سياسي أمريكي: القاهرة و«واشنطن» في مرحلة «استعدادات الطلاق»

حذر الخبير السياسي بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، ستيفن كوك، من تأثييرات توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، على خلفية تقديم مواطنيين أمريكيين بالمنظمات غير الحكومية إلى المحاكمة.
وقال «كوك»، إن أحداث الأسابيع الماضية تشير إلى أن مسار العلاقات (المصرية-الأمريكية) يشهد انخفاضا حادا أكثر مما كان متوقعا، ورغم ذلك، فإن الجانبين المصري والأمريكي، على حد سواء، يرغبان في استمرار تدفق المعونات الأمريكية لمصر.
وطالب «كوك»، بقطع أو خفض برامج المساعدات العسكرية لمصر، موضحا أن في ذلك «فوائد سياسية كثيرة». ويستشهد كوك بحديث وزيرة التعاون الدولي، فايزة أبو النجا، عن أن «التمويل الأجنبي» للمنظمات غير الحكومية يستهدف تقويض السلطة، وعن أن «أياد أجنبية» تسعى لزعزعة الاستقرار. وبينما يصف كوك الوزيرة بأنها «مقربة من المجلس العسكري»، يعتبر أن تصريحاتها «مثيرة للضحك»، في وقت تسعى فيه مصر للحفاظ على تدفق المعونة العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار.
ونصح «كوك»، ب «تقليص المساعدات العسكرية لمصر، وإغلاق بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية، لدحض ادعاءات أبو النجا»، موضحا أن «لهذا الإجراء فوائد متعددة، فهو أولا يعفي واشنطن من الحرج أمام دافعي الضرائب الأمريكيين من مساندة حكومة تكره الولايات المتحدة، ومن الواضح أنها لا تتشارك في نفس القيم الديمقراطية. ثانيا، سيتيح فرصة لتغييرات مطلوبة في العلاقات العسكرية المصرية-الأمريكية، بحيث تدفع الولايات المتحدة فقط مقابل الخدمات التي تحصل عليها من مصر، والمتعلقة بالسماح بالمرور من قناه السويس».
وتابع «كوك»: «ثالثا، هذه هي لحظة التمكين والكرامة للشعب المصري، ولا يرغب المصريون في الوقت الحالي في مساعدات أمريكية، سواء لأنهم يعتقدون أنها تقف في طريق التحول الديمقراطي، ويتقبلون ادعاءات أبو النجا، أو لأنهم لا يهتمون بالمساعدات العسكرية، لأنها ليس لها تاثير مباشر على حياتهم».
ويؤكد الباحث السياسي الأمريكي أن «هذا الحل سيطلق يد الولايات المتحدة لمساعدة دول أخرى تحتاج إلى مساعدة واشنطن، مثل تونس والمغرب وبعض الدول الأفريقية، التي ستكون شاكرة للمساعدات التي تقدمها لهم واشنطن».
وشبه «كوك»، توتر العلاقات بين البلدين باستعدادات «الطلاق» بين زوجين، مستعيرا بذلك توصيف السفير نبيل فهمي، سفير مصر السابق للولايات المتحدة، بأن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر هي علاقة «زواج ناضج».
وقال «كوك»، «انهيار العلاقة صعب، لكن سيبقى في ذاكرة الطرفين مساعدات واشنطن في تطوير البنية التحتية، من مجاري، ومياه شرب، ورعاية لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وعملية درع عاصفة الصحراء في حرب الخليج».
من جانبها، قالت الباحثة في معهد «كارنيجي»، مارينا أوتوواي، إن مصر «تمر بحلقة مفزعة من الاضطرابات التي تهدد بعرقلة تحركها نحو الديمقراطية». وأشارت إلى ضرورة أخذ تهديديات الكونجرس بوقف المساعدات العسكرية لمصر، على محمل الجد.
وقالت «لا بد من التأكيد على أن التغيير، الذي ترغب الولايات المتحدة في رؤيته في مصر لن يتحقق من خلال المساعدات العسكرية، وإنما باتفاق المصريين بعضهم البعض حول خطوات المرحلة المقبلة».
وأضافت «أوتوواي» أنه «إذا كان هناك شيئا يمكن للولايات المتحدة القيام به لمساعدة مصر في تلك الفترة الصعبة، فلن يكون الضغط لقبول عمل المنظمات غير الحكومية، وإنما أن تقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بتشجيع جميع الأطراف السياسية للبحث عن معالجة واقعية لمحاولة العسكر وبعض الأحزاب السياسية تفضيل مصالحها الخاصة على مصالح البلاد».
وأكدت «أتوواي»، أن «قضية المنظمات غير الحكومية وتقديم الأمريكيين للمحاكمة تمثل إشكالية كبيرة في العلاقات بين البلدين، لكن مخاطر انزلاق مصر إلى مسار مخالف للديمقراطية أخطر بكثير ويحتاج إلى معالجة أعمق».