لم تصل مى عز الدين إلى النجومية صدفة.. ولم تصبح إحدى نجمات الصف الأول وتتميَّز فى أدوارها واختياراتها الجريئة بفضل ذكائها وحده أو إحساسها الفنى.. السر وراء كل ما حققته مى عز الدين واختياراتها هو اسم واحد «مها»، نعم فتّش عن مها والدة مى لتعرف كيف أن وراء الفتاة الناجحة أُمًّا دؤوبة جدًّا أصرًّت وآمنت بابنتها حتى حقَّقت ما تمنته وأكثر. مها والدة مى عز الدين هى الصديقة الأولى لها.. وهى بئر أسرارها ومنجم موهبتها مى قالت عن والدتها.. حياتى العائلية بها كثير من المفارقات، ولولا تلك المرأة الحديدية الصامدة التى أدعوها مها وأرفض أن أناديها باسم ماما من شدة قربنا وإحساسنا بانعدام الفروق فنحن شخص واحد.. لولا مها ما كانت مى عز الدين، لا الإنسانة ولا الفنانة، ولم أكن لأحقق أى شىء فى حياتى دون أُمى.. فقد انفصلت أُمى عن أبى وأنا فى سن الثالثة.. وكانت أمى بالنسبة إلىّ الأم والمعلمة والصديقة وزميلة الدراسة وناظرة المدرسة والرفيقة والقاسية والرقيقة.. نعم، مها هى كل هؤلاء فى شخص واحد.. كبرت لأجد أمى امرأة حديدية، كل يوم أرى تحديًا جديدًا فى حياتها وأنا طفلة لا أعى شيئًا إلا أن هناك مصاعب فى الحياة تخوضها تلك المرأة وتتخطاها وتحمينى وترعانى.. هكذا تعلَّمت التحدّى دون أن أدرى وتشرّبت الصلابة والصمود.. فأمى كرَّست شبابها وحياتها ونست نفسها كامرأة فى زهرة شبابها من أجلى أنا.. نحن نسمع هذا فى الأفلام وكلام الروايات، لكن أنا عشت مع أُم أجمل وأهم وأرقى من كل خيال المؤلفين والسينمائيين.. صمود أُمى علَّمنى كثيرًا.. علَّمنى أن أكون ممتنة لها لدرجة لا أتحكَّم فيها.. صحيح نحن أُم وابنة خارج نطاق الأشكال التقليدية.. نحكى لبعضنا كل شىء مهما كان، فهى مخزن أسرارى ومستشارى الأول. أحلم بالتمثيل من صغري وأضافت مى: وأنا صغيرة كنت أحلم بالتمثيل، ولا أعرف أى شىء فى الحياة، قلت لأُمى «نفسى أطلع ممثلة وأطلع فى التليفزيون»، فضحكت وقالت «حاضر مش هسيبك إلا لما تبقى زى ما انتى عايزة واللى نفسك فيه هعملهولك، أنا ماليش غيرك».. أثّرت فىَّ هذه الجملة جدًّا ولم أكن أتخيّل أن أُمى ستساندنى بهذا الشكل، لكنها أوفت بوعدها وما زالت هى السند الأول لى بعد الله، سبحانه وتعالى.. أنا ممثلة ليس لأنى أعظم موهبة أو صاحبة إرادة، ولكن لأن أُمّى امرأة فولاذية تحدَّت بى ومعى كل الظروف حتى حقَّقت حلمى. مي عز الدين: أستخدم إفيهات والدتي في أعمالي الكوميدية وعن أهم صفات مها التى ورثتها مى، قالت: غير الجدية والتحدّى والانضباط والتركيز على هدفى، والدتى تتميّز بحب المرح والفكاهة جدًّا، فهى لا تترك أى شىء إلا بتعليق كوميدى رائع، ومنها تعلَّمت الكوميديا وأحيانًا أقتبس من بعض «إفيهاتها» مواقف أستخدمها فى أفلامى الكوميدية، كما أنها تجيد تقمُّص الشخصيات جدًّا. وأخيرًا تحدَّثت مى عن مفترق طرق فى حياتها، وكانت أُمّها هى البوصلة التى شكَّلت عن طريقها شخصيتها.. وهى اختلاف الديانة بين مى ووالدتها، فمى مسلمة ووالدتها مسيحية، لكن تلك الأم كانت مسؤولة عن أن تعلِّم ابنتها المسلمة شعائر دين ليس دينها.. وكانت مهمة صعبة، ولكن لأن الأم متسامحة ومتصالحة مع نفسها، علَّمت الابنة الدين الإسلامى كما يجب.. علَّمتها الصلاة والمواظبة عليها، وكانت تعاقبها إن تركتها.. علَّمتها كيف يكون الصوم وكانت تشاركها فيه رغم أنها مسيحية لا تصوم.. لذلك اعتبرت مى والدتها مها امرأة لن تتكرر، فهى حالة فريدة، امرأة صامدة ومضحية ومنضبطة ومتسامحة دينيًّا، وابنتها هى الحياة التى عاشت من أجلها وتركت كل متع الحياة حتى تكون تلك الطفلة سعيدة ثم نجمة ناجحة وإنسانة متصالحة مع نفسها والعالم.