بشغف بالتراث المصرى و«بورتريهات الفيوم» ومشاهد الحياة اليومية، تنوعت أعمال الفنان عمر الفيومى، ليقدم المقاهى والبيوت والوجوه برؤيته الخاصة، وهو ما يوثقه فى معرضه الجديد الذى يستمر حتى 7 مايو الجارى، ففيه يقدم مزيجًا من أعماله الجديدة والقديمة، ورحلته الفنية المستمرة لأكثر من 40 عامًا. منذ التسعينيات من القرن الماضى، بدأ عمر الفيومى رسم لوحات مومياوات الفيوم، تلك اللوحات الواقعية للأشخاص، والتى رُسمت على توابيت مومياوات إبان العصر الرومانى فى مصر، وتُوصف بأنها أجمل الرسومات فى فن الرسم الكلاسيكى العالمى، وعُثر على الجزء الأكبر منها فى المقابر التاريخية فى الفيوم، ويوجد منها نحو 900 لوحة. ويقول عمر الفيومى إنه قدم وجوه الفيوم فى العديد من معارضه السابقة، لكن إنتاجه لم يتوقف على ذلك، فقدم العديد من الأعمال الفنية المتنوعة، التى تنوعت بين البورتريه والشخصيات والمقاهى والبنايات وغير ذلك، وعبر مسيرته الفنية أقام مجموعة كبيرة من المعارض الخاصة بخلاف مشاركته فى المعارض الجماعية، حيث يقيم معرضًا بشكل سنوى تقريبًا، وفى 2025 قدم معرضًا آخر بعنوان «وصول البرابرة» فى فبراير الماضى. تتسم أعماله بالواقعية الحديثة، فيوضح، فى حديثه ل«أيقونة»، أن أعماله تتنوع بين كل العناصر اليومية من البيئة المصرية، بأفكار متنوعة، وليست أعمالًا تجريدية، فيرسم البيوت والمقاهى والأشخاص. وتظل وجوه الفيوم شغفه المستمر، فيقول: «بورتريهات الفيوم قصة كبيرة وعميقة، فهى الأولى من نوعها فى العالم بهذا الشكل، سبقت بورتريهات عصر النهضة والتطور الذى تبعه فى التصوير الحديث، فالبورتريه كان أمرًا غير مسبوق، ولكنه يمثل تطورًا للفن المصرى القديم، فقدماء المصريين كانوا يهتمون بشكل كبير بالخلود والروح والبعث والمومياوات». ويضيف أن الفكرة التى سادت وقتها أن الروح عندما تعود بعد وفاة صاحبها تتعرف على موميائه من خلال صورته، لذلك كان يتم رسم الصور وعمل المنحوتات والبرديات، وجميعها موثقة فى المتحف المصرى للفن الجنائزى، فكان التابوت وحده يضم كل الفنون بين النحت والتصوير والكتابات حتى تتعرف الروح على شكل صاحبها. ويوضح أنه منذ كان طالبًا فى الفنون الجميلة كان شغوفًا باكتشاف وجوه الفيوم عن قرب وبراعتها، ومع التسعينيات من القرن الماضى، بدأ تقديمها فى أعماله، موضحًا أن كل معرض له خصوصيته، فأحيانًا يعمل على فكرة مكتملة أو يقدّم أعمالًا متنوعة، لكنها دائمًا ما ترتكز على عناصر من البيئة المصرية وعلى الحياة اليومية فى الشارع. ويضيف أنه يحب دائما توثيق ورسم الواقع الذى يعيشه والمنطقة التى يوجد بها والأشخاص الذين يعرفهم وكافة ملامح الحياة اليومية المصرية، فهى كلها عناصر إلهام، موضحًا: «الشارع، والبيت، والقهوة، والناس، والحياة عامة مصدر دائم لأعمالى، وهذا مستمر مع كل أعمالى، فأحب العمل على شىء تأثرت به بشكل كبير حتى أتمكن من التعبير عنه». يقدم المعرض الحالى نحو 54 عملًا فنيًّا بمقاسات وخامات مختلفة، بعضها بالغة الصغر بمقاسات لا يتعدى طولها 10 سنتيمترات، وأخرى بمقاسات ضخمة تصل إلى مترين ونصف المتر تقريبًا، موضحًا أن الأمر يتوقف على الفكرة التى يريد تقديمها ويعمل عليها دون قيود. ويأتى اختيار الألوان وفقًا للفكرة، لكنه يميل إلى التصوير بالزيت، فهو الخامة المفضلة له، وكذلك يستخدم أحيانًا الأكريليك والرصاص، لكنه يوضح: «الملك فى الألوان هو الزيت، لكن يظل اللون والوسيط جزءًا من روح العمل، وليس مجرد أداة». تخرج الفنان عمر الفيومى فى كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الجدارى بجامعة حلوان عام 1981، وانتقل إلى روسيا، حيث حصل على الماجستير فى التصوير الجدارى بإشراف الفنان الروسى أندريه أندرييفيتش ملينيكوف، الحاصل على وسام لينين، فى أكاديمية الفنون بسان بطرس برج، وأقام العديد من المعارض الخاصة والجماعية المحلية والدولية، كما كان قوميسير جناح مصر فى معرض شتاء سراييفو 2002، وله مقتنيات خاصة فى متحف الفن المصرى الحديث والهيئة العامة لقصور الثقافة.