قالت الدكتورة فاطمة الزهراء جيل، الخبير الديموغرافى بوزارة التنمية المحلية، إن العائد الديموجرافى، بحسب تعريف صندوق الأممالمتحدة للسكان، «نمو اقتصادى محتمل يمكن أن ينشأ عن تحولات في التركيبة العمرية للسكان»، وينظر للعائد الديموغرافى على أنه عامل مهم للتنمية الاقتصادية والأساس المنطقى للسياسات التي تهدف إلى هيكل عمرى أكثر توازنًا من خلال تحسين الصحة الإنجابية، والانخفاض السريع في معدلات المواليد. وأضافت: مع انخفاض المواليد عاما بعد عام يصبح عدد السكان في سن العمل أكبر مقارنة بالسكان المعالين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 0-15 عاما والأكبر من 65 عاما،وفقًا لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 2024، بلغ إجمالى عدد المصريين 107.2 مليون نسمة منهم 62.6 في المائة في سن العمل، ومن بينهم النصف تقريبا 48.5 في المائة نساء. وجد أن نسبة الإعالة الإجمالية 59.7 فرد لكل 100 من السكان في سن العمل، مما يشكل عبئًا اقتصاديًا على منْ هم في سن العمل. وارتفع توقع الحياة عند الميلاد لكل من الذكور والإناث؛ ليصل إلى 69.1 سنة بين الذكور، و74.1 سنة بين الإناث في عام 2024 وهو ما يعكس تحسنًا نسبيًا في الخدمات الصحية ومستوى الرعاية الصحية المقدّمة«. وتابعت: على الصعيد الآخر، أشار تقرير التنمية البشرية المصرى 2023 إلى أن مصر تستمر في تصنيفها ضمن فئة "الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة"، وهو التصنيف نفسه الذي حصلت عليه في العام السابق، بينما يُسجل متوسط الأداء العالمى تحسنًا طفيفًا، حيث ارتفعت قيمة المؤشر من 0.752 في عام 2022 إلى 0.756 في عام 2023، أي بزيادة مقدارها 0.004 نقطة. وبلغت قيمة مؤشر التنمية البشرية للإناث في مصر عام 2023 نحو 0.695، في حين بلغ المؤشر للذكور 0.777، وهو ما يُنتج قيمة لمؤشر GDI تساوى 0.895، وهذا يعنى أن النساء في مصر يحققن ما نسبته 89.5 في المائة من المستوى التنموى الذي يحققه الرجال. وأكدت أنه رغم أن هذه النسبة لا تزال دون المتوسط العالمى البالغ 0.955، فإنها أفضل من متوسط الدول العربية الذي يبلغ 0.871، ما يعكس تقدمًا نسبيًا في تقليص الفجوة بين الجنسين. وأشارت إلى أن التقرير تناول مؤشر عدم المساواة بين الجنسين «GII»، وقد حصلت مصر على 0.398 في هذا المؤشر لعام 2023، واحتلت المركز 101 من أصل 172 دولة، ويُعتبر هذا الأداء أفضل من متوسط الدول العربية «0.539»، وأيضًا أفضل من المتوسط العالمى «0.455»، ما يعكس بعض التحسن في تمكين المرأة على المستوى الصحى والاجتماعى والاقتصادي. وفى الحقيقة لتحقيق تنمية اقتصادية مؤكدة فإن الاستثمار في فئة الشباب والنساء وتقديم فرص جيدة من التعليم والابتكار وتنمية المهارات الفنية؛ لتتلاءم مع احتياجات سوق العمل بالمحافظات المختلفة وبالمحليات أصبح ضروريا جدا للاستفادة من الهبة الديموغرافية وتحقيق عوائد للتنمية الاقتصادية لاستيعاب الزيادة السكانية وآثارها على القطاعات المختلفة، وهو ما تحاول الدولة جاهدة لتحقيقه في الوقت الراهن. ولفتت إلى أنه على الصعيد الآخر نجد ضرورة لوضع آليات تحفيزية وتقديم برامج توعوية جيدة للحد من إنجاب مزيد من الأطفال التي لا تستطيع الدولة توفير احتياجاتهم الأساسية اللازمة؛ ليصبحوا قوة اقتصادية داعمة للتنمية وليست مدمرة لها. وأثبتت الدراسات أن تمكين المرأة اقتصاديا وتحسين مستويات المعيشة للأسرة له علاقة عكسية مع معدلات الإنجاب؛ لذا يتم التركيز على تمكين المرأة والشباب اقتصاديا في السياسات والبرامج السكانية، لما له من آثار كذلك على التنمية الاقتصادية والبشرية والعائد الديموغرافي. وما زال احتمال حصول النساء على الحماية الاجتماعية أقل؛ حيث نجد النساء أقل تعليما، ولديهن مستوى مرتفع من الوفيات النفاسية نتيجة الحمل والولادة، ويتزوجن في وقت مبكر وليس لديهن إمكانية الوصول إلى معلومات كافية عن الصحة الإنجابية مقارنة بالرجال وخاصة الشابات، وكذلك فهن أكثر عرضة للعنف بسبب العادات والتقاليد وبالتالى فهن أكثر الفئات فقرا. وقالت، من هنا يجب الحرص على زيادة التحصيل التعليمى للشباب الإناث والذكور لتحسين مستويات التمكين الاقتصادى للمرأة والشباب وتحقيق نمو اقتصادى أكثر شمولاً، حيث يعد التعليم واكتساب المهارات على مدار الحياة- خاصةً لمواكبة التحولات التكنولوجية والرقمية السريعة وكذلك التغيرات المناخية أمرًا بالغ الأهمية لصحة ورفاهية النساء والفتيات والمجتمع أجمع، فضلاً عن فرص إدرار الدخل والمشاركة في سوق العمل. واستعرضت بعض المقترحات التي قد تساعد في الاستفادة بالهبة الديموجرافية وتحقيق أقصى عائد منها في الوقت الحالى: 1- العمل على التعاون مع الجهات البحثية والجامعات الإقليمية لإجراء أبحاث على عينة بين الشباب من الجنسين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 45 عامًا؛ لتقييم مهاراتهم وقدراتهم واحتياجاتهم لتلبية السوق الحالى مع التركيز بشكل أكبر على المهارات والقدرات الفنية المهنية ومعرفة العقبات التي تحول دون مشاركتهم في سوق العمل وربط البحث العلمى مع الشركات الناشئة واحتياجات سوق العمل لضمان النجاح والاستدامة. 2- تشجيع وبناء قدرات مجموعات محددة من النساء والشباب على الشراء الجماعى والتسويق وخطط القروض الجماعية لتقليل احتمالية فشل المبادرات والمشروعات المحلية وتسهيل ريادة الأعمال للمرأة من خلال توجيه هذا التمويل إلى خدمات حاضنات الأعمال المستنيرة للمناخ، أي الخدمات الاستشارية والتدريبية في المناطق الريفية. 3- الدعوة لنشر ثقافة العمل الحر من خلال إعادة تدوير النفايات لحماية البيئة وابتكار منتجات صديقة للبيئة بالتعاون مع مديريات التربية والتعليم والجامعات الإقليمية والشباب والرياضة والثقافة والمنظمات غير الحكومية من خلال تطوير برامج التوعية وورش العمل والمعارض لتسويق المنتجات. 4- الدعوة لتكوين تحالفات من المجتمع المدنى قادرة على العمل جنبا لجنب مع القطاع الحكومى لرصد ومواجهة الأزمات والكوارث البيئية ورفع الوعى لمواجهتها. 5- تعديل القوانين والتشريعات المتعلقة بإقامة مشاريع ريادة الأعمال وتسهيل الإجراءات اللازمة لإقامتها مثل الحصول على التراخيص المطلوبة، ويجب الدعوة لتقليص الإجراءات الروتينية التي تعوق إنشاء الشركات الناشئة، والاستفادة من برامج المنح الخيرية لدعم التزام الشركة الناشئة. 6- ضرورة العمل الجاد للتأثير على المعرفة والاتجاهات والممارسات الخاطئة تجاه البيئة وتحفيز المجتمع وخاصة النساء والشباب تجاه المشاركة في تطوير برامج توعية جيدة التنظيم بالتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية والجامعات والجهات الإعلامية لزيادة مستوى الوعى بالتغيرات المناخية وآثارها على سبل العيش وحياة جميع أفراد المجتمع باختلاف شرائحهم العمرية والنوعية. 7- تدريب الشباب المتطوع في جميع أنحاء الجمهورية على تقديم هذه البرامج التوعوية برسائل موحدة تعالج كل ظاهرة على حدة تقدم لجميع فئات المجتمع مثل الأطفال في المدارس والطلاب في الجامعات والأسر في المناطق المستهدفة. 8- تطوير وانتشار المناهج التعليمية في جميع المراحل المختلفة لتشجيع فكرة العمل الحر والحفاظ على البيئة بحيث تصبح مناهج إجبارية تخضع للتفكير والابتكار والممارسة العملية أمر أصبح بالغ الأهمية.