المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    مكتب نتنياهو: الإفراج عن "ألكسندر عيدان" يمكن أن يقود لمفاوضات إطلاق الرهائن    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    بينهم أطفال.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين في حادثين منفصلين بالأقصر    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 12-5-2025    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حريق هائل يلتهم محصول القمح في الغربية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    الانتهاء من تصوير 90% من فيلم روكي الغلابة    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    اعترافات صادمة لسائق بسوهاج: سكبت البنزين وأشعلت النار في خصمي بسبب خلافات عائلية    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    سعر الذهب اليوم الإثنين 12 مايو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    محافظ الشرقية يصدر قرارًا بتكليف رئيس جديد لصان الحجر    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    أسعار كرتونة البيض اليوم 11 مايو 2025    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير جيمس جيفرى المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط ل«المصري اليوم»: خطة «ترامب» في غزة ليست واقعية وأدعوه إلى تنفيذ مشروع «كلينتون» .. حوارات مستقبل الشرق الأوسط (الحلقة الثانية والعشرون )
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 05 - 2025

وسط عالم يموج بالتحولات السياسية والاقتصادية، وفى ظل الصراعات المتزايدة التى تهز منطقة الشرق الأوسط، التى تعيش واقعًا معقدًا، بعد أكثر من عام على حرب الإبادة فى قطاع غزة دونما آفاق واضحة لإنهائها، مع تمدد النزاع إلى جنوب لبنان، ووصول أصدائه إلى اليمن والعراق، ثم إيران، نطرح فى سلسلتنا «مستقبل الشرق الأوسط» مسارات منطقتنا، عبر حوارات مع نخبة من الساسة والمنظرين والمفكرين والدبلوماسيين الحاليين والسابقين من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لتقديم رؤاهم مستندين إلى تجارب الماضى ودروس الحاضر، لنستشرف معًا الطريق
نحو المستقبل.
وانطلاقًا من جذور الصراع العربى الإسرائيلى، مرورًا بالتدخلات الإقليمية وصعود بعض القوى الجديدة كالفواعل من غير الدول، وتعقد المشهد العربى، نفتح معًا أبواب نقاش مستنير حول الدروس المستفادة من التاريخ وتأثيرها على مستقبل منطقتنا؛ لطرح رؤى وأفكار لاستشراف الغد والدور الحاسم الذى يمكن أن تلعبه الدول العربية إذا ما أعادت إحياء روابط تاريخية فى محيطها والدفع نحو استقرار مستدام وتحقيق مصالحها.
تنقسم محاور النقاش إلى جزأين، الأول أسئلة سبعة ثابتة، اعتمدناها بناء على طلب كثير من القراء، تتمركز حول مستقبل المنطقة، أما الثانى فيتضمن أسئلة تتجه نحو مساحات تتناسب مع خلفية الضيف صاحب الحوار، كى يضيف لنا أبعادا أخرى حول الرؤية التى تنتهى إليها الحوارات وصولا إلى كيف يمكن أن يكون للمنطقة مشروعها الخاص، بعيدا عن أى مخططات تستهدفها؟.
يُوصف بأنه أحد مهندسى الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة «الشرق الأوسط» خلال العقود الثلاثة الماضية، بصفته مبعوث الرئيس الأمريكى لسوريا تارة، وللعراق وأنقرة خلال انسحاب الاحتلال الأمريكى من العراق تارة أخرى، مع كونه نائبًا سابقًا لمستشار الأمن القومى فى عهد بوش الابن، والمبعوث الرئاسى السابق ل«التحالف الدولى لمكافحة داعش»، ورئيسًا لوحدة الشرق الأوسط فى مركز «ويلسون» بواشنطن، وقد كشف السفير الأمريكى جيمس جيفرى فى حواره ل«المصرى اليوم» بعض خبايا السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، خاصة فيما يتعلق بسوريا، وإيران، وفلسطين، منوهًا بوجود «تنسيق غير مباشر» بين الجولانى وأمريكا، سبق سقوط نظام الأسد.
لم يُنكر «جيفرى» الانحياز الأمريكى للاحتلال الإسرائيلى ورغبة واشنطن فى بسط نفوذها على منطقتنا، معللًا ذلك بأنها منطقة «تثير الانتباه نظرًا لهيمنتها الهائلة على إمدادات الطاقة العالمية»، واعتبر أن السؤال عن انحياز أمريكا لتل أبيب «مُستغربًا» لأنها «كانت وستظل الحليف الأوثق» للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، وحين واجهناه بأنه معروف بالانحياز للاحتلال وصف سؤالنا ب«السخيف».
طرح السفير الأمريكى رؤية تغلب عليها مقاربة إمبريالية وسياقات أمنية وبراجماتية، لكن اللافت فى حديثه هو انحيازه الصريح، وغير المعتاد دبلوماسيًا، لإسرائيل، معتبرًا أن «من حقها» أن تحتل غزة والضفة وتتواجد فيهما عسكريًا، على حد وصفه. وإلى نص الحوار:
■ مصطلح الشرق الأوسط هو تعبير جغرافى استعمارى.. لكنه صار المصطلح السائد للحديث عن المنطقة التى تضم الدول العربية وإيران وتركيا ودولًا أخرى، وعانت المنطقة على مدار التاريخ من صراعات على خلفيات متعددة، تجذرت من مخططات الاستعمار حتى باتت بقعة ملتهبة دائمًا على خريطة العالم.. برأيك، كيف ترى واقع المنطقة وأثر التاريخ فى هذا الأمر؟
- «الشرق الأوسط» ليس اختراعًا حديثًا، بل وحدة جغرافية وثقافية وسياسية ودينية متماسكة منذ عهد البيزنطيين والفرس، ويشمل اليوم العالم العربى وإسرائيل فى قلبه، وتركيا وإيران.
لكن العوامل الجغرافية والثقافية والدينية والجيوسياسية تحدّ من «تمدد» المنطقة إلى الساحل الإفريقى جنوبًا (مع استثناء محدود لمصر)، وجنوب آسيا شرقًا، وأوروبا وروسيا ودول الاتحاد السوفيتى السابق شمالًا (مع استثناء تركيا).
■ برز مصطلح «الشرق الأوسط» فى كتابات الأمريكى ألفريد ماهان عام 1902 قبل أن تتحدث كونداليزا رايس عن «الشرق الأوسط الجديد»، وهو ما يتردد بقوة حاليًّا فى ظل الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان والصراع مع إيران.. كيف ترى ذلك المخطط خاصة بعد فوز ترامب وصعود قوى اليمين فى الولايات المتحدة؟
- إسرائيل حليف وثيق وقوى للغاية بالنسبة للولايات المتحدة وستظل، ولذلك ليس من المستغرب أن تُعطيها واشنطن الأولوية على الفلسطينيين، بل إن الولايات المتحدة على تتابع واختلاف رؤسائها تعتقد أن الفلسطينيين أضاعوا فرصًا متكررة للسلام الدائم.
■ برأيك ماذا تفعل القوى الإقليمية الكبيرة فى المنطقة إزاء هذه المخططات، وبالتحديد مصر والسعودية، بوصفهما الدولتين الكبيرتين فى المنطقة؟
- منذ الزوال النسبى للجماعات الإرهابية السُّنية، أصبح التهديد الجيوستراتيجى الرئيسى للمنطقة هو المد الشيعى وسعى إيران للهيمنة من خلال برامجها النووية المحتملة وتدخلها فى الدول العربية.
القضية «الإسرائيلية- الفلسطينية»، التى تتجاوز كونها مجرد مشكلة دولتين أو شعبين، لها صدى فى المنطقة الأوسع، مما يمنح إيران نفوذًا كداعم ل«الموقف الفلسطينى الأكثر تطرفًا»، وهو موقف حماس. ولكن منذ 7 أكتوبر 2023، هُزمت إيران ووكلاؤها جميعًا، باستثناء الحوثيين، مع بروز تركيا وإسرائيل كأقوى دولتين فى المنطقة، وذلك إضافة إلى تأكيد الولايات المتحدة قوتها بشكل وسيطرتها على هذه المنطقة كبير.
ولحلحلة الصراعات فى المنطقة يمكن للقاهرة والرياض استخدام نفوذهما وعلاقاتهما مع هذه الدول الثلاث (الرياض وإسرائيل محاورتان غير رسميتين) وذلك لتعزيز الاحتواء الدائم لإيران وإحراز تقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. من الزاوية الأمريكية هذا هو الإسهام الأهم الذى يمكنهما الانخراط فيه.
■ يغيب أىّ مشروع عربى موحد تجاه ما يخطط للمنطقة، خاصة مستهدفات التوسع الإسرائيلى التى ظهرت واضحة فى غزة ولبنان وسوريا، والحديث عن نية ضم أراضٍ أخرى على الخريطة العربية، وهو التوجه الذى ترجمه ترامب عند حديثه عن إسرائيل الصغيرة التى يجب أن تتمدد.. كيف يصوغ العرب مشروعهم المواجه لهذه المخططات؟
- أعتقد أنّ الحديث الإسرائيلى عن التوسّع هو انعكاسٌ للحكومة الإسرائيلية الحالية وصدمة السابع من أكتوبر المستمرة، ولا يعكس غالبية سكان إسرائيل ولا مصالحها الحقيقية، ولا موقف الولايات المتحدة، كما أوضح الرئيس ترامب لرئيس الوزراء نتنياهو مؤخرًا وأمام الكاميرات بشأن سوريا.
وعلى الدول العربية أن تُواصل التأكيد للولايات المتحدة وإسرائيل أن هذه الأفكار التوسعية التى تنتهجها إسرائيل ليست صائبة وليست من مصلحة أحد بما فى ذلك إسرائيل نفسها.
■ كيف تستفيد المنطقة العربية من تجاذبات القوى الكبرى وأحاديث التعددية القطبية العالمية؟، وكيف تلعب دورًا لصالحها فى هذا التنافس الدولى، ولا تكون مقدراتها فى يد قوة واحدة أضرت بها واستنزفت ثرواتها طوال عقود؟
- العالم العربى- حتى الآن- ليس لاعبًا موحدًا مستقلًا، ولكنه، من خلال التاريخ والروابط الاقتصادية والثقافية والعلاقات العسكرية، على سبيل المثال لا الحصر، متحالف بشكل وثيق مع أوروبا والولايات المتحدة والنظام العالمى المرتبط ب«الغرب». وللمنطقة علاقات متنوعة مع روسيا والصين، لكنهما لا ولن تمثلا بديلًا عن العلاقة مع أمريكا.
■ لو قدر لك أن ترسم صورة المستقبل لهذه المنطقة فى ظل الصراعات الحالية والمخاطر المحيطة بها، كيف ترى هذه السيناريوهات تفصيلًا؟
- البناء على الوحدة العربية ولكن بالتعاون مع الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل كلاعبين أساسيين فى المنطقة، حيث يتشارك الجميع أهدافًا أمنية مشتركة لردع «إيران والإرهابيين». إن لم ينجح هذا فستعود المنطقة إلى العنف والاختلال كما حدث بين عامى 2001 و2023.
■ من وجهة نظرك.. ما هى الأحداث المحورية فى سقوط بشار الأسد؟ وكيف حدث ذلك فى 10 أيام فقط بعد صموده 13 عامًا؟
- ثمة عوامل متعددة أدت إلى سقوط نظام بشار أولها «التجميد المُنسق» للصراع بين عامى 2018 و2020 بناءً على إجراءات وسياسات منسقة بين تركيا وإسرائيل والدول العربية وأوروبا والأمم المتحدة بدفع من الولايات المتحدة؛ والعامل الثانى هزائم إيران وحزب الله على يد إسرائيل والولايات المتحدة، والتى أدت إلى انسحاب معظم قواتهما من سوريا؛ والعامل الثالث دعم تركيا لهجوم هيئة تحرير الشام على نظام بشار، مما أدى إلى انهيار جيشه الذى حماه 13 عامًا ومن ثم سقوط نظامه.
■ فى عام 2019، تحدثتَ عن مساعٍ أمريكية للتنسيق مع روسيا تمهيدًا للتخلص من نظام الأسد.. هل كان سقوط الأسد بالفعل جزءًا من صفقة أمريكية؟
- لم يكن إسقاط الأسد جزءًا من العرض الأمريكى المقدم لروسيا آنذاك، بل كان المطلوب من موسكو الالتزام بجميع أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما فى ذلك دستور جديد وانتخابات، كجزء منه.
ولكن وقتها رفض بوتين العرض، وبدا أن الروس متحفظون لأنهم يخشون أن يؤدى قبول ذلك إلى سقوط نظام حليفهم الأسد. لهذا السبب أرجأوا الرد علينا.
وأدت عدة عوامل لتأخر وإرجاء الرد مثل الأحداث اللاحقة بدءًا من التوغل التركى فى أكتوبر 2019 فى شمال شرق سوريا، وتفشى فيروس كورونا، والانتخابات الأمريكية التى جاءت محملة باحتمال وارد لهزيمة ترامب، كل ذلك أرجأ أى إجراء حتى وصول بايدن، الذى قطع المحادثات مع الروس.
■ إذن، كيف ترى خريطة القوى فى سوريا فى ظل الحكومة الانتقالية؟ وما هو الدور الذى تتوقعه لروسيا فى سوريا بعد هزيمة الأسد؟
- سوريا الآن تتقاسمها عدة قوى؛ حيث تتواجد القوات التركية والإسرائيلية والأمريكية فى الأراضى السورية، وكل منها تدعم القوات المحلية. ولكن رغم كل شىء يمكن، بل ينبغى، أن تتوحد البلاد بالكامل خلف دمشق، مع انسحاب القوات الأجنبية كليًا أو جزئيًا.
أما عن روسيا فلم تعد لاعبًا رئيسيًا فى سوريا لكن لديها أدوات (مثل حق النقض فى مجلس الأمن، والقدرة على نقل العملة والطاقة بسرعة) مُفيدة لها (ومؤلمة) لنظام دمشق. وبالطبع تسعى موسكو إلى الاحتفاظ بقواعدها. ولا يوجد اعتراض من أى قوة أخرى على ذلك، لذا يمكن لدمشق الاستفادة من منح موسكو حق الوصول للقواعد العسكرية ولكن بشروط، منها عدم التدخل فى الشؤون الداخلية السورية، وعدم استخدام تلك القواعد لزعزعة استقرار الدول الأخرى، أو التعاون بشأن سوريا مع إيران، يجب أن تكون خطوطًا حمراء مطلقة لدمشق والمجتمع الدولى.
■ فى عام 2021، فى مقابلة مع صحيفة «فرونت لاين» أوضحتَ سبب امتناع الولايات المتحدة عن استهداف «الجولانى»، قائلًا إنه لا يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة فى سوريا أو أى مكان آخر، وأن هيئة تحرير الشام كانت «الخيار الأقل سوءًا بين العديد».. هل كان هناك أى تفاهم أو صفقة بين أحمد الشرع والولايات المتحدة قبل سقوط الأسد؟
- نعم كان هناك اتفاق بين الشرع والولايات المتحدة قبل إسقاط الأسد ولكن ليس بشكل مباشر. الولايات المتحدة أصدرت فى سبتمبر 2018 استثناءات للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى إدلب لثلاثة ملايين نازح داخلى، مما أفاد هيئة تحرير الشام. وقد أدى التحرك الحازم من جانب بومبيو وترامب علنًا فى الشهر نفسه، وبالتعاون مع الروس، إلى وقف هجوم الأسد على إدلب، مما أدى إلى تأييد رسمى لوقف إطلاق النار فى إدلب فى قمة إسطنبول (تركيا، روسيا، فرنسا، ألمانيا) بعد شهر.
وواصلت الحكومة الأمريكية لاحقًا اتصالات- غير مباشرة- مع «الجولانى» للتأكيد على ضرورة تجنب الإرهاب أو معارضة عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية فى إدلب.
■ إذا طلبت منك تشخيص دور: الولايات المتحدة، تركيا، الدول العربية، إسرائيل، إيران، والأوروبيين فى سوريا فكيف ستقيم كل منها بصفتك مبعوثًا أمريكيًا سابقًا فيها؟
- الولايات المتحدة: اللاعب المحتمل الأهم فى سوريا بناءً على العقوبات المفروضة والقوات البرية. لكنها لم تُطوّر بعد سياسةً متماسكةً تجاه سوريا، وإلى أن تفعل ذلك ستبقى سوريا فى خطر.
تركيا: اللاعب الفعلى الأهم، حاليًا، نظرًا لدور أنقرة فى الإطاحة بالأسد، والعلاقات مع دمشق ودعمها الاقتصادى والعسكرى، والقوات البرية، والمخاوف الأمنية الرئيسية بدءًا من حزب العمال الكردستانى/ قوات سوريا الديمقراطية. لقد لعبت أنقرة دورًا جيدًا حتى الآن، لكن الخطر يكمن فى أنها ستُبالغ فى ذلك، وستقع فى مواجهة مع إسرائيل أو قوات سوريا الديمقراطية، مما يُقوّض الوحدة الدولية، وبالتالى فرص تحقيق نتيجة جيدة.
الدول العربية: أبرزت دعمًا موحّدًا وفعالًا لدمشق بشكلٍ مُفاجئ. وإذا حافظت على هذه السياسات وقدّمت المزيد من المساعدة الاقتصادية، فسيزيد ذلك من فرص نجاح سوريا، وسيؤثر إيجابًا على إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا. باختصار، الدول العربية أساسية إذا بقيت متحدةً ومنخرطةً.
■ برأيك، ما هى أسباب استمرار حرب الإبادة فى غزة لأكثر من 17 شهرًا دون حل، رغم استهداف إسرائيل المدنيين الأبرياء؟
- الحرب على غزة ستستمر حتى تستسلم حماس، أو على الأقل تتنازل بشكل موثوق عن سيطرتها على غزة إلى الأبد، أو تقضى إسرائيل على حماس، وهو أمر مستبعد، والموقف الأمريكى يدعم أن تحتفظ إسرائيل بوجود عسكرى دائم فى غزة كما هو الحال فى الضفة الغربية.
■ إذن كيف تقيم المواقف العربية من جهة والأمريكية والإسرائيلية من جهة أخرى فى سياق هذه الحرب التى راح ضحيتها أكثر من 50 ألف شهيد فلسطينى؟
- الموقف الإسرائيلى هو أحد الخيارات الثلاثة المذكورة أعلاه. تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل مطلق وعام، لكنها أكثر مرونة فى قضايا مثل وقف إطلاق النار المؤقت، وإعادة الأسرى، والمساعدات الإنسانية.
أما الدول العربية فعالقة بين مواقف خطابية داعمة للفلسطينيين ومنتقدة لإسرائيل، وبين واقعها الذى يحتاج إلى علاقات سياسية وأمنية جيدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مع إدراكها استحالة تحمل إعادة إعمار غزة، وإعادتها ل«وضعها الطبيعى» حال ظلت حماس عاملًا مؤثرًا.
فلن يدفع أحد عشرات المليارات من الدولارات فى غزة ليرى حماس تُدمرها مرة أخرى.
■ لماذا تعتقد أن حماس هى المسؤولة فيما الواقع المنقول صوتًا وصورةً من غزة يقول إن طيران الاحتلال المتورط فى جريمة الإبادة الجماعية هو المسؤول عن تدمير غزة وعن استمرار الحرب؟
- حماس بالطبع هى من بدأت الحرب واستهدفت الإسرائيليين عمدًا. كان من الممكن أن ينجح وقف إطلاق النار لو أشارت حماس إلى أنها ستتفاوض على شروط رحيلها عن غزة أو التخلى عن السلطة فيها. بدلًا من ذلك، راهنت حماس على أن واحدًا أو أكثر من عوامل الضغط المتعلقة بالرهائن، أو الانتقادات الأمريكية/ الأوروبية/ الدولية لسقوط ضحايا مدنيين فى غزة، أو أفعال أو تهديدات من إيران ووكلائها، أو غضب فى العالم الإسلامى، ستجبر إسرائيل على الانسحاب. راهنت حماس رهانًا خاطئًا ولذلك أعتقد أنها هى المسؤولة عن استمرار الحرب.
■ ألا تعتقد أن هذا الرد انحياز واضح للاحتلال الاسرائيلى؟ أيضًا ما رأيك فى تداول اليمين المتطرف مقاطع مصورة أعدوها بالذكاء الاصطناعى تدعو لهدم المسجد الأقصى لصالح بناء الهيكل الثالث؟
- أرفض الرد على هذا السؤال.
■ هناك مقترح جديد لفرض هدنة 5 سنوات بين حماس وإسرائيل، ما رأيك فيه وكيف تتوقع أن تنتهى الحرب؟
- فكرة هدنة السنوات الخمس غير قابلة للتطبيق. ستترك حماس فى السلطة وتركز على 7 أكتوبر آخر، وبالتالى لن تقبله أمريكا وإسرائيل ولن يقدم أحد المساعدة لإعادة الإعمار.
■ هل سيُعاد إعمار غزة، أم سيُنفذ الرئيس ترامب الخطة التى اقترحها سابقًا؟
- بالنسبة لغزة خطة ترامب غير واقعية لكن الحرب ستستمر حتى تُدمر حماس، أو تستسلم، أو ستُعيد إسرائيل احتلالها.
■ لا ينكر أحد أن حماس لها شعبية فى فلسطين.. فى ظل ذلك كيف ترى مستقبلها السياسى والعسكرى وهل تعتقد أنها ستخضع لكم؟ أيضًا ماذا عن مستقبل السلطة الفلسطينية؟
- حماس لا مستقبل لها، على الأقل فى غزة. لأن جوهر وجودها هو تدمير إسرائيل، والولايات المتحدة لن تسمح بذلك، وبالمناسبة لا أحد فى المنطقة سوى حماس ومحور إيران المُتصدع يريد ذلك.
■ ما هى رؤيتك لحل الصراع، وكيف يمكننا إحلال السلام فى منطقة الشرق الأوسط؟
- أعتقد أن على القيادة الجديدة فى إسرائيل وأيضًا على الفلسطينيين أن يقبلوا بخطة كلينتون لعام 2000 مع تعزيز التعاون الدولى، (مثل الوجود الأمريكى فى المناطق العازلة فى وادى الأردن وممر فيلادلفيا) مع الاستمرار فى احتواء إيران والجماعات الإرهابية، كما هو الحال حاليًا، وسيجلب ذلك حقبة سلام تُشبه حقبة أمريكا الجنوبية أو أوروبا الغربية.
■ هل تعتقد أنه يمكن أن تطبع بعض الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل دون المطالبة بحل الدولتين كشرط أساسى لتحقيق سلام جاد فى المنطقة؟
- السعودية لن تُطبّق ذلك دون إحراز بعض التقدم، على الأقل فى عهد الملك الحالى. وقد طالبت الإمارات العربية المتحدة بوقف الضم قبل التوقيع.
■ يعتقد البعض أن ترامب سيسعى لإسقاط النظام الإيرانى أو على الأقل إضعافه. ما تعليقك؟
- لا هذا ولا ذاك، ترامب والولايات المتحدة بشكل عام تريد اتفاقًا نوويًا والبناء على جهود إسرائيل/ بايدن لتقليص نفوذ إيران فى المنطقة العربية، لا أكثر.
■ لماذا لا تتبنى الولايات المتحدة موقفًا مماثلًا بشأن البرنامج النووى الإسرائيلى؟ وما توقعاتك بشأن مستقبل الملف النووى الإيرانى؟
- هذا سؤال سخيف. أى ازدواج هذا. استبدل إسرائيل أعلاه بباكستان. لا اعتراض حقيقى على باكستان، فرغم أنها ليست مستقرة دائمًا، إلا أنها، مثل إسرائيل، لا تتبنى أيديولوجية حكم متطرفة أو أجندة توسعية. أما مع إيران فأتوقع أن تعرض لتسوية تفاوضية، لأنها تعلم أنه إن لم يحدث ذلك فإن إسرائيل والولايات المتحدة ستدمران منشآتها النووية.
■ يعتقد البعض أن الولايات المتحدة وإيران وروسيا وتركيا تلعب أدوارًا لجنى فوائد على حساب أمن واستقرار شعوب المنطقة. ما تعليقك على ذلك؟
- تركيا وإيران جزء من المنطقة، ونظرًا لقوتهما الكبيرة تلعبان أدوارًا مهمة فيها. أما بالنسبة للولايات المتحدة وروسيا فقارن الشرق الأوسط بأمريكا الجنوبية، حيث يوجد عدد سكان واقتصادات أكبر، ولكن التدخل الأمريكى أو الروسى ضئيل منذ الحرب الباردة. إذن ما الفرق؟ باستثناء (كوبا وفنزويلا) تتمتع دول أمريكا الجنوبية باستقرار داخلى وملتزمة خارجيًا بحل مشاكلها بنفسها وبالطرق السلمية. ثانيًا، على عكس أمريكا الجنوبية، يُثير الشرق الأوسط قضايا تجذب الانتباه الخارجى، هيمنة هائلة على إمدادات الطاقة العالمية، ومحاولات متعددة لتطوير أسلحة نووية وكيميائية، والإرهاب، وحروب متكررة لا تستطيع المنطقة نفسها احتواءها، مما يؤثر على العالم الخارجى، ويدفع دول المنطقة إلى طلب المساعدة الخارجية.
■ كيف تُشخّص الوضع فى السودان وليبيا والعراق ولبنان؟ وما هى رؤيتكم لحل الأزمات السياسية والأمنية فى هذه الدول الأربع؟
- السودان وليبيا دولتان فاشلتان. أفضل ما يمكن للعالم الخارجى فعله فيهما هو الإبقاء عليهما متحدتين، وتقديم الدعم الإنسانى، والضغط من أجل خفض التصعيد، ومنع تمدده. أما العراق ولبنان فوضعهما مختلف نسبيًا؛ لقد زعزعت إيران استقرارهما بشكل رئيسى خلال العشرين عامًا الماضية، لكن نفوذ إيران فيهما قد تضاءل مؤخرًا لذا لدى كليهما فرصة للعودة إلى حالتهما الطبيعية إذا اتحد شعباهما وعملا مع المجتمع الدولى لإبعاد إيران، وخاصةً من خلال تجنب الانقسامات الداخلية التى تمنح إيران فرصة التدخل مجددًا.
■ أخيرًا، أنت لم تتوقف عن التذكير بالخطر الإيرانى لكنك فى المقابل أنكرت أن إسرائيل هى الخطر الأكبر نظرًا لتوسعاتها العملية ورغبتها فى التمدد والتوسع فى الأراضى العربية.. ما تعليقك؟
- لا يمكنك الحكم على إجاباتى. هذه وجهة نظرى، وهى بالمناسبة تعكس وجهة النظر الأمريكية التى أمثلها. وهذا ما لدىَّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.