شارك صحافة من وإلى المواطن

الصلاة الصادقة
سؤال عميق يتردد فى نفوس المخلصين وهم يتلون قوله تعالى: «إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»، فالله عز وجل لم يقل «ستنهى»، بل قال «تنهى»، بصيغة الحاضر، لتدل على أن الصلاة الحقيقية لها أثر مباشر، فعّال، دائم.
إنها تنهى الآن، فالمصلّى ينبغى أن ينتهى عن الفحشاء والمنكر فى التو واللحظة.
لكن إذا نظرنا إلى واقعنا المؤلم سنجد مشهدًا مُربكًا، من يُصلى ويكذب، ومن يُصلى ويغش، ومن يُصلى ويرتشى، ومن يُصلى ويهمل عمله، ومن يُصلى ويشهد زورًا، من يُصلى ويحرم أخواته من الميراث، فكل هؤلاء يُصلّون.
لقد تحولت الصلاة لدى البعض إلى مجرد طقوس، ركوع، قيام، سجود، ألفاظ تُتلى دون أن تلامس القلب، أو تهذّب السلوك. أصبحت عادة يومية، لا عبادة تقود إلى نقاء الروح وصلاح العمل.
أما الصلاة، التى أرادها الله، فهى طُهرٌ وسُمو، تقوى وسلوك، نورٌ يضىء القلب ويُهذّب الجوارح. فليست الصلاة لحظات داخل المسجد فقط، بل هى سلوك دائم خارج المسجد أيضًا.
وقد فسّرت الدكتورة عائشة عبدالرحمن «بنت الشاطئ» قوله تعالى: «فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون» فقالت: إن السهو هنا لا يعنى نسيان وقت الصلاة فقط، بل الغفلة عن حقيقتها، عن أثرها فى تطهير النفس، وتهذيب الأخلاق، والنهى عن الفساد والمنكر.
لقد بات التساؤل حاضرًا فى العيون، وعلى الشفاه، وفى ضمير الأمة: متى نصلِّى كما أرادنا الله أن نُصلِّى؟ متى تصبح صلاتنا نورًا يهدينا إلى الخير، ويبعدنا عن المنكر؟ خلاصة القول: حين يُقيم كل فرد فى هذه الأمة الصلاة بمعناها الحقيقى، صلاة تردعه عن الفحشاء والمنكر، وتدفعه نحو الخير والعدل، ساعتها فقط نكون قد صلّينا بحق. وساعتها فقط نستحق أن نكون أعزَّ أمَّة، وأرقى أمَّة، وأطهر أمَّة عرفها التاريخ.
د. مُحمد مهدى العلقامى- دكتوراه فى اللغة العربية- جامعة القاهرة