تعرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لضربة قضائية جديدة مع إلغاء محكمة أمريكية الرسوم الجمركية «المتبادلة» المفروضة منذ أبريل الماضي فيما اسماه «يوم التحرير»، فيما استأنفت إدارة «ترامب» على الحكم، وندد البيت الأبيض بالحكم، ووصفه بأنه قرار اتخذه «قضاة غير منتخبين». وأصدرت محكمة التجارة الدولية الأمريكية في الولاياتالمتحدة، حكما يقضي بإلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، بنسبة 10 % على كل السلع المستوردة إلى الولاياتالمتحدة، معتبرة أن هذه الرسوم «غير دستورية» لأنها تتجاوز الصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب القوانين الفيدرالية، وعلى رأسها قانون الطوارئ الاقتصادية لعام 1977. واستندت المحكمة في قرارها، الذي نشر مساء أمس الأربعاء واطلعت عليه وكالة «فرانس برس»، إلى أن المراسيم التي وقعها «ترامب» في الثاني من أبريل الماضي، وفرض بموجبها رسوما جمركية تتراوح بين 10 و50% بحسب البلد المُصدر، لا تندرج ضمن السلطات التنفيذية الممنوحة للرئيس، بل تتعلق بصلاحيات حصرية للكونجرس الأمريكي فيما يخص السياسة التجارية. وأشارت هيئة المحكمة المكونة من 3 قضاة ومقرها في مانهاتن إلى أن الرئيس لا يستطيع استخدام قانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة كأداة لفرض رسوم جمركية إضافية واسعة النطاق تشمل منتجات من معظم دول العالم، مشددة على أن هذه التدابير ينبغي أن تبقى محصورة ضمن الضوابط الدستورية التي تحفظ التوازن بين السلطات. وبرز في رأي قانوني مرفق بالحكم أن أحد القضاة عبر عن رفضه لما وصفه ب «تفويض غير مشروط للسلطة»، معتبرا أن منح صلاحيات مطلقة في مجال الرسوم الجمركية يتنافى مع المبادئ الدستورية القائمة على الفصل بين السلطات. وشدد الحكم على أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، خصص أصلا لتمكين الرئيس من اتخاذ تدابير محددة في حالات استثنائية تتعلق بأمن البلاد، وليس لتحويله إلى أداة لتغيير السياسة التجارية بصورة شاملة. وأمرت المحكمة بإعطاء مهلة 10 أيام لإصدار أوامر إدارية «لتفعيل الأمر القضائي الدائم». في المقابل، سارعت إدارة ترامب، إلى الاستئناف على حكم المحكمة، وقالت: «هذا إخطار بأن المدعى عليهم يستأنفون أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية الأمريكية رأي المحكمة وحكمها النهائي الصادر في 28 مايو 2025». في المقابل، علق المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، في بيان له، على الحكم، قائلا: «ليس من شأن القضاة غير المنتخبين أن يقرروا كيفية التعامل مع حالة طوارئ وطنية بشكل صحيح. لقد تعهد الرئيس ترامب بوضع أمريكا أولا، والإدارة ملتزمة باستخدام كل ما لديها من سلطة تنفيذية لمعالجة هذه الأزمة واستعادة عظمة أمريكا». من جهته، قال زعيم الأقلية الديمقراطية في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، جريجوري ميكس، في بيان إن القرار يؤكد «أن الرسوم الجمركية تشكل استغلالا غير قانوني للسلطة التنفيذية». ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، استخدم ترامب الرسوم الجمركية سلاحا رئيسيا في سياسته التجارية، فضلا عن تحفيز الصناعة في البلاد والضغط على دول أخرى. وفي 2 إبريل الماضي، أعلن ترامب عن تعريفاته الجمركية «التبادلية» فيما سماه «يوم التحرير»، فارضا رسوما جمركية كبيرة على الواردات من بعض أقرب شركاء أمريكا التجاريين على الرغم من أنه سرعان ما نفذ فترة توقف لمدة 90 يوما في 9 إبريل الماضي، وأبقى على تعريفات جمركية عالمية بنسبة 10% على معظم السلع الواردة إلى الولاياتالمتحدة. وطبق ترامب هذه التعريفات دون موافقة الكونجرس من خلال اللجوء إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي يمنح الرئيس سلطة التصرف ردا على التهديدات غير العادية والاستثنائية، لكن القانون لا يتضمن أي ذكر للتعريفات الجمركية كإجراء محتمل يمكن للرئيس اتخاذه بمجرد تفعيل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية. وجاء قرار المحكمة بعد دعويين رفعتا في الأسابيع الأخيرة إحداهما من جانب تحالف يضم 12 ولاية أمريكية من بينها ولاية أوريجون، والثانية من جانب مجموعة شركات أمريكية. وأخذت الدعويان بالتحديد على دونالد ترامب استخدام قانون لا يسمح له باللجوء إلى تدابير طارئة لفرض رسوم جمركية، وهي سلطة يمنحها الدستور للكونجرس. بدوره، قال المدعي العام لولاية أوريجون، دان رايفيلد، في بيان: «رفعنا هذه القضية لأن الدستور لا يمنح أي رئيس سلطة مطلقة لقلب الاقتصاد رأسا على عقب. ويؤكد هذا الحكم أهمية قوانيننا، وأنه لا يمكن اتخاذ قرارات تجارية بناء على نزوة الرئيس».