عملية طوفان الأقصى .. سلاح حماس الأول «التسليح» أم «التكتيك»؟

طوفان الأقصى.. لم تكد إسرائيل أن تتخطى مرارة ذكرى هزيمة 6 أكتوبر 1973، حتى جاءت طوفان الأقصى صباح أمس السبت 7 أكتوبر، ليؤكد أن إسرائيل لم تتعلم من اخطاءها منذ 50 عامًا.
لم يكن صباح يوم السبت السابع من أكتوبر 2023 مختلفًا على إسرائيل عن صباح يوم السادس من أكتوبر 1973، حيث استيقظ الإسرائيلون في الأراضي المحتلة على صافرات الإنذار وتراشق الرصاصات والصواريخ بين مناطق متفرقة داخل الحدود الجغرافية للأراضي المحتلة، وذلك بعدما شن الجناح العسكري لحركة حماس هجوما بريا وجويا وبحريا، عرف باسم طوفان الأقصى.
استطاعت حماس أن تفاجئ إسرائيل كما يُجمع المحللين.. لكن هل تغيرت قواعد الاشتباك العسكري والاستراتيجي على الأرض؟ وهل سلاح حماس الأول هو «التسليح» أم «التكتيك»؟
طارق فهمي: مستقبل تسليح حماس لا يمكن توقعه
يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن حماس أظهرت «تكتيك استراتيجي» جديد غير مسبوق في تاريخ المواجهات بين حماس وتنظمات المقاومة وبين إسرائيل، وتجلى ذلك واضحًا في نقل المعركة من طلعات جوية وطلعات صاروخية وضربات مكثفة طوال المواجهات السابقة، إلى اقتحامات في مناطق استراتيجية، ومنطقة غلاف غزة».
وأوضح أن المعركة انتقلت من داخل القطاع غلى خارج القطاع والاقتراب من المناطق الإسرائيلية، كما أن هذه المرة الاشتباكات والاقتحامات من حماس كانت غير مسبوقة، فلم نشاهد هذه الجرأة والقدرة التكتيكية والاستراتيجية لعدة ساعات طويلة في الداخل الإسرائيلي من قبل.
وأضاف فهمي، في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، أن هذا يدل على أن قواعد الاشتباك العسكري والاستراتيجي تتغير على أرض الواقع، بصرف النظر عما سيجري خلال الايام المقبلة، نستطيع أن نقول أن الحاجز النفسي بين الحدود الفلسطينية وبين ما بيعرف باسم إسرائيل قد انكسر.
واستطرد قائلًا: «الخطورة تكمن في ضرورة استثمار ما جرى، فقواعد الاشتباك العسكرية والاستراتيجية بدأت تتغير لصالح الفلسطنيين، فحماس استطاعت أن تقول أن لديها القدرة على الوصول للطرف الآخر، وهذا عمل غير مسبوق في تاريخ المواجهات، فهذه هي أول مرة تتم الحرب على الأراضي الفلسطينية التاريخية، مما سوف يعمل على تشجيع حسب الله في الدخول على مناطق الحدود».
وتابع أستاذ العلوم السياسية: «عملية طوفان الأقصى هي عملية تكتيكية، فحماس سوف تقوم باستثمار ما جنت سياسيًا وعسكريًا، ولن نشهد في الأيام المقبلة صفقة تبادل أسرى عادية، وإنما سنشهد صفقة رفع الحصار الكلى عن قطاع غزة، فسوف نرى عمليات تفاوض على اُطر كبيرة».
وأكد أن إسرائيل سوف ترد رد موجع وحاسم، وشاهدنا ذلك في خطاب نتنياهو أمس، فعملية طوفان الأقصى أكد على حالة الخلل والانكسار داخل الجيش الإسرائيلي، وإخفاق في التقدريات الاستراتيجية والعسكرية، مما سيجعله يرد بقوة عسكرية، وسيقوم بضرب القطاع حتى إذا كان به رهائن، لذلك سوف نرى تغيرات جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
واختتم حديثه قائلًا: «هناك خلفية لما يحدث في ساحة الصراع أن حماس قد استمعت لأيران، حتى وأن كان هذا صحيحًا، فلا نستطيع أن ننكر أن حماس أدت دورًا كبيرًا واستردت جزء كبير من شعبيتها، وحضورها، لتشكل حماس اليوم مرتكزًا لعناصر المقاومة العربية، مؤكدًا أن مستقبل التسليح في حماس لا يمكن توقعه حتى الآن، خاصة بعد أن فاجئتنا حماس بمقاومتها وطوفانها ومنظومتها».
حاتم صابر: طوفان الأقصى كشف عار داخل الموساد
من جانبه، قال العقيد حاتم صابر، الخبير الأمنى، إن التكتيك الاستراتيجي كان غير متوقع، خاصة فكرة نقل المعركة من خارج الأراضي الفلسطينية إلى داخل الأراضي الفلسطينية، فهي فكره مزعجة جدًا لإسرائيل، خاصة وأن إسرائيل تعمل على نظرية دفاع نطاقات أمنية، ففكرة نقل المعركة إلى داخل إسرائيل بشكل ثلاثي جوي وبحري وبري في آن واحد هو ما لم نسمع به من قبل.
وعقب صابر، في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، أن طوفان الأقصى أكد أن أجهزة الأمن الإسرائيلية إدائهم الاستخباراتي تحت الصفر، فهذه هي أول مرة نشاهد فيديوهات موجه من الجيش الإسرائيلي لإهالي غزة، يحذرة فيها من البعد عن مناطق الاشتباكات، وهذا يدل أن إسرائيل بإجهزتها في إزمة.
وأوضح أن عملية طوفان الأقصى أثبتت ضعف القبة الحديدية، فلم تستطيع أن توقف هجوم الصواريخ، والتسلسل الجوي العميق تحت الساتر، لا يرصد إلا بنقاط مراقبة بالنظر، فضلًا عن استخدام هجمات بالطائرات المسيرة، كل ذلك لم ترصدة إسرائيل، وأن دل فهو يدل على فشل أنظمة الدفاع الإسرائيلي البشرية والالكترونية، مما سيؤدي إلى تطوير فكر حماس في المستقبل.
وتابع: «إذا قمنا بالمقارنة، فاسلحة حماس كانت بدائية مقارنة بإسرائيل من بنادق يدوية وكلاشنكوف، فالفكرة هنا كانت في التكنيك الاستراتيجي والتوقيت وليست في استخدام الأسحلة، فإسرائيل تؤمكن العنصر البشري الذي إذا مسه ضرر انهارت المنظومة، وأشار إلى أنه بعد مرور 50 عامًا لم تتعلم إسرائيل من اخطاءها منذ حرب أكتوبر حتى اليوم».