بمضمون درامى يغلفه الغموض، ومشاهد متفرقة وانفعالات متعددة، يقدم الفنان سامى أبوالعزم أحدث أعماله فى معرضه الجديد «مرايا الروح»، رحلة مشاعر مختلفة بين الوحدة والاغتراب والسكون والحركة والواقع والأحلام والمستقبل، يبحر مع المتلقى فى عالم آخر للمراكب القديمة المتآكلة لتعبر عن رحلة الإنسان فى الحياة من بدايتها وحتى تهالكها. يعبر الفنان ليس فقط عن انفعالاته المختلفة بل عن كل إنسان، إذ اعتاد تصوير الإنسان بواقعية تعبّر عن العزلة والاغتراب، فيقدم أعماله المتباينة بين ضوء النهار الساطع وظلمة الليل الحالمة، وكأنها تمثل الحالات المزاجية المتقلبة لكل شخص، يخوض معه رحلته الممتدة لاكتشاف روحه والتعبير عنها، كما تتميز أعماله بأسلوب واقعى خاصة فى فن التشخيص الذى يجسد موضوعات ذات بعد فلسفى. يتضمن فن سامى أبوالعزم التشخيص والطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية بأسلوب غير تقليدى، يركز على حضور الأشياء مع احترامه للمعانى الكامنة وراء المظهر غير التقليدى، فيقول إن الفكرة التى يقدمها فى المعرض هذا العام، لا تقتصر على مجرد التغيير، فالفنان قد يسلك نهجًا معينًا ويستمر عليه، لكنه فى كل مرة يقدم شيئًا مختلفًا فى الشكل أو فى الموضوع الذى يود التعبير عنه. ويوضح، فى حديثه ل«أيقونة»، أن أعماله فى «مرايا الروح»، ركزت هذه المرة على الشخصيات والمراكب القديمة التى تخضع للإصلاح، مضيفا: «أنا لا أعمل على مواضيع مختلفة بفكرة واحدة، بل أتبع أفكارًا متعددة. فالمراكب فى الأعمال تمثل رحلة الإنسان أو عمره؛ تبدأ المركب جديدة وتنزل البحر، ثم بعد فترة من الزمن تتقادم وتنقل إلى الورش لتنتهى رحلتها». ويضيف أن «الموديل» فى لوحاته، تظهر فى كل وضعية لها تحكى قصة أو تعبر عن شيء بمفردها، أو تشكل موضوعًا ما، فتارة تعبر عن العزلة أو اليأس أو الاغتراب، وتكون وضعيتها معبرة عن حالتها دون الحاجة إلى فكرة أخرى، فى معنى ينعكس من الداخل. وعن الصبار فى لوحاته، يقول إنه عمل عليها لفترة طويلة وقدم مجموعة كبيرة منها، فالصبار دائمًا ما يحمل معنى مختلفًا فى كل مرة يتناوله؛ فتارة يكون التركيز على جماله بمفرده، وتارة أخرى يعبر عن صبارة وحيدة فى خضم فراغ لا شيء يحيط بها، مضيفا أن «الصبار كنبات يرمز نفسه إلى الصمود فى وجه العزلة أو فى الصحراء، وقد اتخذته كرمز، وليس مجرد تسجيل لشكله». فى واحدة من لوحاته «سفر الخروج» يوثق الحرب على غزة ومأساة القطاع المستمرة لأكثر من عام ونصف من العدوان، فيوضح أن هذه اللوحة ترسم قطعة قماش وخلفية من جذوع وفروع الأشجار، لتعبر عن الأحداث التى وقعت فى غزة، فيقول: «استخدمت فيها بعض العناصر بشكل رمزى دون التصريح مباشرة بمأساة غزة والأحداث التى جرت فيها. فالأشياء فيها ترمز إلى معان أخرى؛ فالقماش المكون بطريقة معينة، وفروع الأشجار، والخلفية والأرضية التى تحمل بعض طلقات الرصاص، كلها رموز لما حدث فى غزة. وجاء اختياره ل«مرايا الروح» عنوانا لمعرضه تعبيرًا عن كل ما نمر به، فيقول: «نحن جميعًا، وليس الفنان فقط، لدينا ذكريات أو تجارب مررنا بها أو مشاهد معينة أو أحداث تبقى فى داخلنا وتنعكس لاحقًا فى شكل ما نود فعله أو التعبير عنه، سواء بالكتابة أو الرسم أو الصورة بما يشبه المرايا. وبنفس الفكرة، فالمعرض بأكمله هو مجرد إضاءة أو انعكاس لأشياء رآها أو يود التعبير عنها من خلال التصوير والرسم». استغرق إعداد المعرض الحالى – المعرض الفردى الخامس تقريبا للفنان- نحو سنتين ونصف إلى 3 سنوات تقريبًا، منذ معرضه الأخير السابق الذى كان بعنوان (أماكن) ونظمه فى 2022، لكنه شارك فى العديد من المعارض الجماعية. وتتميز أعمال الفنان بتراكيب لونية خاصة به، فيقول إنه لا يحب أن يكن له باليتة ألوان محددة يعمل من خلالها، لكن التركيبة اللونية نفسها هى الأهم بالنسبة له، فيقول: «أنا لا أستخدم الألوان الصريحة دائمًا، بل الألوان المركبة التى تحتوى على أكثر من مجموعة لونية». الضوء والظل هما العاملان الأساسيان فى العمل لديه، أما المجموعات اللونية فقد تتغير، وليس شرطًا أن يثبت على درجات معينة فيها لكن ألوانه دائما تتسم بالكثافة والتعقيد، فيقول: »المهم بالنسبة لى أن تكون الألوان مركبة وليست صريحة، فالأخضر والأحمر لن يراهم المتلقى بشكل صريح بل يدخل فيها درجات الرماديات فى تركيب اللون. لكن العامل الأساسى يبقى الضوء والظل فى الشكل العام للوحة». المعرض يستمر فى جاليرى المشهد خلال الفترة من 29 أبريل حتى 29 مايو.