بادر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى تقديم موعد الانتخابات الداخلية التى يفترض أن تجرى قبل 3-6 أشهر من الانتخابات العامة، ويهدف بذلك إلى حسم ترشيحه بسهولة، إذ إن منافسيه اعترضوا على هذه الخطوة، وكانوا يطالبون بمنحهم الوقت لتنظيم صفوفهم، وانسحب من السباق منافسه الأساسى سيلفان شالوم نائب رئيس الحكومة محتجاً، وبقى أمامه فى حلبة التنافس موشيه فاجلين وهو رجل متدين يطرح برنامجاً سياسياً عنصرياً متعصباً لترحيل أكبر قدر من الفلسطينيين عن وطنهم. سبب تقديم «نتنياهو» موعد الانتخابات الداخلية يرجع إلى تخطيطه لتقديم موعد الانتخابات العامة المقررة فى شهر نوفمبر 2013، وإجرائها فى نوفمبر 2012 قبل أن ينتخب الرئيس باراك أوباما لدورة ثانية، فهو يخشى من أن يتفرغ «أوباما» لانتقاد إسرائيل وممارسة الضغوط عليها بهدف التوصل إلى اتفاق تسوية دائمة للصراع مع الفلسطينيين، وعندئذ يؤدى الضغط الأمريكى إلى سقوط «نتنياهو» فى الانتخابات المقبلة. وكان قد حصل أمر كهذا ل«نتنياهو» نفسه فى دورة حكمه السابقة عام 1999، عندما فاز عليه إيهود باراك بعد أن تسبب «نتنياهو» فى عرقلة تطبيق اتفاق أوسلو وهاجمه يومها الرئيس بيل كلينتون. فعلى نار هادئة، وبعيداً عن أجواء التنافس الحقيقى، أجريت الانتخابات فعلاً لزعامة حزب «ليكود» الحاكم فى إسرائيل، لتمنح زعيم الحزب الحالى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سنوات أخرى على رأس الحزب ويكون مرشحه لرئاسة الحكومة فى الانتخابات العامة المقبلة. وخلافاً للمرات الخمس السابقة التى خاض فيها «نتنياهو» انتخابات زعامة «ليكود» (خسر مرة واحدة) فإن منافسه فى الانتخابات الداخلية موشيه فاجلين ليس من الوزن الثقيل، ومن هنا فإن فوز «نتنياهو» كان مؤكداً. أما مبادرة «نتنياهو» لإجراء هذه الانتخابات فقد جاءت إضافة للأسباب السابقة، ليوطد قدميه على كرسى زعامة الحزب فى غياب منافسيه من الوزراء البارزين خصوصاً موشيه يعالون وسيلفان شالوم اللذين آثرا عدم المنافسة لإدراكهما أن «نتنياهو» يتمتع بشعبية واسعة فى الحزب، وباستقرار ائتلافه الحكومى، وذلك على خلفية جمود العملية السياسية التى تواجه تحريكها معارضة من المعسكر المتشدد فى «ليكود» الرافض دفع أى ثمن، فى مقابل التوصل إلى تسويه دائمة للصراع مع الفلسطينيين. ويتفق المراقبون على أن «نتنياهو» بالرغم من أنه فقد الكثير من سحره، فإنه لايزال ملك «ليكود» واليمين الذى لا يجرؤ أحد على تحديه أو منافسته، فقد استفاد «نتنياهو» من غياب منافس قوى له ولحزبه، وذلك بعد الصراع المستشرى داخل حزب «كاديما» المعارض بين قطبيه تسيبى ليفنى وشاؤول موفاز فى ظل توقعات بأن يشهد انقساماً بعد الانتخابات الداخلية أواخر الشهر المقبل، أما حزب العمل المحسوب على اليسار فلا يبدو أنه قادر على مقارعة «ليكود» خصوصاً فى ظل تواصل انحياز الشارع الإسرائيلى نحو اليمين، ما يرشح تعزيز قوة سائر الأحزاب اليمينية والدينية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة فى مقدمتها حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، تماماً كما حدث فى ساحات الربيع العربى، وما تلاه من صعود الأحزاب الدينية على سدة الحكم. «نتنياهو» الذى كان فوزه متوقعاً وسجل انتصاراً كبيراً فى الانتخابات التى جرت قبل يومين لزعامة حزبه حصد 75% من أصوات أعضاء «ليكود»، وبحسب الإعلام الإسرائيلى فإن «نتنياهو» يعتزم تكريس زعامته للحزب واتساع شعبيته فى أوساط الإسرائيليين، كما أن حقيقة عدم وجود منافس حقيقى قوى له فى الأحزاب الأخرى تجعله يدرس إمكانية تقديم الانتخابات العامة المقبلة للكنيست، وهناك أسباب أخرى من شأنها أن تدفع «نتنياهو» لتقديم الانتخابات، فى مقدمتها أن مكانة «نتنياهو» داخل حزبه وفى المجتمع الإسرائيلى عموما متينة أكثر من أى وقت مضى، وحكومته سجلت إنجازات كثيرة بينما أحزاب المعارضة عاجزة عن توحيد صفوفها وعن مقارعة الحكومة!!