«في مرحلة الأخذ والرد».. هل التقارب بين دمشق ودروز السويداء تفاهم أم اتفاق؟

استطاع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا، حكمت الهجري، التقارب مع الإدارة الانتقالية الحالية في دمشق، المتمثلة في الرئيس، أحمد الشرع، حيث وقعت الحكومة السورية، اتفاقًا لتنظيم الأوضاع الإدارية والأمنية في محافظة السويداء في جنوب البلاد.
وجاء ذلك خلال لقاء جمع «الهجري»، بحضور محافظ السويداء، مصطفى البكور، وعدد من الشخصيات التي شاركت في مؤتمر الحوار بدمشق، وفقًا لما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية»، أمس الأربعاء.
وخلص الاجتماع بورقة تتضمن مجموعة من البنود، التي تعهدت الإدارة الانتقالية بتنفيذها بالتنسيق مع أبناء المحافظة، لمعالجة الملفات العالقة وتحقيق استقرار إداري وأمني في المنطقة، ويأتي الاتفاق بعد حالة انقسام حادة بين الدروز في محافظة السويداء وصل بعضها إلى حد التهديد بالاشتباك المسلح.
تفاهم أم اتفاق؟
وبات الاتفاق الجديد محض تساؤل، حول ما إذا كان التقارب بين الحكومة السورية والدروز أنهى الخلاف بينهما من جهة، وبين الدرزي- الدرزي من جهة أخرى، وهل هو تفاهم أم اتفاق؟.
إلى ذلك، خرج رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري للجنوب السوري، نجيب أبوفخر؛ ليرد على هذا التضارب، قائلًا«:» إن ما حدث ليس اتفاقًا رسميًا بين الإدارة السورية الجديدة والدروز في محافظة السويداء، بل هو مجرد «تفاهمات» تم التوصل إليها خلال الأشهر الماضية، مؤكدًا على أنه لا يوجد أي انشقاق داخل «البيت الدرزي»، وأن أهالي السويداء متفقون على أن «الدروز لن يكونوا السكين في خاصرة الوطن»، وفقًا لما نقلته قناة«الحرة» الأمريكية عن المسؤول ذاته.«
وبالرغم من تفاؤل البعض من هذه التفاهمات، إلا أنها لم تحظ بتوافق كامل من جميع الأطراف في السويداء، وأنها لا تزال في مرحلة «الأخذ والرد»- حسب أبوفخر-، مشيرًا إلى التفاهمات هي «جزئية» ولن تكون ملزمة لجميع الأطراف.
لم الشمل وتحقيق السلام
من جانبه، قال الأكاديمي والباحث السياسي السوري، ياسر النجار، في حديث ل«الحرة»، إن الإدارة السورية الجديدة أثبتت من خلال توقيع هذه التفاهمات أنها ماضية في لم شمل السوريين فيما بينهم«وتهدف إلى تحقيق السلام في أنحاء البلاد، لافتًا إلى أن تسارع الأحداث يدل على أن هذه الإدارة تتعامل بمفهوم الدولة بشكل شامل، وليس بمفهوم الفصيل المسلح أو التيار السياسي.
وأكد«النجار» على أنها محاولة أن تبقى على مسافة واحدة من جميع السوريين، موضحًا أن هناك مطالب «محقة» من الأهالي في السويداء، والجميع يعبر عنها مع اختلاف المسميات.
وبالرغم من تحفظات الزعامات الدينية والسياسية، إلا أن تشكيلات عسكرية في السويداء، توصلت إلى اتفاق مع السطات السورية لتحديد شكل العلاقة بين الطرفين، ومن بين هذه التشكيلات «حركة رجال الكرامة»، الفصائل المنضوية في «مضافة الكرامة»، التي يتزعمها ليث البلعوس وفصيل «أحرار جبل العرب»، الذي يقوده الشيخ سليمان عبدالباقي.
ويطالب تيار حكمت الهجري مع الفصائل العسكرية المؤيدة له بضمانات محددة قبيل الانخراط الكامل مع دمشق، كما طالب هذا التيار قبيل توقيع الاتفاق، بتدخل دولي لضمان دولة مدنية وفصل للسلطات في سوريا.
بنود ورقة التفاهم
وعلى الصعيد ذاته، تضم السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية، تشكيلات محلية مسلحة عدة منذ سنوات، وبموجب التفاهم الجديد، تعهدت إدارة «الشرع» بتنفيذ عدة بنود منها تفعيل الضابطة العدلية فورًا، وتفعيل الملف الشرطي والأمني في وزارة الداخلية، وتنظيم الضباط والأفراد المنشقين وكافة الفصائل المسلحة في وزارة الدفاع.
وتشمل صرف كافة الرواتب المتأخرة للموظفين، وإعادة النظر بجميع المفصولين عن العمل قبل تاريخ الثامن من ديسمبر 2024، إلى جانب إصلاح المؤسسات التابعة للدولة ماليا وإداريا، والحفاظ على السلم الأهلي، ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة.
ووفقًا لتقارير إعلامية أن التفاهم الذي تم الكشف عنه، بالرغم من أنه يمثل أول خطوة علنية تربط بين حكمت الهجري والإدارة السورية الجديدة في دمشق، لكن لا يمكن اعتباره بمثابة اتفاق شامل.
وعلى صعيد آخر، كانت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أثارت مؤخرًا بلبلة في سوريا، والتي أشار فيها إنه إذا أقدم النظام على المساس بالدروز فأن تل أبيب ستؤذيه، وذلك على خلفية الاشتباكات في مدينة جرمانا الواقعة في ضاحية دمشق والتي يسكنها دروز ومسيحيون.
ولكن بالرغم من محاولات الاحتلال تنفيذ مخططاته التوسعية في سوريا على حساب الدروز، إلا أنهم شددوا على تمسكهم بوحدة سوريا، وهو ما أكده أيضًا الرئيس السوري، أحمد الشرع، بدعوته المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من مناطق توغلت فيها في جنوب سوريا.