الأربعاء الماضى ليلاً كتب الشيخ أنس السلطان من محطة مصر: «هو الواحد مفروض يعمل إيه لما يقابل أم شاب عنده 16 سنة ألجمتها الصدمة وواقفة فى زاوية على رصيف المحطة مستنية جثة ابنها بعد ما لقت اسمه بالصدفة ع التليفزيون؟ مفروض يعمل إيه لما يلاقى أبوه جاى يجرى عليها ويقول لها (كلمونى فى الشغل بيقولولى البقاء لله، هو الواد جراله حاجة؟) مفروض يعمل إيه لما يلاقى الأب بيطلب منه إنه يتأكد له ممكن اسم أحمد يكون جه غلط ويطلع مصاب مش شهيد (أحمد أسامة صلاح الدين) من فيصل.. ممكن تتأكديلى؟ ويلاقى عينيه فيها دموع مليانة أسى وأمل مش عايزه يموت؟ مفروض يعمل إيه لما يتأكد إن الولد استشهد بس مش قادر يواجه أهله اللى لسه مقتنعين إنه (ممكن يطلع اتصاب إن شاء الله) يعمل إيه وهو واقف جنبهم بعد ما الخبر يتأكد ويلاقى الأم اختفت راحت تدور على ابنها فى المحطة والأب بيخبَّط بإيده على راسه وتسمع جوه صدره صوت أنين مكتوم بس بيصم الآذان؟ مفروض تعمل إيه لما يعجز لسانك عن نطق كلمة مواساة واحدة؟ تعمل إيه لما تلاقى عائلة كاملة جايه بتقول لهم (ماتخافوش ممكن يكون اتصاب بس لسه فى بورسعيد، احنا برضه محمد ابننا لسه ما نعرفش عنه حاجة بس إن شاء الله عايش)، وعلى ما تيحى تشاورلهم إن أحمد خلاص مات عشان ما يتعبوش الراجل ومراته أكتر تلاقى ابنهم التانى بيجرى عليهم وصوت صريخه بيرج المحطة وبيقول لهم (محمد راح.. اتأكدت إنه راااااح) فتسقط أم محمد بين يديك وجسمها ينتفض.. تعمل إيه لما طول ما إنت واقف رجالة الألتراس واقفين يهتفوا وأول ما يتعبوا من الهتاف ياخدوا بعض بالأحضان ويجهشوا بالبكاء؟ هو الواحد مفروض يعمل إيه لما يحس إن البلد دى قبل الثورة وبعد الثورة مش جايه غير ع الغلابة؟ يعمل إيه لما رجله تبقى مش مطاوعاه إنه يمشى يروّح فى نهاية ليلة زى دى.. يعنى إيه (أرجع ع البيت) وفيه ألف بيت النهارده خالى؟ يا محطة مصر.. يا نقطة اللقاء والفراق.. إمبارح كنت نقطة فراق أبدى ما بين أهالى مكلومين وأطهر الأبناء.. وكنت بين قلوب كتير اتوحدت ضد العسكر نقطة لقاء». انتهى الاقتباس فوجدت نفسى أتحدث إلى الشيخ الجليل ألا يقول شيئا، فلا كلمات بإمكانها مواساة المفجوعين فى أبناء فى زهرة شبابهم، لا بديل عن القصاص، ليس من مدير أمن بورسعيد أو المحافظ فقط، لكن من المجلس العسكرى الحاكم للبلاد الذى لم يقدم متهما واحدا فى كل المجازر السابقة. فهذا الدم فى رقبته سواء كان هو المخطط أو كان الأطرش فى الزفة. الثورة مستمرة، يكفى أن نتأمل أداء المجلس العسكرى بين تهوين من شأن المأساة ومطالبة المشير الشعب بألا يسكت على البلطجية! هل إلى هذا الحد أفزعتهم حشود 25 يناير؟ يا شيخ أنس كيف يمكن أن تحدث المجزرة فيصيح الشعب فى صوت واحد بأنها مؤامرة انتقاما من شباب الألتراس، ويهتفون بحياة شعب بورسعيد العظيم؟ لقد أفشلنا لهم مخطط الفتنة فى مهدها. دعهم على اعتقادهم أننا سنخاف من الموت، وسنعود إلى الحظيرة المباركية، اتركهم لغفلتهم فهى كفيلة بهم، أما نحن فالألم رفيقنا حتى انتصار ثورتنا.