بعد سنوات من الجمود فرضته أسعار الفائدة المرتفعة، تترقب البورصة المصرية تحولًا جذرياً في مسارها، إذ بدأت تتنفس الصعداء مع إعلان البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25%، في خطوة وصفها محللون بأنها بداية «موجة تيسير نقدي» قد تعيد الحياة إلى سوق المال المتعطش للسيولة. إشارات أولية على الانتعاش صباح الخميس الماضي، شهدت شاشات التداول في البورصة المصرية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث أغلق مؤشر «EGX30» الرئيسي مرتفعاً بنسبة 0.82%، وعلى الرغم من أن هذه الزيادة قد تبدو بسيطة، إلا أنها حملت في طياتها إشارات واضحة: السوق بدأ يتحرك من جديد والفرصة باتت مواتية لجذب مزيدٍ من الاستثمارات. الدكتور أحمد أبوعلى، الباحث الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، علّق على المشهد بقوله إن في الظروف الطبيعية يُقاس ما يُعرف ب«سعر الفائدة الحقيقي» بطرح معدل التضخم من سعر الفائدة الإسمي، وفي الحالة المصرية لا يزال هناك فائدة مرتفعة حتى بعد خفضها بنسبة 2.25%، وهي واحدة من أعلى المعدلات على مستوى العالم، ما يجعل السوق المصري بيئة جذابة للمستثمرين الأجانب الباحثين عن العوائد السريعة أو ما يُعرف ب«الأموال الساخنة». ما أهمية الفائدة الحقيقية بالنسبة للدولة؟ الفائدة الحقيقية هي العامل الرئيسي في جذب أو طرد الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل، فالمستثمرون يفضّلون الأسواق التي تقدم عائدًا حقيقيًا أعلى، بغض النظر عن القيمة الاسمية للفائدة، ومن هنا تتجلّى حساسية خفض الفائدة في الوقت الراهن. وأضاف «أبوعلي» في تصريحاته ل«المصري اليوم» أن مصر تعاني في الوقت الحالي من ضغط داخلي بسبب عبء خدمة الدين، حيث تتحول الفوائض الدولارية إلى عجز سنوي يتجاوز 20 مليار دولار، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول كيفية سد هذه الفجوة. ضريبة موحدة بدلاً من الرسوم المتعددة خفض سعر الفائدة يخفّف العبء عن الحكومة، لكنّه في الوقت نفسه قد يُقلق المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن أعلى عائد ممكن، علمًا بأن معظم عائدات الضرائب الحكومية تذهب لسداد فوائد الدين العام، لذلك تعمل الحكومة على طرح تسهيلات جديدة أمام المستثمرين، ومنها ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن استبدال الرسوم التي تفرضها الجهات الحكومية المختلفة بضريبة موحدة على صافي أرباح المستثمرين. وهو ما رحّب به محمد العرجاوي، رئيس شعبة الجمارك بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، خلال بيان صحفي أمس الأحد، قال فيه إن المجتمع التجاري طالما طالب بتبسيط هيكل التكاليف التي تتحملها المشروعات، خصوصًا الرسوم المتعددة التي كانت تفرضها جهات مختلفة دون تنسيق، ما كان يرهق الكيانات الاقتصادية ويؤثر على قدرتها على التوسع. واضاف «العرجاوي»: «الرؤية الجديدة تعكس حرص الدولة على دعم القطاع الخاص ليقود النمو الاقتصادي، ونحن في الاتحاد العام للغرف التجارية نؤيد هذا التوجه، وندعو إلى سرعة وضع آلية تنفيذية واضحة تضمن التدرج والعدالة والشفافية».