عام جديد بدون تنجيم أقبل علينا عام ميلادى جديد نتمناه عامًا يحمل ضمادات لكل جروح البشر، هؤلاء الذين رأوا فى عامهم المنصرم آلاما فاقت كل الحدود. فكان العام الفائت عاما صخريا تحطمت فوقه كل معانى الإنسانية والرحمة، وأصبح الناس فى الدنيا يحملون فى أذهانهم الكثير من الخوف والهواجس، من قدوم عام 2025 نظرا لأن جروح عام 2024 لم تندمل بعد. ولأن البعض دائما يترقب الجلوس أمام شاشات التلفزيون ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة، ويقلب بين القنوات الفضائية لرؤية هؤلاء المنجمين، أصحاب السبق فى إثارة الخوف من الإرهاصات الكاذبة، والتى ما تجد إعلاميا كبيرا يتجاوب فى تناول تلك الإرهاصات، والتى لا تكاد تخرج عن مضمون ثابت كل عام، وكثير من اللغو الذى يجذب انتباه كل القنوات الفضائية للأسف. ولكن هناك أمرا جدا خطيرا، لا أعرف إن كان لهؤلاء الإعلاميين علم به، أم لا، وبرغم خروج كثير من الأصوات محذرة من تواجد هؤلاء المنجمين، على شاشات التلفزيون، لتوجيه رسائل أراها نوعا من التوجيه المباشر، وغير المباشر نحو المجتمعات العربية، بتسليط الضوء نحو رسائل بعينها بالتأكيد هى رسائل موجهة لضرب المجتمعات، وإثارة الفتن والخوف لديها، مع وجود قاعدة عريضة من الناس استهوتهم تلك النوعيات من الأخبار المزيفة. وكم كنت سعيدا بصدور قرار من الأستاذ أحمد المسلمانى بصفته رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام، بمنع ظهور تلك الفئة من الدجالين على شاشات التلفزيون. هذا القرار يأتى مواكبا للأحداث التى تدور سيناريوهاتها على جميع المحاور لدولنا العربية، ومؤكد أنها ليست فى وقت يسمح لمزيد من المعلومات المغلوطة، أيا من كان مصدرها. مع الضرورة القصوى بالتنبيه على أصحاب تلك القنوات الفضائية، بالتوجيه نحو عمل برامج توعية للمواطنين، نحو ما يدور حولنا من أحداث لم يشهدها التاريخ المعاصر، من اجتياح صهيوأمريكى لكل بلادنا العربية، وإثارة العاطفة والحب تجاه الأوطان، التى نتمنى من الله أن يحفظ مصر والعالم كله، من شرور الصهيوأمريكية. وبإذن الله سيكون النصر لمصرنا ولمنطقتنا العربية. د. محمد الطربيلى «أمى فى السماء» سجلت لنا الروائية الكويتية المتميزة «أميمة عز الدين» رواية إنسانية رائعة، أبكتنى عند قراءتها، بعنوان «أبى فى العمل.. وأمى فى السماء»، وذلك بأسلوب جذاب جدًا ومؤثر، وإن كانت رواية خيالية لكنها تحدث على أرض الواقع. وبها شعور صادق وتعاطف إنسانى حقيقى مع كل شخص يفقد أمه الحنون، ومن روعة الروائية الواعية أنها استخدمت تعبيرا سمائيا جدا «أمى فى السماء»، وفى هذا نظرة إلى فوق حيث السماء التى بها أحباؤنا وأعزاؤنا. الرواية تقول إنه فى يوم من الأيام نسيت الطفلة «نور» إحضار كتاب المطالعة معها فى المدرسة، فقامت المُدرسة بتوبيخها حتى بكت الطفلة «نور». الطفلة «نور» لم تخبر أحدا أن أمها فى السماء، لأنها تشعر بوجود أمها معها، فهى تزورها دائما فى أحلامها، وتربت على كتفها، وتعطيها الكحك المحشو بالفستق واللوز. وبتكرار هذا الأمر تنسى الطفلة، عمل بعض الواجبات، لأنها مشغولة بأمها. وهنا تشعر الطفلة بالوحدة. تعود «نور» إلى البيت، فى المساء، تضع رأسها فى حضن جدتها، وهى طيبة جدا، تمشط شعرها، وتحكى لها الكثير من الحكايات. لكن «نور» لديها حكاية مختلفة تماما، فهى مُعاقبة معظم اليوم فى المدرسة، لا أحد يعرف حكايتها سوى صديقتها «زينب». «زينب» فتاة طيبة وشجاعة، ذهبت بنفسها إلى المُعلمة وأخبرتها أن «نور» تعيش مع الجدة بعد رحيل أمها. قالت المُعلمة، سوف تساعد «نور»، سأذاكر لها كل ما فاتها من دروس، بينما أنتِ لا تتركيها أبدا يا «زينب». وفى أثناء عرضى للرواية بكيت مرة أخرى، إذ تذكرت قصة حدثت فى عام 1963 وكنت فى السنة الثالثة الإعدادية. وفى يوم من الأيام لم يحضر صديق لنا للمدرسة! وعلمنا أن والدته قد رحلت. تأثرت جدا من تلك الواقعة، وبالأخص أننا كنا نقترب من الاحتفال بعيد الأم، وأخذت أفكر جديا فى صديقى هذا، وكيف سيقضى فترة الاحتفال بعيد الأم؟ فاقتربت منه أكثر فأكثر حتى أخفف من أحزانه والآمه. فالمشاعر الإنسانية لا تتجزأ، وتظل فى أعماق الإنسان ولا تمحوها السنين. فلتكن «السماء» هى وجهة نظرنا. تحية إلى كل أم تُحسن تربية أولادها، ونطلب الرحمة لكل أم فارقت حياتنا الأرضية وسكنت فى السماء. د. مينا بديع عبد الملك أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية