بينما يتفاخر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على جزء كبير من شمال غزة، يتحرك مقاتلو «حماس» تحت أقدامه مباشرة، في شبكة معقدة من الأنفاق السرية. يخرجون بغتة ثم يلدغون إسرائيل بقذيفة أو صاروخ أو يشتبكون من المسافة صفر، ثم يعودون إلى عالمهم السري تحت الأرض. وتشنّ إسرائيل عدوانًا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، عندما نفّذت فصائل المقاومة عملية «طوفان الأقصى» التي كبّدت الاحتلال أكثر من ألف قتيل، بيما اُستشهد جراء القصف الإسرائيلي المتواصل نحو 11 ألفا و800 شهيد فلسطيني بينهم 4900 طفل، و3155 امرأة، و690 مسنا، و29500 جريح. تحت المشهد المدمر في القطاع لا تزال حماس هي المهيمنة. بينما تدخل الحرب مرحلة جديدة، إذ ينقل الجيش الإسرائيلي معركته تحت الأرض إلى شبكة الأنفاق «الأسطورية» في غزة، وفق تقرير ل«وول ستريت جورنال» الأميركية. ويضيف التقرير أنها «بداية معركة استمرت عقدين من الزمن، بعد أن أمضى مسلحو حماس سنوات في توسيع الأنفاق وتحصينها وتحويلها إلى متاهة واسعة، فيما كانت إسرائيل تتدرب على كيفية إدارة المعارك داخلها، وأنشأت وحدات متخصصة وطورت أسلحة جديدة» لتدمير تلك الأنفاق. ويتابع التقرير نقلًا عن ضابط عسكري إسرائيلي يدير معركة الأنفاق في شمال غزة، أن إسرائيل لجأت إلى «استخدام أدوات متجددة، مثل الروبوتات التي تحمل الكاميرات لرسم خريطة للأنفاق، وشاحنات الحاويات المملوءة بالسوائل المتفجرة التي يتم ضخها فيها عبر الخراطيم». ويضيف التقرير: «تجمع إسرائيل معلومات استخباراتية جديدة بشأن شبكة الأنفاق كل يوم، وتكتشف أنفاقا جديدة وتستجوب المسلحين، بينما تقوم بتجميع الأجزاء التي تعطي جيشها صورة أفضل للمدينة الواقعة تحت الأرض». كما ينقل التقرير ما قالته مؤلفة كتاب عن القتال تحت الأرض: «إنها شبكة الأنفاق الأكثر تطورًا على الإطلاق في الحرب». وتشمل الشبكة «أنفاقاً ضيقة تكفي لشخص واحد، بالإضافة إلى أقسام أكبر تضم غرفا ومكاتب ومرافق طبية مصممة للاحتماء تحت الأرض أثناء القصف»، وفق الصحيفة. وقال الضابط العسكري الإسرائيلي الذي يدير معركة الأنفاق، للصحيفة إن «الروبوتات الإسرائيلية التي تحمل الكاميرات تساعد في إعطاء إسرائيل نظرة جزئية على الأقل على من هم في الأنفاق وأين يتواجدون». ويجري تهوية بعض الأنفاق وتعزيزها بجدران خرسانية، وتعمل بالطاقة الشمسية والوقود، وتضم وسائل اتصالات بدائية. ووفق التقرير الأمريكي فإن الجيش الإسرائيلي يلجأ إلى ملء هذه الأنفاق بسائل متفجر يشبه الهلام، حيث يتم ضخ السائل إلى الأنفاق عبر خراطيم متصلة بشاحنات الحاويات. إلا أن هذا الأمر، بحسب الجيش الإسرائيلي، يتطلب أطنانا من السائل لتدمير عدة مئات من الأمتار من الأنفاق، وبالتالي فإن الإدارة العسكرية تطور «طرقا أخرى لتدميرها».