«ياسمين».. تسربت من التعليم لجمع الخردة

اعتادت «ياسمين» التجول بين الطرقات بحثا عن الخردة وبيعها إلى الورش بمدينة دمياط، أملا في الحصول على قوت يومها، إذ تقضى ساعات اليوم تحت أشعة الشمس الحارقة في الصيف وبرودة الشتاء القارسة في الشتاء، ولم تمنعها أعوامها الثامنة من رحلتها اليومية الشاقة لتحمل مسؤولية أسرتها.
أعلى عربة كارو، تبدأ ياسمين رحلتها اليومية، تمر أمام المدرسة وترى جارتها تحمل حقيبتها، بينما تنحنى ياسمين لالتقاط علبة «كانز» فارغة، فيما جسمها النحيل وجلبابها المهلهل وغطاء رأسها منحوها سنوات أكبر من سنين عمرها الحقيقية: «كان نفسى أروح المدرسة وأتعلم».
بهذه الكلمات بدأت تسرد ياسمين حكايتها ل«المصرى اليوم»، وقالت: «كان نفسى كل يوم بروح قدام المدرسة بشوف جيرانى خارجين أتمنى أكون معهم، لكن مبقاش ينفع عشان كبرت، ربنا عوضنى بشغلتى، أنا بجمع خردة واتعلمت أعرف أفرق بين أنواعها، أنا دلوقتى معملة كبيرة وليا اسم في السوق».
ببراءة الأطفال استكملت طفلة دمياط حديثها قائلة: «بدأت اشتغل وأنا 6 سنين ماما هي اللى علمتنى كل حاجة عن الشغلانة، بنزل من الصبح للمغرب أجمع الخردة، أخى الصغير رفيق رحلتى بيحب ينزل معايا، أنا بخلى بالى منه وبحاول أجيبله هدايا كل يوم عشان يبقى فرحان».
وسط أكوام المخلفات تلتقط ياسمين «دبدوب» وتمسح عنه غبار الأتربة، تعلو ضحكتها وتندفع نحو شقيقها الأصغر وتطبع قبلة على خده، وتهديه الدبدوب، وتقول: «ممكن أقضى اليوم كله في الشغل بجمع الخردة من الشوارع وبحس بتعب كبير جدا، لكن بفرح جدا لما ألاقى لعبة وسط الخردة وأهديها لأخويا، بحاول أفرحه بأى حاجة وبفرح لما أشوفه مبسوط».
لا تشعر ياسمين بالسخط تجاه العالم الذي حرمها من طفولتها، وإنما تجد سعادتها في رعاية أسرتها، ولا يشغلها تعبها بقدر التنمر عليها ونظرات الفتيات لها، وقالت: «سعيدة بحياتى وبحمد ربنا عليها، أنا في إيدى شغلانة بصرف فيها على نفسى وأهلى، واتعلمت صنعة نفعتنى، لكن بضايق لما حد يتنمر عليا وحد من البنات يبص عليا ولو حد ضايقنى بسكت ومش برد عليه وبركز في شغلى بس»
.
وتحدثت ياسمين عن أحلامها قائلة: «نفسى أتعلم وأبقى دكتورة، وقتها هعالج كل الأطفال، وأحكى ليهم حكايتى، هيفضل التعليم هو الحلم اللى نفسى احققه وهفضل أتمناه».