«النووي» يشعل ال نيوز رووم.. كيف غيرّ الإعلام الأمريكي قواعد اللعبة مع إيران؟

وسائل الإعلام الأمريكية، كما هو الحال في أي نزاع دولي كبير، تميل إلى صياغة عناوينها بناءً على التطورات الميدانية، السياسات الحكومية، والجمهور المستهدف.
في سياق الحرب الإسرائيلية-الإيرانية التي بدأت فجر الجمعة (13 يونيو 2025)، والتي تصاعدت بدخول الولايات المتحدة عسكريًا في 22 يونيو الجاري، لوحظ تغييرات مباشرة بشكل مفاجئ في عناوين الأخبار في النيوز رووم والبث المباشر على مدار الساعة بما يعكس حالة التحول من التركيز على «الدعم الدفاعي» لإسرائيل إلى «الانخراط المباشر» في قلب الصراع.
قبل 22 يونيو 2025.. مرحلة الدعم غير المباشر
ركزت العناوين على الضربات الإسرائيلية على إيران، مثل استهداف المنشآت النووية، مع الإشارة إلى الدور الأمريكي كداعم لإسرائيل عبر توفير أنظمة دفاع جوي (مثل اعتراض الصواريخ الإيرانية).
أبرز التغطيات للشبكات الأمريكية
CNN: «إسرائيل تستهدف مواقع نووية إيرانية، والولايات المتحدة تقدم دعمًا دفاعيًا» (من 13-20 يونيو الجاري).
New York Times: «ترامب يحذر إيران، لكنه يتجنب التورط المباشر» (19 يونيو الجاري).
كانت النبرة حذرة، مع التركيز على «عدم الرغبة في حرب شاملة»، كما أشار السيناتور تيم كين إلى معارضة الأمريكيين للتورط في حرب جديدة.
بعد 22 يونيو 2025.. مرحلة الانخراط المباشر
مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ ضربات أمريكية على ثلاث منشآت نووية إيرانية (فوردو، نطنز، أصفهان)، تغيرت العناوين بشكل جذري لتعكس دخول الولايات المتحدة في الحرب بشكل مباشر.
أمثلة على عناوين وسائل إعلام أمريكية:
New York Times: «الولايات المتحدة تدخل في حرب مع إيران» (22 يونيو).
Axios: «الهجوم الأمريكي يهدف إلى دعم إسرائيل لتفكيك البرنامج النووي الإيراني» (22 يونيو).
CNN: «ترامب يعلن ضربات دقيقة على إيران، وسط تحذيرات من تصعيد خطير» (22 يونيو).
النبرة في وسائل الإعلام الأمريكية تحولت إلى التركيز على «التصعيد غير المسبوق» و«المرحلة الخطيرة»، مع إبراز الانقسامات السياسية الداخلية، خاصة داخل الحزب الجمهوري، حول قرار ترامب.
ما الأسباب وراء تغيير العناوين؟
1. التطورات العسكرية:
الضربات الأمريكية المباشرة على إيران (22 يونيو) أنهت الغموض الاستراتيجي الذي حافظ عليه ترامب سابقًا، مما دفع وسائل الإعلام إلى استخدام لغة أكثر وضوحًا مثل «حرب» و«انخراط مباشر».
2. الضغط السياسي الداخلي:
معارضة الديمقراطيين (مثل تيم كين) وقاعدة ترامب الانتخابية التي ترفع شعار «أمريكا أولًا» مثل ستيف بانون كبير مستشاري ترامب الاستراتيجيين سابقا دفعت وسائل الإعلام إلى إبراز الانقسامات السياسية في عناوينها.
3. الجمهور المستهدف:
القنوات المحافظة (مثل Fox News) ركزت على تبرير الضربات كضرورة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، بينما القنوات الليبرالية (مثل MSNBC) ركزت على المخاطر الإقليمية والدولية.
رصد القنوات الأمريكية
CNN:
ركزت في تغطيتها وبثها المباشرعلى التطورات الميدانية، مثل إطلاق إيران صواريخ باليستية على إسرائيل (10-15 صاروخًا) والضربات الأمريكية على إيران وتحولت العناوين من «إسرائيل تواجه إيران» إلى نبرة حذرة.
مع التركيز على المخاطر الإقليمية وتحذيرات من هجمات إيرانية محتملة داخل الولايات المتحدة مثل «أمريكا تتصدر الصراع مع إيران» بعد 22 يونيو الجاري، بعد أن كانت العناوين في وقت سابق: «السلطات الأمريكية تراقب التهديدات الإيرانية المحتملة داخل الولايات المتحدة» (21 يونيو).
New York Times:
ركزت تغطيتها على تقارير تحليلية معمقة، مع التركيز على السياق السياسي والدبلوماسي، مثل تصريحات ترامب ومعارضة الكونغرس وتحولت العناوين إلى لغة قوية نقدية تجاه قرارات ترامب، مع الإشارة إلى مخاطر توسع الحرب مثل «الولايات المتحدة تدخل في حرب مع إيران»، مع إبراز الانقسامات الداخلية.
Fox News:
ركزت تغطيتها على الدعم الواضح لقرارات ترامب، مع التركيز على «تهديد إيران النووي» وتبرير الضربات الأمريكية كضرورة أمنية.
وركزت العناوين على «نجاح» الضربات الأمريكية و«تدمير» المنشآت النووية الإيرانية، بنبرة مؤيدة للسياسة الخارجية المتشددة، مع انتقاد المعارضين الديمقراطيين، على سبيل المثال جاء هذا العنوان: «ترامب يوجه ضربة قاصمة للبرنامج النووي الإيراني» (بعد 22 يونيو).
Axios:
تركز في تغطيتها على تقارير موجزة عن الجوانب الاستراتيجية، مثل دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في تفكيك البرنامج النووي الإيراني بعناوين محايدة نسبيا مع التركيز على الدوافع الاستراتيجية: «الهجوم الأمريكي يدعم إسرائيل في مواجهة إيران» (22 يونيو)، «أكسيوس: الهجوم الأمريكي هدفه دعم إسرائيل لتفكيك البرنامج النووي الإيراني».
MSNBC:
ركزت التغطية على الانتقادات الموجهة لترامب، مع إبراز المخاطر الإقليمية والدولية للتصعيد، بعناوين معارضة للتورط العسكري، مع التركيز على الحلول الدبلوماسية: «تصعيد خطير: أمريكا تتورط في حرب مع إيران» (بعد 22 يونيو)، «معارضة الكونغرس للحرب».
ABC News:
ركزت في تناولها على التحذيرات المسبقة من التصعيد، مثل تقارير عن استعداد إسرائيل لضرب إيران (12 يونيو)، بعناوين محايدة، مع التركيز على السياق الدبلوماسي: «أمريكا تدخل مرحلة جديدة في الصراع مع إيران» (محتمل بعد 22 يونيو)، «إسرائيل تستعد لضرب إيران، والولايات المتحدة على علم مسبق» (12 يونيو).
هل هذه سابقة تاريخية في تغطية الإعلام الأمريكي؟
إلى حد كبير تمثل الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية في 22 يونيو 2025 أول تدخل عسكري أمريكي مباشر ضد إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 (عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر).
في السابق، كانت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تتم عبر حروب بالوكالة (مثل دعم إيران لحزب الله وحماس، أو اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني عام 2020).
أول هجوم مباشر من إيران على إسرائيل، بدأت في أبريل 2024 (عملية «الوعد الصادق»)، لكن الولايات المتحدة لم تشارك هجوميًا، بل دافعت فقط.
ولذلك تعد الضربات الأمريكية في 2025 سابقة، لأنها أدخلت الجيش الأمريكي مباشرة في الحرب، كما أشارت تقارير «نيويورك تايمز».
وفي تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ذكر أن الرئيس ترامب أدخل الجيش الأمريكي مباشرة في صراع مفتوح مع إيران الان، وهو ما حاول عدد من الرؤساء الأمريكيين، منذ جيمي كارتر، تجنبه.
ما الجديد في تغطية يونيو 2025؟
1. السرعة والتأثير:
تحول العناوين في غضون ساعات بعد الضربات الأمريكية (22 يونيو) يعكس تأثير وسائل التواصل الاجتماعي (مثل منصة X) في تسريع نشر الأخبار.
2. الانقسام السياسي:
التغطية أبرزت انقسامًا واضحًا داخل الحزب الجمهوري بالكونغرس، وهو أمر نادر مقارنة بحروب سابقة حيث كان هناك توافق نسبي.
3. التركيز على النووي:
العناوين ركزت بشكل غير مسبوق على «التهديد النووي الإيراني»، خاصة بعد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن عدم امتثال إيران (12 يونيو).
مقارنة مع أحداث سابقة
حرب الخليج 1991:
تحولت العناوين من «تحذيرات لصدام» إلى «أمريكا تقود تحالفًا ضد العراق»، لكن الإجماع السياسي كان أقوى.
اغتيال سليماني 2020:
ركزت العناوين على «ضربة أمريكية ضد إيران»، لكن لم تتطور إلى حرب شاملة، فظلت التغطية محدودة.
لكن الوضع صار مختلفا في 22 يونيو 2025، التغطية فريدة بسبب السياق النووي، التصعيد السريع، والدور المباشر للولايات المتحدة في حرب إقليمية ضد دولة ذات نفوذ كبير مثل إيران.
توجهات الصحف والقنوات في التغطية المباشرة
1. القنوات المحافظة (Fox News وNewsmax):
دعمت الضربات الأمريكية، مع التركيز على «حماية الأمن القومي» و«منع إيران من السلاح النووي»، ربما استخدمت عبارات مثل «انتصار استراتيجي» أو «قوة أمريكية».
2. القنوات الليبرالية (CNN وMSNBC):
ركزت على المخاطر، مثل «توسع الحرب» و«رد إيران المحتمل»، مع انتقادات لترامب بسبب «عدم التشاور مع الكونغرس».
3. الصحف (New York Times وWashington Post):
قدمت تحليلات معمقة، مع إبراز الانقسامات السياسية والتداعيات الدولية (مثل مواقف العراق وعُمان).
4. وسائل التواصل الاجتماعي عبر منصة (X):
ساهمت في تضخيم الأخبار، حيث انتشرت عناوين مثل «أمريكا تدخل حربًا مع إيران» بسرعة، مما ضغط على القنوات التقليدية لمواكبة الزخم.
رصد سياسة القنوات الأمريكية
CNN: حذرة، تركز على المخاطر، New York Times: تحليلية، تبرز الانقسامات، Fox News: داعمة لترامب، Axios: استراتيجية ومحايدة، MSNBC: معارضة للتصعيد.
التغطية لا تزال مستمرة، وقد تتغير العناوين مع تطور الأحداث، خاصة إذا ردت إيران بقوة أو تصاعدت الاحتجاجات الداخلية في الولايات المتحدة.