قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، إن إيران ربما تعيد النظر في نطاق وشكل عملياتها الانتقامية المخطط لها ضد إسرائيل بعد اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ولكن من غير المرجح أن تتراجع عن ذلك بسبب غياب الدعم الصريح من الدول الإسلامية للرد العسكري الإيراني، حسب ما أشار إليه مسؤولون. في هذه الأثناء، أفادت تقارير أن مسؤولين إسرائيليين خلصوا إلى أن جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة عازمة على تنفيذ هجوم في الأيام القليلة المقبلة ردا على اغتيال إسرائيل للقائد الكبير فؤاد شكر، ولكن درجة التنسيق مع إيران غير واضحة. وبحسب ما ورد، ذكرت مصادر أميركية وإسرائيلية في الأيام الأخيرة، أن طهران ما زالت في مرحلة اتخاذ القرار بشأن حجم ونطاق ردها بعد ضغوط دبلوماسية كبيرة لتجنب وقوع خسائر بين المدنيين. ويبدو من المرجح أن تستهدف إيران المسؤولين عن الهجوم، وتحديدًا الموساد ووكالاته، وليس المدنيين. وفي اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة هذا الأسبوع، كان هناك إدانة بالإجماع لمقتل هنية، إذ أشار الأعضاء إلى أن ذلك يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وسيادة إيران وسلامة أراضيها وأمنها الوطني. ولكن لم يصدر أي دعم جماعي رسمي لهجوم إيراني على إسرائيل، ودعا وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار في تصريحاته إلى التحلي بالهدوء والمثابرة في المسار الدبلوماسي، قائلاً إن الاغتيال يجب أن ينتقم ولكن «يجب ألا ننفذ خطة بنيامين نتنياهو لحرب أوسع نطاقاً». وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى إلى نصب فخ. وقال نتنياهو للجنود خلال زيارة لقاعدة تجنيد الجيش في تل هشومير، يوم الأربعاء، إن إسرائيل «مستعدة للدفاع وكذلك للهجوم ... نحن مصممون على الدفاع عن أنفسنا». وتستعد البلاد لرد فعل من إيران ومن حزب الله اللبناني، الذي اغتيل قائده العسكري، شكر، على يد إسرائيل في بيروت الأسبوع الماضي. وقد بدأت المستشفيات في شمال إسرائيل ولبنان في الاستعداد لاستقبال أعداد كبيرة من الجرحى. كما أرسلت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية هذا الأسبوع كتائب للبحث والإنقاذ إلى المدن الكبرى؛ كما تم حظر التجمعات الكبيرة في الهواء الطلق في شمال إسرائيل. ولكن إسرائيل لم تفرض بعد قيوداً صارمة على النشاط المدني أو تغير إرشاداتها الخاصة بالطوارئ، ويبدو أنها مترددة في إعطاء تحذير مبكر للغاية في حالة السماح لإيران أو حزب الله بتعديل خططهما. وفي مسعى لإحياء هجوم دبلوماسي أوسع وأكثر مصداقية ضد إسرائيل، اقترحت ماليزيا في اجتماع جدة عقد دورة طارئة منقحة للجمعية العامة للأمم المتحدة ومحاولة إعطاء أثر للرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن سياسة إسرائيل بشأن المستوطنات. وفي لقاء جانبي بين وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني على باقري، في جدة- وهو الثاني خلال أيام- قالت الأردن إنها ستسقط الصواريخ أو الطائرات بدون طيار الإيرانية إذا دخلت المجال الجوي الأردني في طريقها إلى إسرائيل. وقال الصفدي لشبكة سي إن إن: «كانت رسالتنا واضحة للإيرانيين والإسرائيليين، بأننا لن نكون ساحة معركة لأي شخص. لن نسمح لأحد، بقدر ما نستطيع، بانتهاك مجالنا الجوي. مسؤوليتنا الأولى هي تجاه شعبنا، وحماية سيادة بلدنا وسلامة شعبنا. لذا فإن موقفنا هو أنه لا ينبغي لأحد أن يستخدم مجالنا الجوي، ولا ينبغي لأحد أن يعرض شعبنا لخطر سقوط أي مقذوف فوق أي من أراضينا وإيذاء شعبنا، وهذا موقف أبلغناه لكل من الإيرانيين والإسرائيليين بعبارات لا لبس فيها». واتهم باقري، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، إسرائيل التي لم تعلق على مقتل هنية بالرغبة في «توسيع الحرب» في المنطقة، معتبرا أنها «لا تملك القدرة ولا القوة» لمحاربة إيران. وذكرت الصحافة الإيرانية الإصلاحية أن القرار بالامتناع عن شن هجوم انتقامي من شأنه أن يزيد من هيبة إيران في المنطقة، ويزيد من عزلة إسرائيل، بل وربما يعني أن إيران ستُنسب إليها الفضل في جلب السلام. وقالت الولاياتالمتحدة إنها ترسل رسائل إلى إيران مفادها أن أي هجوم سيكون له نتائج عكسية، وزعمت أنها أعادت تجميع التحالف العسكري للدفاع عن إسرائيل الذي عمل في أبريل خلال الاشتباك الأخير بين إيران وإسرائيل. وتخبر الولاياتالمتحدةإيران أيضاً بأن إسرائيل وحماس ربما تكونان قريبتين من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ولكن الأدلة الصريحة على ذلك لا تزال ضئيلة، وقد تم عرضها على دول المنطقة من قبل فقط لكي يثبت أن الاتفاق بعيد المنال. اتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمرة الثانية بالرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان لحثه ورئيس الوزراء الإسرائيلي على عدم الانخراط في دائرة العنف. لكن بزشكيان قال إن إيران «لن تبقى صامتة أبدا في مواجهة العدوان على مصالحها وأمنها». وقال بيزشكيان لماكرون إن الدول الغربية يجب أن تبذل المزيد من الجهود للضغط على إسرائيل. وأضاف: «إذا كانت الولاياتالمتحدة والدول الغربية تسعى حقًا إلى منع الحرب في المنطقة، فيجب عليها إجبار هذا النظام [إسرائيل] على وقف الإبادة الجماعية والهجمات على غزة وقبول وقف إطلاق النار». وقد أرسل وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي رسالة مماثلة لخفض التصعيد إلى باقري. وتشعر إيران بالغضب لأن المملكة المتحدة وفرنسا والولاياتالمتحدة لم تكن راغبة في إدانة اغتيال هنية، ولا يرى الدبلوماسيون الإيرانيون أي دليل على أن إسرائيل ستقدم أي تنازلات جديدة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار. كما تزعم إيران أن عجز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن إدانة الاغتيال بشكل جماعي يعني أن إيران لم يعد أمامها أي بديل سوى اتخاذ خطوات عسكرية أحادية الجانب. ولكن مع اقتراب الوقت الفاصل بين الاغتيال والرد الإيراني من أسبوعين، يتوصل المسؤولون بشكل متزايد إلى أن إيران ليس لديها أي نية لإثارة حرب إقليمية أو التسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين داخل إسرائيل. كما أن إيران منشغلة بالمراحل النهائية لتشكيل الحكومة الجديدة، والتي من المقرر أن تُعرض على البرلمان للتصديق عليها يوم الأحد على الأرجح. ويؤكد بيزيشكيان أنه يسعى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وليس مجرد إدارة يقودها فصيل إصلاحي. ومن المتوقع أن يحل عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية السابق، محل 'محمد جواد ظريف'. كما تكافح الحكومة الجديدة الغضب الشعبي إزاء نشر مقطع فيديو يظهر فتاتين مراهقتين يتم اعتقالهما وضربهما على أيدي أفراد من «شرطة الأخلاق». وقد وقعت هذه الحادثة في طهران قبل انتخاب الحكومة الجديدة، ولكن بيزيشكيان دعا إلى التحقيق في هذه الحادثة. #الغارديان تتحدث عن تغيير #طهران خطتها للرد على مقتل هنية: قد تستهدف المسؤولين عن اغتيال زعيم #حماس بدلا عن مهاجمة #إسرائيل #العربية pic.twitter.com/Cf6nVBAtQs — العربية (@AlArabiya) August 9, 2024