تمكنت قوات الأمن، في عملية أمنية جرت بإذن من النيابة العامة، من ضبط شبكة إجرامية تدير قنوات فضائية غير مرخصة على القمر الصناعي، تروج لمحتوى غير قانوني وتحصل على تمويلات من تبرعات وهمية. الكشف عن عمليات جمع تبرعات لتمويل قنوات فضائية غير مرخصة في أكتوبر العملية، التي جرت في منطقة 6 أكتوبر، أسفرت عن ضبط معدات تصوير وبرامج مونتاج مقلدة، بالإضافة إلى مبالغ مالية ضخمة وتبرعات مزورة تم جمعها عبر منصات التواصل الاجتماعي. المتهمون، الذين كانوا يروجون لمشاريع وهمية مثل: بناء المساجد وزراعة النخيل، استغلوا المواطنين في جمع الأموال عبر قناتي «مصر البلد» و«المديح» غير المرخصتين. التحقيقات أظهرت تورطهم في انتهاك حقوق الملكية الفكرية واستغلال القنوات الفضائية غير المرخصة للتربح من الإعلانات، مما يعرض الأمن الإعلامي للخطر. نفّذت الإدارة العامة لمباحث المصنفات الفنية، قسم مكافحة جرائم البث الفضائي، حملة موسعة استنادًا إلى إذن صادر من نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال بتاريخ 7 أبريل 2025، يخول للمقدم أحمد الكفراوي، رئيس القسم، مباشرة إجراءات الضبط والتفتيش بحق المشتبه به (خالد.ك.م)، الشهير ب«خالد الحكيم»، البالغ من العمر 40 عامًا، والمقيم بدائرة قسم شرطة أول أكتوبر، في ضوء ما نُسب إليه من تورط في إدارة قنوات فضائية غير مرخصة، وبث محتوى إعلامي مخالف، إلى جانب جمع تبرعات مالية بطرق غير مشروعة. التحقيقات تكشف عن جمع تبرعات وهمية لتمويل قنوات فضائية غير مرخصة داخل مصر وخارجها جاء التفويض القضائي شاملًا لضبط وتفتيش المتحرى عنه، ومسكنه، ومقر الاستديو الخاص به الواقع بالحي الأول بمدينة السادس من أكتوبر، كما نص الإذن على ضبط الأجهزة والمعدات والأدوات المستخدمة في النشاط محل التحري، وكافة الوسائط الإلكترونية والهواتف المحمولة واللابتوبات والتابلت وأجهزة التخزين، فضلًا عن أي مستندات أو أوراق تثبت معاملات مالية مشبوهة، أو دلائل على تأسيس شركات أو امتلاك عقارات ومنقولات داخل أو خارج البلاد، إلى جانب ما قد يظهر عرضًا أثناء التنفيذ مما يُعد حيازته أو حراسته جريمة يُعاقب عليها القانون. وبتنسيق مشترك بين الإدارة العامة لمباحث المصنفات ومديرية أمن الجيزة وقطاع الأمن العام، تحركت قوة أمنية بقيادة المقدم الكفراوي نحو مقر الاستديو، وقبل الدخول إلى الموقع، تم توزيع عناصر من القوة الأمنية في محيط العقار لتأمين الموقع والتأكد من إحكام السيطرة على المكان. عند الدخول من الباب الحديدي الذي تبين أنه مفتوح، لاحظت القوة وجود شخص داخل غرفة على يسار الداخل، يجلس أمام شاشتين متصلتين بجهازي حاسوب متصلين بشبكة الإنترنت من خلال جهازي راوتر، وعند مواجهته والتعريف بالصفة الرسمية لأعضاء القوة وشرح مضمون إذن النيابة، نفى الشخص المذكور تواجد المأذون بضبطه، وقدم بطاقة هويته، التي تبين منها أنه يدعى «عبدالرحمن.و.م»، من مواليد 12 يونيو 1994، حائز على مؤهل ثانوي أزهري، ويقيم بمنطقة 800 فدان بمدينة 6 أكتوبر. تفاصيل عمليات ضبط وتحقيق في قضية جمع تبرعات وهمية عبر الإنترنت والقنوات الفضائية غير المرخصة وأشار «الشريف» إلى أنه يعمل مديرًا للاستوديو ومونتيرًا، وبفحص جهازي الكمبيوتر واللاب توب الموجودين بالمكان، ثبت أنهما يُستخدمان في إدارة قناتي «مصر البلد» و«المديح»، وكلاهما غير مرخص لهما بالبث الفضائي، كما تبين وجود قناة على منصة يوتيوب تُدار تحت اسم «مصر البلد» ويتجاوز عدد مشتركيها 87 ألفًا، وقد تم تحميل ما يزيد عن 3000 مقطع فيديو عليها، بإجمالي مشاهدات بلغت نحو 13.9 مليون مشاهدة، كما تم رصد صفحة على «فيسبوك» بنفس الاسم تضم قرابة 21 ألف متابع. كذلك تبين أن قناة «المديح» على منصة يوتيوب تملك 35 ألف مشترك، وتضم أكثر من 2000 مقطع فيديو، بمشاهدات تقترب من 3.4 مليون مشاهدة، وتتضمن محتوى مرئيًا يشمل إعلانات وبرامج دينية ومسلسلات وأغانٍ، بعضها محمي بحقوق الملكية الفكرية ولم يُصرح بإعادة بثه، كما ثبت استخدام برامج مونتاج وفوتوشوب مقرصنة من نوع «أدوبي» و«فاينال كت»، إلى جانب برامج إرسال محتوى فضائي عبر الإنترنت إلى وسطاء بث يتعاملون مع القمر الصناعي «يوتلسات». وأثناء استمرار إجراءات التفتيش، لاحظت القوة وجود هاتف محمول بجوار اللابتوب، وبسؤال «عبدالرحمن» وجدي عنه، أفاد أنه يخصه شخصيًا، وتم التحفظ عليه، وبفحص الهاتف تبين احتواؤه على محادثات عبر تطبيق «واتساب» تشير إلى تورطه في نشاط إدارة الاستديو، وإجراء تنسيقات مع عدد من الأفراد العاملين بالمجال الإعلامي غير المرخص، حيث ظهرت محادثات مع شخص مُسجل تحت اسم «عبدالله الشريف»، يناقش فيها تفاصيل التعديل على إعلان، واقتراح خصم مالي، بالإضافة إلى محادثات مع آخر يُدعى «أحمد – مندوب بني سويف»، أرسل إليه مقطع فيديو خاص بتصوير مسجد تحت الإنشاء لجمع التبرعات لاستكمال أعمال التشطيب. كما تم رصد مجموعة تحمل اسم «تنفيذ وعمل قناة المديح»، تضم سبعة أعضاء، بينهم شخص يُدعى «عبادة المديح»، وهو المسؤول عن إرسال مقاطع الفيديو باستخدام خدمة «Google Drive» من خلال بريد إلكتروني مسجل باسم «[email protected]»، إلى جانب أسماء متعددة مسجلة ضمن جهات الاتصال، بعضها يحمل صفات إعلامية وهمية كمذيعين أو معدّي برامج. تفاصيل ضبط 150 ألف جنيه و1,700 دولار أمريكي في قنوات فضائية غير مرخصة وفي ذات السياق، واصل رجال الأمن تفتيش الاستديو، حيث عُثر على معدات تصوير مهنية منها كاميرا تلفزيونية كبيرة الحجم من ماركة «باسولك»، مزودة بوحدتي فلاش احترافي بعواكس طولية، وُجد بداخلهما كروتا ذاكرة رقمية، كما تم ضبط 4 ميكروفونات تسجيل، وسماعة رأس احترافية مزودة بوحدة تحكم صوتي، وخلال استكمال عمليات التفتيش، تم العثور على شخص آخر داخل غرفة مجاورة بالصالة، وبعد التعريف بالصفة الأمنية وعرض إذن النيابة عليه، تبين أنه يدعى «محمد.ع.م»، من مواليد 17 ديسمبر 1989، ومقيم بمركز فارسكور بمحافظة دمياط، وقدّم بطاقة الرقم القومي الخاصة به، وأفاد بأنه موظف يعمل بالاستوديو. وخلال تفتيش الغرفة التي كان بداخلها، عثرت القوة على حقيبة يد صغيرة رمادية اللون، وبفتحها تبين وجود مبلغ نقدي قدره 150.700 جنيه مصري، و1.700 دولار أمريكي، و300 ريال سعودي، كما وُجد بداخل الحقيبة دفتران لإيصالات استلام نقدية، مدوّن عليهما اسم «مؤسسة فينا الخير»، وتضمن أحد الإيصالات اسم متبرع، مع توضيح قيمة وسبب التبرع، وبسؤال محمد قورة عن مصدر تلك الأموال، أقر بأنها متأتية من تبرعات المواطنين مقابل الإعلانات التي تُعرض على قناتي «المديح» و«مصر البلد»، وكذلك من العوائد الإعلانية للمنتجات التي تُروّج عبر القنوات المذكورة. تفاصيل ضبط معدات تصوير وأجهزة حاسوب في استوديوهات قنوات غير قانونية استمرت عمليات التفتيش حتى تم العثور على شخص آخر داخل غرفة مواجهة للمدخل الرئيسي، تبين لاحقًا أنه «عبدالله.م» من دسوق النجار، مواليد 3 فبراير 1987، حاصل على دبلوم تجارة، ومقيم بمدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية، وأفاد «الخريسي» بأنه يشغل منصب مدير قناة «مصر البلد»، وبتفتيش المكان عُثر على منضدة تحتوي على عدة بطاقات تعريفية مطبوعة عليها اسم القناة، وأسماء العاملين، من بينهم خالد الحكيم بصفته رئيس مجلس الإدارة، إلى جانب 5 سترات تحمل شعار «مصر البلد». وبعد الاستفسار منه عن تواجد أشخاص آخرين، أقر بوجود اثنين آخرين داخل إحدى الغرف، واصطحب رجال الأمن إلى الغرفة حيث وُجد شخص يدعى «الدين.م.ق»، مواليد 24 مارس 1979، ومقيم بكفر أبوجمعة بمحافظة القليوبية، وكان بحوزته هاتف محمول من ماركة سامسونج. وبتفتيش الهاتف، عُثر على مقاطع فيديو تُظهر قطعة أرض مزروعة بشتلات النخيل، تحمل لوحات خشبية مسجّل عليها أسماء متبرعين، ويقوم المذكور بتصوير تلك المشاهد بهدف نشرها على قناة «مصر البلد» ضمن حملة «الصدقة الجارية». ووفقًا لشهادة «الخريسي»، فقد حاول شخص كان بصحبته الهروب من النافذة عند علمه بتواجد القوة الأمنية، وعلى الفور تم تمشيط المنطقة المحيطة بالمنور الداخلي للعقار، حيث عُثر على شخص مستلقٍ بجوار السور مصابًا بعدة إصابات ظاهرية، وبالتحقيق معه، أفاد أنه يُدعى «أيمن.إ.م»، من مواليد 1 يناير 1994، ومقيم بالساحل – القاهرة، وعلل محاولته الهرب بخوفه الشديد من الإجراءات القانونية. استمر رجال الأمن في التفتيش داخل الشقة، حيث تم العثور على كيس بلاستيكي كبير يحتوي على مبلغ نقدي قدره 1،696 جنيه، بالإضافة إلى 308 دولارات أمريكية، كما تم ضبط كيس آخر يحتوي على مستندات تتعلق بمؤسسة «فينا الخير»، تُظهر تبرعات من المواطنين للمشاريع الخيرية المختلفة، مثل «مشروع وقف زراعة النخيل»، وتم العثور على مجموعة من الهواتف المحمولة من ماركة «نوكيا»، كان يحمل كل منها شرائح هواتف مسجلة بأرقام متعددة، والتي تشير إلى التواصل مع المواطنين عبر مؤسسة «فينا الخير» بهدف جمع التبرعات. كما تم العثور على كاميرا رقمية ماركة «كانون»، بالإضافة إلى أربعة أقراص صلبة (هارد ديسك)، اثنان منها من ماركة «سيويت» مخصصان لتخزين محتويات خاصة بالقنوات الفضائية، وثالث من ماركة «توشيبا»، ورابع من ماركة «ويسترن»، وكلها تحتوي على أرشيفات وفيديوهات وبرامج مونتاج مرتبطة بالقنوات غير المرخصة التي تم ضبطها، فضلًا عن مواد إعلامية تروج لمحتويات مشبوهة. وفي ذات السياق، تبين أن القنوات الفضائية غير المرخصة كانت تُبث عبر القمر الصناعي «يوتيل سات»، ما يتيح للمشاهدين في مصر متابعة هذه القنوات غير القانونية، كما استُخدمت الأجهزة المضبوطة في استلام وتوزيع المحتوى الفضائي عبر الشبكات الإنترنتية ورفع محتويات عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«يوتيوب»، ما يعزز انتهاك حقوق الملكية الفكرية ويشكل تهديدًا واضحًا للأمن الإعلامي. القبض على المتهمين في قضية غسل أموال عبر قنوات فضائية غير مرخصة وبالعودة إلى التحقيق مع المتهمين، تبين من اعترافاتهم أنهم كانوا يديرون قناتي «مصر البلد» و«المديح» غير المرخصتين على شبكة الإنترنت، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويجني القائمون على هذه الشبكات عوائد مالية ضخمة من خلال الإعلانات الممولة على هذه المنصات، وقد أشار المتهمون إلى أن هذه العوائد كانت تُستخدم لتغطية نفقات تشغيل القنوات وتوسيع نطاق بثها، بالإضافة إلى دعم مشروعات وهمية كجمع التبرعات لبناء المساجد وزراعة النخيل، في وقت كانت هذه الأموال تُستغل في أغراض شخصية وتجارية غير مشروعة. تم توجيه التهم للمتهمين بناءً على القوانين المصرية التي تحظر بث أي محتوى إعلامي دون ترخيص من الجهات المختصة. وتشمل هذه القوانين قانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن إنشاء وإدارة القنوات الفضائية، وكذلك قانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بتقنية المعلومات ورفع المصنفات السمعية والبصرية دون موافقة أصحاب الحقوق المادية والأدبية عبر شبكة الإنترنت. إضافة إلى قانون رقم 38 لسنة 1992، الذي ينظم الرقابة على المصنفات الفنية والإعلامية، وقانون رقم 82 لسنة 2002 المتعلق بحماية الحقوق المادية والأدبية للإنتاج الإعلامي، وقانون رقم 8 لسنة 1997 المتعلق بضمانات وحوافز الاستثمار، والذي يفرض قيودًا على إنشاء قنوات فضائية دون ترخيص. وفي ضوء التحقيقات التي جرت، تبين أن المتهمين كانوا قد قاموا بتشغيل محتوى القنوات الفضائية من خلال استخدام برامج مقلدة ومقرصنة، وتورطوا في انتهاك حقوق الشركات الإعلامية الكبرى، سواء على مستوى الإنتاج الفني أو الحقوق المالية المتعلقة بالإعلانات التجارية، كما أظهرت التحقيقات أن المتهمين كانوا يتلاعبون بالقانون ويستغلون القنوات الفضائية غير المرخصة لجمع أموال تبرعات وهمية، مما يضر بالمواطنين ويعرضهم لخداع مستمر. وعليه، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتهمين، الذين تم التحفظ عليهم جميعًا رهن التحقيق، كما تم إرسال المصابين، مثل «أيمن إسماعيل محمود الورنتي»، إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الطبية اللازمة بسبب الإصابات التي تعرض لها أثناء محاولته الهروب. وفي الختام، أكد المسؤولون الأمنيون أن التحقيقات ما تزال مستمرة لكشف كافة الأبعاد المتعلقة بهذا النشاط الإجرامي، وأن السلطات المعنية ستستمر في ملاحقة جميع الأفراد المتورطين في هذا النشاط غير القانوني، خاصة في مجال الإعلام الإلكتروني، لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق المواطنين من الاستغلال.