«الجارديان»: الإسلاموفوبيا في قلب نيويورك.. والعمدة المسلم زهران ممداني مهدد بالاغتيال

تصاعدت الهجمات المعادية للإسلام على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأوساط السياسية اليمينية الأمريكية، عقب فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لمنصب عمدة مدينة نيويورك، وهو الاشتراكي الديمقراطي ذو الأصول المسلمة والمهاجرة، والبالغ من العمر 33 عامًا، وفقًا لما نقلته صحيفة «الجارديان» البريطانية.
زهران ممداني مهدد بالقتل
بحسب الصحيفة، فإن زهران ممداني، الذي سيصبح أول عمدة مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة، تعرّض لسيل من التهديدات بالقتل وخطاب الكراهية، وسط حملات وصفته ب«الإرهابي الجهادي» و«المتعاطف مع حماس»، في سياق تعبئة منظمة من شخصيات جمهورية بارزة وناشطين على الإنترنت.
وأوضحت «الجارديان» أن هذه الهجمات جاءت نتيجة تلاقي المشاعر المعادية للمسلمين مع الاستقطاب السياسي العميق في البلاد، حيث تم استخدام خلفية ممداني الدينية والمهاجرة ومواقفه التقدمية لتأطير فوزه كتهديد حضاري.
مطالب بترحيل ممداني
أدعت الناشطة اليمينية المتطرفة- بحسب الصحية البريطانية- لورا لومر، إن حادثة 11 سبتمبر 2001 ستحدث قريبًا في نيويورك، إذا تولى ممداني المنصب، بينما وصفته عضو مجلس المدينة فيكي بالادينو ب«إرهابي معروف» وطالبت بترحيله، رغم جنسيته الأمريكية.
وانضم عدد من رموز إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب السابقة إلى الهجوم، مثل نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر الذي اعتبر انتخاب ممداني تحذيرَا صارخًا من فشل ضبط الهجرة.
أما النائبة إليز ستيفانيك، فأرسلت رسائل بريدية لجمع التبرعات وصفت فيها ممداني ب«متعاطف مع حماس»، حتى قبل إعلان النتائج النهائية.
من جانبه، نشر دونالد ترامب منشورًا مثيرًا قال فيه: «أتذكّر عندما كان سكان نيويورك يتحملون أحداث 11 سبتمبر بدلًا من التصويت لها»، مضيفًا: «لقد سقطت نيويورك». فيما نشرت مارجوري تايلور جرين صورة مُولدة بالذكاء الاصطناعي تُظهر تمثال الحرية مرتديًا البرقع، في مشهدٍ اعتبرته «الجارديان» دليلًا على تصاعد الكراهية الممنهجة.
وبحسب تصريحات أدلى بها «ممداني» للجارديان، فقد تلقى تهديدات متكررة، بينها رسائل صوتية تهدد بتفجير سيارته، ما دفع حملته إلى تشديد إجراءات الأمن، وعلى إثر ذلك، وأكد فريق جرائم الكراهية في شرطة نيويورك أنه يجري تحقيقات في هذه التهديدات، التي شملت إشارات إلى أجهزة متفجرة شبيهة بتلك التي استخدمتها إسرائيل في عملياتها ضد حزب الله.
إسلاموفوبيا في قلب نيويورك
قالت منظمة كير (مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية) للصحيفة إن هذه الهجمات تكرار لنمط طويل من الإسلاموفوبيا، حيث يتم تصوير المسلمين كتهديد وجودي.
واعتبر مدير الأبحاث بالمنظمة، كوري سايلو، أن استهداف ممداني يعكس انتشار خطاب «المسلم العدو» المتجذر في المجتمع الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر.
في خضم هذه الأجواء، عبّر ممداني عن تأثره العميق من حجم الكراهية قائلًا: «أتلقى رسائل تقول إن المسلم الجيد هو المسلم الميت. تهديدات لي ولمن أحب. لكنني أواصل العمل لجعل هذه المدينة مكانًا يشعر فيه كل نيويوركي بأنه مُرحب به».
وفي ختام تقريرها، اعتبرت الجارديان أن الهجوم على ممداني لا يُظهر فقط حدود تقبل التعددية في السياسة الأمريكية، بل يكشف أيضًا عن مدى هشاشة الديمقراطية عندما تواجه موجات من التحريض والكراهية.
أصول زهران ممداني
وُلد ظهران ممداني عام 1991 في أوغندا لأسرة ذات أصول هندية، وهاجر في طفولته إلى الولايات المتحدة حيث نشأ في مدينة نيويورك. وهو نجل المفكر والمخرج الأوغندي-الهندي محمود ممداني، والكاتبة والصحفية ميريام بيرنبوم.
وقبل دخوله المجال السياسي، عمل ممداني منظمًا مجتمعيًا وسائق سيارة أجرة، واشتهر بنشاطه في قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق المهاجرين والسكن، في حين أنه انتُخب في عام 2020، نائبًا في جمعية ولاية نيويورك ممثلًا عن الدائرة 36 في كوينز، وكان من أوائل المسلمين الذين يشغلون مناصب تشريعية على مستوى الولاية.
ويُعرف ممداني نفسه بأنه «تقدمي مسلم»، وينادي بإصلاحات جذرية تشمل العدالة الاقتصادية، والنقل العام المجاني، ووقف زيادات الإيجارات، وتوسيع برامج التعليم ورياض الأطفال، في حين أنه تعهد بوقف زيادات الإيجار، وتوفير التعليم المبكر المجاني، وتوسيع شبكة الحافلات لتكون مجانية بالكامل، بهدف تخفيف أعباء المعيشة عن ذوي الدخل المحدود.
وكان زهران ممداني فاز بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، حيث أنه حصد أكثر من 45% من الأصوات، متفوقًا على حاكم الولاية السابق، أندرو كومو الذي حصد 36% من الأصوات.