اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الغضب خلال اليومين الماضيين بسبب «أسود قصر النيل»، إذ تداول عدد من مستخدمي «السوشيال ميديا»، صورًا لعملية الصيانة التي تُجرى للتماثيل التاريخية الموجودة عند مدخل «كوبري قصر النيل» من الجانبين، منتقدين طريقة الطلاء التي تطمس القيمة الفنية للتماثيل العريقة. وتعمل محافظة القاهرة، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، على صيانة 21 تمثالًا تاريخيًا في الميادين العامة، من ضمنهم «أسود قصر النيل»، لكن الطريقة المتبعة لصيانة التمثاليل العريقة أثارت حالة من السخط بين المواطنين، بسبب دهان الأسود بشكل غير مهني، وسط انتقادات من جانب نقابة الفنانين التشكليين للطريقة المتبعة للطلاء. واتبع القائمين على عملية الصيانة ل«أسود قصر النيل»، باستخدام الطلاء العادي والطرق التقليدية ومنها مادة ال«لاكيه»، ما تسبب في تحويلها من اللون البرونزي إلى اللون الأسود، ما أخفى تاريخ ومعالم تلك التماثيل التاريخية. ردود أفعال ساخرة بدأت القصة عندما كتب الدكتور محمد الصبان، وكيل عام نقابة الفنانين التشكيليين عبر حسابه الشخصي على «فيس بوك» منشور يوثق من خلاله عملية الصيانة التي تُجرى ل«أسود قصر النيل»، قائلًا: «أمس الأول خرجنا من النقابة أنا والفنان طارق الكومي نقيب التشكيليين بعد تسيير أعمال ومهام مختلفة بالنقابة وعند خروجنا من بوابة الأوبرا المطلة علي الميدان وبه تمثال سعد زغلول فوجئنا بوضع سقالات حوله وحول أسود قصر النيل ولافتة كبيرة عن ترميمهم ليوضح طارق الكومي أن تمثال سعد زغلول والأسود الأربعة لاتحتاج إلا لعملية غسيل بمواد تنظيف بسيطة وده كلامه كأستاذ في النحت وخبير في ترميم الأعمال النحتية». وأوضح الصبان: «أمس بعد انتهاء تواجدنا بالنقابة وعند خروجنا من الأوبرا نفاجئ بمهزلة جديدة وهي دهان التماثيل برولة وبمادة لاكيه أشبه بالبلك الأسود وصعد نقيب التشكيليين السقالة ليلقي نظرة للتأكد مما رأينا من تشويه وسنعمل على إبلاغ المسؤلين لوقف هذه الأعمال التي ستمتد للعديد من التماثيل بكافة الميادين». وما أن انتشرت الصور التي توثق عملية الصيانة ل«أسود قصر النيل»، حتى انهالت الانتقادات بين الساخطة والساخرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فقال حساب باسم باسم عصار: «أسدين قصر النيل قبل وبعد الدهان»، فيما كتب حساب آخر باسم إيمان: «أنا سمعت أن فيه حد رش أسدين قصر النيل البرونز وشين لاكيه، طلع الخبر صح». بيان النقابة ذكر وكيل عام نقابة الفنانين التشكيليين: «أنه بخصوص ترميم أسود قصر النيل تم التواصل بين نقيب التشكيليين الفنان طارق الكومي والجهات المعنية وتمت الاستجابة السريعة من محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر وكذلك الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية وتم تحديد موعد صباح اليوم مع رئيس الإدارة المركزية للترميم الدقيق ليتم التنسيق بين نقابة الفنانين التشكيليين ووزارة السياحة والآثارعلى تضافر الخبرات للإنتهاء من عملية ترميم وصيانة أسود قصر النيل وإعادتها إلى أصل الباتينا اللونية للتماثيل وتشكر نقابة الفنانين التشكيليين المسؤولين الاهتمام وسرعة الاستجابة». تاريخ «أسود قصر النيل» شُرع في بناء «أسود قصر النيل» سنة 1886، بعد أن أصدر الخديوى إسماعيل أمرًا بإنشاء كوبرى يصل بين القاهرة والجزيرة، وبعد اكتمال بنائه في عام 1871، أمر تصميم أربعة سباع على رأس الكوبرى من الجانبين، وعلى الفور بدأ الفنان الفرنسى أوجين جليوم أولى خطواته في صنع «أسود قصر النيل»، إذ صنعها في فرنسا ثم أتى بها إلى الإسكندرية ثم إلى مكانها الحالى بقصر النيل. وخُصص مبلغ 198 ألف فرنك للإنفاق على المشروع، إذ تم تصنيع التماثيل من البرونز في فرنسا ونقلت إلى الإسكندرية ومنها إلى موضعها الحالى على مدخلى كوبرى قصر النيل، وتم صناعتها من البرونز المفرغ بطريقة التشكيل التشريحى للأعضاء الرئيسية لجسم الأسد وهى تمثل قيمة فنية وتاريخية وحضارية.