العالم يتأهب للحد من الدمار.. هل يتنبأ الذكاء الاصطناعي بالكوارث الطبيعية؟

للطبيعة قوانين خاصة كل ما يدور في فلكها محسوب بدقة، بعضها توصل الإنسان لحل ألغازه، ومنها لا زال سرًا غامضاً حبيس الأقدار حتى الآن، مرهون بعنصر المفاجأة كالكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية والبيئية، لكن هل ستساعدنا التقنيات الحديثة في توقع الأحداث قبل وقوعها يوماً ما، وهل سيتنبأ الذكاء الاصطناعي بالكوارث الطبيعية ؟
سجل عام 2023 رقماً قياسياً بعدد من الكوارث الطبيعية المتواترة والضحايا الساقطة، من زلزال تركيا وسوريا، لفياضان درنة، وإعصار كندا، وحرائق غابات الجزائر، وزلزال المغرب، وغيرها كثيراً، وهو ما حفز سعي وتعاون الجانبي التقني والجيولوجي لاختبار التجارب العلمية التي تساهم في معرفة مواعيد الكوارث قبل وقوعها ولو نسبياً.
كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في الحد من تأثيرات الكوارث الطبيعية؟
قال مهندس الذكاء الاصطناعي عمر ماهر في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، «أن قدرة الذكاء الاصطناعي على الحد من تأثيرات الكوارث الطبيعية منقسم لشقين، أولهم التنبؤ قبل وقوع الكارثة، والآخر كيفية التعامل معها بشكل سريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سريعاً بطريقة أكثر تنظيماً من السابق.
ويتابع: أن الجزء الأول الخاص بالتنبؤ هو الأصعب ورغم توافر عدد من الأدوات والتطبيقات حتى الآن، إلا أنه يُعد من أصعب الأمور معرفة، لكن بتطويره مع الوقت سيتمكن من مراقبة الكوارث الطبيعية بأكثر من شكل مختلف مثل تحليل بيانات الأقمار الصناعية لتحديد التغييرات البيئية، مُضيفاً يمكننا فهم أفضل لتحليل البيانات التاريخية لفهم كيف تحدث الظاهرة وتحديد بدقة إنشاء خطط استجابة محسنة للطوارئ.»
أما الشق الثاني تطرق إليه «ماهر» في حديثه قائلاً: أن الخطوة الأقرب للاستخدام الآن بالتناوب مع أدوات التنبؤ هي عمليات رصد ما بعد وقوع الكارثة وكيفية التصرف خلالها سريعاً، وهي عبارة عن معالجة بيانات لتوفير فهم أفضل للكارثة، مطلوب حينها رصد أماكن الضرر بصور من الأقمار الصناعية، وتحديد درجة وحجم الضرر، وأماكن تواجده وتصنيفها من الأكثر تدميراً للأقل، من ثم اختيار أسرع الطرق للوصل لاماكن التدمير لتسهيل دور جهات الإنقاذ».
ويتابع: فالأمر يتطلب سرعة لتحديد حجم الضرر في كل الأماكن، ثم وضع الأولوية وفقاً لمستويات هدم البيوت لتحديد المساعدات للأماكن التي فقدت الكهرباء أوتحتاج طعاماً، أو وقع داخلها ضحايا.
وأكد مهندس الذكاء الاصطناعي أن التحرك سريعاً هو الخطوة الأهم لإنقاذ الأرواح والتعرف على أماكنهم عاجلاً، ففي السابق كان تحديد هذه الأولويات يتم وفقاً لاستخدام البيانات الجيومكانية، ولإنهاء هذه المهمة تحتاج حصر جميع الأماكن بملايين الصور بالأقمار الصناعية وتحديد التدمير عبر العين البشرية لمعرفة حجم الضرر، وخلالها تحتاج أسابيع لإنهاء هذه المهمة، الآن تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي إنجاز جميع هذه المهام في ساعة واحدة فقط.
فيقول «ماهر»: الذكاء الاصطناعي يُسرع عملية الإنقاذ الف مرة مثلاً، فهو قادر على تحديد الرؤية سريعاً والإشارة لأماكن الأولوية بعملية حصر النظم المكانية GIS، من ثم وضع خطة انقاذ للأماكن الأولى بالتحرك.
قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل التغيرات الكونية
يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلّم العميق Deep learning لجمع بيانات الزلازل بطريقة أفضل بعد تصفية الضوضاء، إضافة لتحليل خوارزميات البيانات الزلزالية تبعاً لنوعية الزلازل السابقة ومنها يكون قادراً على التنبؤ بالكوارث في وقتٍ مبكر وإخطار الناس بسرعة أكبر، وفقاً لدراسة علمية عن الجيوفيزياء في جامعة ستانفورد.
وهي الدراسة التي أفادت بأن الذكاء الاصطناعي ساعد بأن يصبح لدينا نتائج واعدة لجهة توقع اهتزاز الأرض والتنبؤ بها، ويمكن للتكنولوجيا أن تتنبأ بكثافة اهتزاز الأرض وفقاً لما شهدته محطات المراقبة الزلزالية، ويمكن استخدام هذه الملاحظات للتنبؤ بشدة الاهتزاز في غضون ثوانٍ، حتى وإن كان الفارق 10 ثوانٍ فيمكنه إنقاذ الكثير من الأرواح.
هل يتنبأ الذكاء الاصطناعي بالكوارث الطبيعية؟
تناولت مجموعة من أبرز مطوري التقنية بالعالم مثل جوجل وهواوي وأبرز جامعات الأبحاث العلمية مثل هارفرد، وأشهر المجلات البحثية مثل Nature العلمية، في بحث ودراسة جميع الأدوات والسُبل التي تُساهم في التنبؤ بالكوارث قبل وقوعها ولو نسبياً وجاءت نتائجهم حول إجابة سؤال هل يتنبأ الذكاء الاصطناعي بالكوارث الطبيعية؟ كالتالي:
1. تطبيق Pangu-Weather من شركة HUAWEI
وفقاً لورقة بحثية نُشرت بالمجلة العلمية Nature في 6 يوليو 2023 بعنوان «تنبؤات جوية عالمية دقيقة ومتوسطة المدى باستخدام الشبكات العصبية ثلاثية الأبعاد» تبين إمكانية التطبيق بتنبؤ دقيق ومتوسط المدى بالطقس باستخدام الشبكات ثلاثية الأبعاد، ومنها يستطيع التوصل لأنظمة الطقس ومسارات الأعاصير وجودة الهواء وأنماط الطقس.
وأفادت الدراسة بأن التطبيق يوفر تنبؤات جوية أكثر دقة وأسرع من الماضي بمقدار 10000 ضعف، ما يقلل الأوقات المستغرقة في التنبؤ بالطقس العالمي إلى ثوانٍ فقط. ويسهل ذلك التنبؤ المبكر والتحضير لأي طقس قاسٍ عن طريق يستخدم الذكاء الاصطناعي.
ووفقاً للموقع الرسمي لشركة هواوي الناقلة لمضمون الورقة البحثية فإن Pangu-Weather أول نموذج تنبؤ بالذكاء الاصطناعي يتميز بدقة أعلى من طرق التنبؤ العددي التقليدية ،ويوفر للمتنبئين العالميين بالطقس وعلماء الأرصاد الجوية والمهتمين بشؤون الطقس وعامة الناس منصة لعرض تنبؤات الطقس العالمية التي تخص 10 أيام باستخدام نموذج Pangu Weather Model.«وتطرقت الدراسة لتوضيح عمل نظام التنبؤ، وقدرته الرئيسية بمعرفة تطورات حالات الغلاف الجوي» بدقة.
2. توقع الزلازل من شركة جوجل Google وجامعة هارفارد Harvard
تعمل شركة جوجل Google بالتعاون مع جامعة هارفارد Harvardعلى تطوير نظام ذكاء اصطناعي قادر على توقع توابع الزلزال من خلال دراسة أكثر من 131 ألف زلزال لبناء شبكة عصبية قائمة على 30 ألف حدث لتوقع الزلزال قبل أن يترك آثارًا مدمرة مثل زلزال تركيا. وعليها تنبأ النظام بمواقع الزلزال الارتدادية بدقة أكبر عند مقارنتها بالطرق التقليدية.
كما تستطيع برامج الذكاء الاصطناعي الكشف عن التشوهات في الهياكل الأساسية للبناءات لتقليل الأضرار الناجمة عن انهيار المباني أو الجسور، وفقاً لمجلة فوربس.
3. خرائط Google ستتنبأ بالفيضانات
تعمل شركة جوجل على بناء نظام خرائط بالذكاء الاصطناعي، قادر على التنبؤ بالفيضانات من خلال جمع بيانات سجلات هطول الأمطار ومحاكاة الفيضانات والتنبؤ بها أٍرع من الطرق العادية.
4. وكالة ناسا وتتبع الأعاصير
نجحت وكالة ناسا في تطوير أدوات تتبع الأعاصير باستخدام صور الأقمار الصناعية والتعلم الآلي، ووفقاً للوكالة فهذه الطريقة أثبت دقتها أفضل 6 مرات من الأساليب المعتادة.
5. برنامج Watson وتنبؤ الثورات بركانية
يعمل برنامج Watson المطور بالذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالانفجارات البركانية، باستخدام أجهزة استشعار الزلازل، والبيانات الجيولوجية، مع تدريب الذكاء الاصطناعي للتعرف على جزيئات الرماد الصغيرة من البراكين، لتحديد نوع البركان وتوقعه قبل ثورانه.
بالمقابل قال الدكتور محمد خليف، استشاري ريادة الأعمال والتحول الرقمي، ببرنامج «بنوك واستثمار»، المذاع على فضائية «إكسترا نيوز»، إن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يتنبأ بالكوارث الطبيعية بشكل فعال في الوقت الراهن، لأن الزلازل والبراكين لا تحدث كثيرًا، وبالتالي لا يوجد بيانات متراكمة، لكي يبني الذكاء الاصطناعي نماذج لكيفية التعامل مع هذه الكوارث.