قالت دراسة حديثة لمركز السياسات البديلة، التابع للجامعة الأمريكية فى القاهرة، إن الأسمدة تشكل أعلى نسبة ضمن مستلزمات الزراعة بنحو 32٪ من إجمالى تكاليف الإنتاج النباتى فى عام 2022/2021. مشيرة إلى أن الزراعة فى مصر تعتمد على الأسمدة الكيماوية بنسبة 97٪، بينما ارتفعت أسعارها بما يعادل 564٪ خلال الفترة من 2016/2015 إلى 2021/2020 مواكبة لزيادة تكاليف الإنتاج والطاقة. أشارت الدراسة إلى أن زيادة تكاليف مدخلات الإنتاج كان له تاثير بشكل مباشر على أسعار المحاصيل وقدرة المواطن على الحصول على الغذاء، خاصة فى ظل ارتفاع التضخم ليسجل مستويات غير مسبوقة. أفادت الدراسة التى جاءت بعنوان «التراجع عن دعم الأسمدة يهدد الأمن الغذائى» بأنه رغم أهمية الأسمدة إلا أن حصتها من قيمة القروض العينية المقدمة إلى المزارعين قد تراجعت خلال السنوات العشر الماضية، كما يهدد تراجع الحكومة عن دعم تلك المدخلات الاستراتيجية وتركها لتقلبات السوق الحرة بحدوث زيادة أكثر فى الأسعار. وتابعت أن الحكومة توفر دعمها للمزارعين من خلال الجمعيات التعاونية والبنك الزراعى القائمين على توزيع مدخلات الإنتاج المدعمة، ويستفيد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة من القروض العينية، خاصة الأسمدة، لإنتاج المحاصيل وتوفير الغذاء للسوق المحلية بأسعار يستطيع المواطنون تحملها. وحسب الدراسة، برغم أهمية منظومة التعاونيات الزراعية فى تأمين المحاصيل الغذائية للسوق المحلية، فإن الحكومة أهملتها. وتراجع الدعم الموجه إلى المزارعين والذى يصلهم عن طريق التعاونيات والبنك الزراعى من 0.53٪ من إجمالى الموازنة العامة فى 2008/2007 إلى 0.10٪ فى 2024/2023. وأوضحت أن القطاع الخاص يشارك بنسبة ضعيفة، حوالى 20٪، فى توفير الأسمدة للسوق المحلية ويركز فى تصدير 76.4٪ من إنتاجه إلى الخارج، لذا يقع العبء الأكبر فى توفير الأسمدة للزراعة المحلية على القطاع العام بنسبة 80٪، وبالتالى فإن الاتجاه لخصخصة شركات الأسمدة الحكومية سيؤدى لتراجع الكميات المطروحة بالأسواق. أشارت إلى أن الحكومة ألزمت القطاع الخاص بتوجيه 55٪ من إنتاجه للأسمدة المدعمة، و10٪ للبيع بالسعر الحر فى السوق المحلية إلا أنها فشلت فى تطبيق هذا الالتزام. وتظهر تداعيات هذا فى وجود عجز فى الأسمدة المدعمة بنحو 1.8 مليون طن فى أكتوبر 2023 بحسب تقرير مجلس الشيوخ، حيث تم توريد 2.2 مليون طن فقط من أصل 4 ملايين طن كان من المفترض أن توردها المصانع المنتجة للسوق المحلية. وتسبب ذلك فى نقص الكميات الموردة محليًا وارتفاع أسعارها من 4500 جنيه فى يناير 2023 للطن إلى 17.3 ألف جنيه كمتوسط فى السوق الحرة. دعت الدراسة الحكومة إلى الاهتمام بدعم الفلاحين أصحاب الحيازات الصغيرة باعتبار ذلك من أهم ضمانات الأمن والسيادة الغذائية التى تسعى إليها الاستراتيجية المحدثة للتنمية الزراعية المستدامة فى مصر 2030. تهدف الاستراتيجية إلى وصول معدل النمو فى الناتج المحلى الزراعى إلى 4.5٪ سنويًّا، وتحقيق درجات أعلى من الأمن الغذائى وتوفير المحاصيل المستخدمة فى الصناعات، بالإضافة إلى تحسين مستويات معيشة العاملين فى القطاع الزراعى المصرى. أضافت: يجب على الحكومة ألا تترك مدخلات الزراعة دون حماية من السوق الحرة والتوسع فى دعمها من أجل تمكين الفلاحين من الوصول إليها. يتطلب ذلك زيادة الإعانات المقدمة إلى الجمعيات التعاونية الزراعية والاهتمام بتنميتها ودعم البنك الزراعى كذلك، من أجل توفير التمويل اللازم للمزارعين لزيادة إنتاجهم وتطويره عبر تبنى تكنولوجيات حديثة والتوجه نحو زراعة غذاء آمن وصحى. كما أكدت على أهمية دعم الزراعات العضوية من أجل صحة التربة والسكان والسيادة الغذائية على المدى البعيد واعتبار السماد العضوى مكملًا مهمًا للمدخلات الكيماوية.