فاقمت الوضع المتردي وأعاقت العمليات الإنسانية».
وقال المسؤول الأممي إن ما لا يقل عن 1891 فلسطينيا قُتلوا في غزة منذ إحاطته الأخيرة في 30 يونيو الماضي، وفقا لوزارة الصحة في غزة، حيث أفيد بأن حوالي 294 شخصا قُتلوا أثناء محاولتهم جمع المساعدات، بما في ذلك بالقرب من مواقع توزيع المساعدات العسكرية، بينما واصلت القوات الإسرائيلية إصدار أوامر الإخلاء، مما تسبب في نزوح متكرر للسكان.
وأضاف خياري، أن الوضع داخل القطاع- وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال- «أكثر خطورة من أي وقت مضى في هذه الأزمة».
وحول أزمة الوقود في القطاع، أوضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي سمحت بدخول عدد قليل من شاحنات الوقود عبر معبر كرم أبوسالم، منذ 9 يوليو الجاري، وبعد 130 يوما من الحظر الكامل على الوقود، مشيرا إلى أن الكميات التي سمح بدخولها «لا تمثل سوى جزء ضئيل مما هو مطلوب لتشغيل الخدمات الأساسية المنقذة للحياة في غزة، حيث تعتمد جميع جوانب الحياة تقريبا على الوقود».
وحث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك أعضاء المجلس، «على اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتحقيق هذه الغاية».
وقال خياري لمجس الأمن، إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لا تزال تواجه ضغوطا تشغيلية وسياسية ومالية هائلة، وقد فقدت 330 من موظفيها في الحرب في غزة، مضيفا: «لا يمكنني المبالغة حول مدى خطورة الأزمة المالية للوكالة. وبناء على التوقعات الحالية، لا يوجد ما يكفي من المال لدعم جميع العمليات في جميع المجالات بعد أغسطس 2025».
وأكد أن هناك حاجة إلى خطوات عاجلة «لعكس المسار المقلق للغاية الذي نراه في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية»، وشدد على أنه لن يكون هناك حل دائم لهذه الأزمة دون أفق سياسي لحل الصراع وإنهاء الاحتلال.
وقال إن الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يزال مقلقا للغاية، مع ارتفاع مستويات العنف الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، والتي تنطوي على العديد من الإصابات في صفوف المدنيين وأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية، وهجمات المستوطنين على الفلسطينيين، وهجمات الفلسطينيين على الإسرائيليين.
وأشار إلى أن التقدم الاستيطاني مستمر أيضا، حيث كثف العديد من الوزراء وأعضاء الكنيست دعواتهم للحكومة لضم الضفة الغربية رسميا أو أجزاء منها.
وأوضح المسؤول الأممي، أن السلطة الفلسطينية لا تزال تواجه أزمة مالية حادة، الأمر الذي قال إنه يؤثر بشدة على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأساسية والحفاظ على الخدمات العامة الأساسية.
وحذر قائلا: «ما لم تتم معالجة تدهور الوضع المالي والمؤسسي للسلطة الفلسطينية على وجه السرعة، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة، مما يقوض التقدم الكبير المحرز على مدى سنوات عديدة لبناء المؤسسات الفلسطينية، من الضروري أن يقدم المجتمع الدولي دعما فوريا لمواجهة تحدياتها المالية، وتعزيز قدرتها على الحوكمة، وإعدادها لاستئناف مسؤولياتها في غزة».
في سياق متصل، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن العمليات الإنسانية الأممية في غزة تتعرض حاليا لضغوط شديدة، ويواجه موظفو الإغاثة مخاطر أمنية جسيمة، ولا تزال المعابر غير موثوقة، ويتم تأخير الإمدادات الأساسية أو منعها بشكل روتيني.
وأوضح «دوجاريك» في مؤتمر صحفي، مساء أمس الأربعاء، أن الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لاغتنام فرصة وقف إطلاق النار بهدف توسيع نطاق العمليات الإنسانية بشكل كبير في جميع أنحاء قطاع غزة، «مثلما فعلنا خلال وقف إطلاق النار السابق».
وأضاف: «خططنا جاهزة.. ولكن لإحداث فرق حقيقي، يجب على إسرائيل تمكين إيصال المساعدات بشكل آمن ودون عوائق، والسماح بدخول المعدات الأساسية والوقود».
وأكد دوجاريك على ضرورة فتح جميع المعابر واستعادة الحركة على طول طرق الإمداد الرئيسية، مشددا في الوقت نفسه، على ضرورة أن يتمكن العاملون في المجال الإنساني من العمل بأمان. وكما أكد ضرورة السماح للناس بالتنقل بحرية وأن تصل الإمدادات، بما في ذلك من القطاع الخاص، إلى جميع أنحاء غزة.
وقال إنه «إذا تم استيفاء هذه الشروط، فسنعطي الأولوية بشكل عاجل لتوفير الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية والحماية للمدنيين في غزة الذين يواجهون صعوبات لا يمكن تصورها لفترة طويلة جدا».