النيجر.. قادة الانقلاب يعتزمون محاكمة «بازوم» بتهمة «الخيانة العظمى»

أعلن قادة انقلاب النيجر، مساء أمس الأول، أنهم يعتزمون محاكمة الرئيس المخلوع، محمد بازوم، بتهمة «الخيانة العظمى» وتقويض أمن البلاد، فيما علق قادة مجموعة الغرب الاقتصادى «إيكواس» نشر قوات الاحتياط.
وبعث رئيس نيجيريا، الذي يتزعم «إيكواس»، بولا تينوبو، وفدًا من حكماء ومشايخ أبوجا للتفاوض مع أعضاء «الحكومة العسكرية المؤقتة» التي أعلنها الانقلابيون في نيامى عقب الإطاحة بالرئيس وتحديد إقامته في المجمع الرئاسى، في استجابة لمقترح أعضاء مجلس الشيوخ في أبوجا الذين طالبوا «تينوبو» بالتخلى عن الحل العسكرى واللجوء للتفاوض.
وقال الأكاديمى والدبلوماسى النيجرى السابق الدكتور على تاسع، ل«المصرى اليوم»، إن هناك عوامل عديدة تحول دون نشر «إيكواس» قواتها في نيامى، موضحًا أن ثمة قيودًا أمنية وأخرى جيوسياسية ستعرقل ذلك المسعى.
وأوضح أنه حال قررت «إيكواس» مداهمة نيامى جوًا فستُواجَه بقيود لوجستية وأخرى تدريبية، كما أن أي محاولة للانتشار العسكرى عبر حدود نيجيريا أو بنين أو كليهما مع النيجر، تستلزم حشدًا تكتيكيًا سريعًا للقوات والمعدات على الحدود مع النيجر، فيما قدرات الجيشين غير مؤهلة لهكذا تكتيكات، مضيفًا: «كما أن كلًا من بنين ونيجيريا ستخشى الغضب الشعبى»، مستشهدًا برفض مجلس الشيوخ في أبوجا مطلب الرئيس، بولا تينوبو، نشر قواته.
وتابع: «ثمة عوامل اقتصادية يرى أنها سترغم (إيكواس) على التراجع عن قرار التدخل العسكرى وتدفعها نحو التفاوض»، موضحًا أن آثار الأزمة لها تداعياتها الاقتصادية على بلدان الجوار، لاسيما بنين ونيجيريا، موضحًا أن إصابة ميناء كوتونو في جمهورية بنين بشلل تام جراء أزمة النيجر ألقى بظلاله الاقتصادية على بنين ونيجيريا اللتين لا تحتملان المزيد من الضغوط الاقتصادية.
وأشار إلى أن عائدات «كوتونو» تمثل نحو 60% من إجمالى الناتج المحلى لبنين، إذ تمر 49% من واردات بضائع النيجر عبر الميناء، الذي مرت خلاله في 2022 نحو 3.9 مليون طن من الواردات إلى نيامى، كما أن الولايات الشمالية في نيجيريا تعتمد على النيجر في حركة الصادرات والواردات من وإلى جميع دول غرب إفريقيا.
واعتبر أن تدخل «إيكواس» عسكريًا في بلاده سيثير الجدل بشأن مصداقيتها السياسية في حفظ الأنظمة الدستورية، لاسيما في ظل عوار موقفها من حيث الاستجابة للتغييرات غير الدستورية والانقلابات، في ضوء عدم التزامها بالمبادئ التي تعلنها في حالتى مالى وبوركينا فاسو اللتين شهدتا انقلابات أدت إلى الإطاحة برؤساء منتخبين، وذلك إضافة إلى التشكيك في انسياقها وتبعيتها للغرب مقابل تخاذلها تجاه مصالح شعوب الدول الأعضاء، على حد وصفه.
من جهة أخرى، اعتبر عمر الأنصارى، عضو حزب التجديد الديمقراطى في النيجر، في تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم» أن الضغط الفرنسى على نيجيريا والسنغال هو المحرك الرئيسى وراء تهديدات «إيكواس»، مرجحًا أن التدخل المسلح لن يتجاوز حد التهديد اللفظى والوعيد الافتراضى، إنما أداة للضغط نحو التفاوض لاحقًا، معللًا ذلك بأن قادة «إيكواس» لن يجازفوا بالتورط في أي تدخل عسكرى لاستعادة «شرعية وهمية» للرئيس «بازوم» تروجها باريس لمص دماء الشعب في النيجر، مضيفًا أن ثمة انقسامًا داخليًا بين قادة الكتلة.
ولفت «الأنصارى» إلى الرفض الشعبى لأى تدخل أجنبى في نيامى، والذى دفع الشعب لدعم الانقلاب على «بازوم»، وذلك إضافة إلى رفض مالى وبوركينا فاسو وغينيا ومعها الجزائر للتدخل الأجنبى المسلح في نيامى.
واعتبر أن الوضع الأمنى بمنطقة الغرب الإفريقى التي باتت حاضنة لثلاثة من أخطر الجماعات الإرهابية (بوكو حرام، والقاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية)، سيُرغم قادة «إيكواس» على التفاوض، مؤكدًا أن قادة الكتلة يدركون أن أي رصاصة ستُطلق في نيامى ستُشعل منطقة الغرب الإفريقى بأسرها، على حد تعبيره.
ورجّح «الأنصارى» و«تاسع» أن «إيكواس» ستتجه إلى التفاوض مع الحكومة المؤقتة التي أعلنها المجلس العسكرى في نيامى، في مسعى للتفاوض على فترة انتقالية تتراوح بين عام إلى عامين، يعقبها انتقال سلمى للسلطة عبر انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية في نيامى.
وفى آخر تطورات المشهد، أعلن المتحدث باسم المجلس العسكرى الحاكم، أمادو عبدالرحمن، في كلمة بثها التليفزيون الوطنى، مساء أمس الأول، أن المجلس أجمع على محاكمة الرئيس المخلوع وشركائه المحليين والأجانب أمام الهيئات الوطنية والدولية المختصة بتهمة الخيانة العظمى وتقويض أمن النيجر الداخلى والخارجى.