بعد حادث الأقصر.. استشاري صحة نفسية: ظاهرة التصوير السلبي للجرائم باتت أداة لنشر المأساة بدلًا من منعها

أعاد حادث إقدام شاب «مختل نفسيا»، على قتل موظف «ذبحا»، بمنطقة أبوالجود في الأقصر تسليط الضوء على ظاهرة التصوير السلبي للحوادث وأثرها النفسي على الأفراد والمجتمع.
وعلى الرغم من قسوة تفاصيل الحادث الذي راح ضحيته موظف فى سن ال58، إلا أن الغريب هو رد فعل المواطنين الذين تصادف وجودهم بمكان الحادث، إذ أقدم بعض شهود العيان على توثيق الحادث بتصويره فيديو بالهواتف المحمولة ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي، بدلًا من التدخل لإنقاذ الضحية أو محاولة وقف الجريمة، ليثير ذلك السلوك جدلًا واسعًا حول الأبعاد النفسية والاجتماعية لظاهرة «التصوير السلبي».
تحليل نفسي لظاهرة المشاهدة دون تدخل:
أكدت الدكتورة إيمان ممتاز، استشاري الصحة النفسية، أن هذا السلوك يرتبط ب«تأثير المتفرج»، (Bystander Effect)، وهي نظرية نفسية تشير إلى أن الأفراد في مجموعة كبيرة أقل ميلًا للتدخل، حيث يعتقدون أن شخصًا آخر سيتحمل المسؤولية.
وأضافت ممتاز في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم»، أنه مع انتشار وسائل التواصل، أصبح تصوير الأحداث جزءًا من ثقافة التوثيق الرقمي، إذ يشعر بعض الأفراد أن التصوير قد يساعد في تقديم دليل لاحق، لكنه غالبًا يتحول إلى أداة لنشر المأساة بدلًا من المساعدة الفعلية.
وأوضحت استشاري الصحة النفسية، أن هناك ما يسمى بالتنميل العاطفي نتيجة للتعرض المستمر للمحتوى العنيف عبر الإنترنت أو الإعلام، حيث يصبح الأشخاص أقل تأثرًا بالمواقف المأساوية، ما يؤدي إلى التعامل مع الحدث ببرود بدلًا من التعاطف الفعلي، بينما قد يؤدي الخوف الشديد أو الصدمة في بعض الحالات إلى شلل في الاستجابة، كما يصبح التصوير وسيلة غير واعية للتفاعل مع الحدث، خاصة عندما يشعر الفرد بالعجز عن تقديم المساعدة.
وأشارت، إلى أن سمة عصر «السوشيال ميديا»، سعى البعض إلى جذب الإعجابات والتفاعل، حتى لو كان ذلك على حساب أخلاقياتهم، موضحة أن نشر مقاطع الفيديو الخاصة بحادث الأقصر يعكس هذا البحث عن الانتشار دون مراعاة للأثر النفسي والاجتماعي على المتلقي والمجتمع ككل.
وعن التأثير النفسي لأهالي الضحايا، أكدت ممتاز، أن نشر تلك الفيديوهات يزيد من معاناة أسر الضحايا، حيث أن إعادة تكرار تلك المشاهد المؤلمة يعرضهم للإهانة العلنية، بينما يعاني بعض الذين شاهدوا الحادث من تأنيب الضمير أو اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب نتيجة لعدم تدخلهم في الوقت المناسب.
كيفية مواجهة هذه الظاهرة:
وقدمت استشاري الصحة النفسية عدة نصائح لتجنب التأثير النفسي لظاهرة التصوير السلبي للحوادث وهي:
1- تعزيز التعليم الأخلاقي والمسؤولية الاجتماعية:
يجب أن تركز المناهج التعليمية ووسائل الإعلام على غرس القيم الإنسانية وتعزيز ثقافة التدخل الإيجابي في الحالات الطارئة.
2- تدريب الأفراد على الاستجابة للطوارئ:
تعليم المواطنين كيفية التعامل مع المواقف الخطيرة، حيث يمكن أن يقلل من تأثير الصدمة والخوف ويشجعهم على التصرف بشكل إيجابي.
3- تنظيم المحتوى الرقمي:
يجب وضع قوانين صارمة تحظر نشر المحتوى العنيف على مواقع التواصل وتفرض عقوبات على من ينتهك خصوصية الضحايا.
4- زيادة الوعي بتأثير المتفرج:
توعية المجتمع بأهمية التدخل الإيجابي وتوضيح أن كل فرد يمكن أن يحدث فرقًا في المواقف الحرجة.
اطلع أيضا:
بعد حادث الأقصر.. أستاذ سموم يكشف خطورة مخدر الشابو وتأثيره على العقل