موجة حارة تجتاح العالم وتهدد بإعادة رسم خريطة جغرافيا الأرض

بعد أقل من أسبوعين من تسجيل الأرض أكثر أيامها سخونة، فى التاريخ الحديث، وفقًا لعلماء نقلت عنهم صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، حطمت ولاية أريزونا رقمًا قياسيًا عمره 49 عامًا، حيث سجلت درجات الحرارة فى المدينة لليوم التاسع عشر على التوالى 43 درجة مئوية، وذلك جزء من موجة حر قاسية اجتاحت معظم نصف الكرة الشمالى، حيث إن درجات الحرارة التى حطمت أرقامها القياسية مدفوعة بانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والناجمة بشكل رئيسى عن حرق الوقود الأحفورى.
واجتاحت موجة حارة أجزاء من أوروبا والشرق الأوسط، ووصل مؤشر الحرارة 66.7 درجة مئوية فى مطار الخليج الدولى على الساحل الجنوبى الغربى لإيران، الأحد، كما أدت الظروف الجافة إلى زيادة مخاطر اندلاع حرائق الغابات فى اليونان وفى منطقة لا بالما الخاضعة للسيطرة الإسبانية، إحدى جزر الكنارى.
وفى آسيا، التقى جون كيرى، المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، بشأن تغير المناخ، برئيس الوزراء الصينى فى بكين يوم الثلاثاء لمناقشة التعاون بشأن إبطاء ظاهرة الاحتباس الحرارى فى ظل موجة الحر الشديدة التى تجتاح البلاد، حيث كان يوم الثلاثاء هو اليوم السابع والعشرين من هذا العام الذى سجلت فيه بكين درجات حرارة أعلى من 35 درجة مئوية، وهو رقم قياسى.
وبحسب تقرير صحيفة نيويورك تايمز، يقول العلماء إن درجة حرارة الكوكب ارتفعت حوالى درجتين فهرنهايت منذ القرن التاسع عشر وسيستمر ارتفاعها أكثر إلى أن يتوقف البشر بشكل أساسى عن حرق النفط والغاز والفحم.
وعايشت صحيفة نيويورك تايمز مدينتين تأثرتا بتغير المناخ بشكل ملحوظ هما مدينة الكويت والبصرة بالعراق، ووثقت أن الحرارة الخانقة تلحق الضرر بالجسم وتشوه الحياة اليومية وتؤدى إلى تفاقم عدم المساواة ويمكن أن تعيد رسم خريطة جغرافيا الأرض، وقد يعانى ملايين البشر من نفس التأثيرات التى تسببها الانبعاثات فى تدفئة الكوكب، حيث أصبح العمال يعملون فى منتصف الليل، بعد إصابات الحمى بسبب حرارة النهار، وأصبح الأطفال غير قادرين على اللعب فى الخارج.
من جانبها، قالت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، فى بيان لها، إن القبة الحرارية أحد أسباب موجة الحر الشديدة التى ضربت معظم دول العالم الأيام الجارية، مشيرة إلى أنها مركز لقيم الضغط المرتفع فى طبقات الجو العليا وتؤثر على منطقة معينة ولا تتحرك لمدة أسبوع أو أكثر.
وأشارت الأرصاد الجوية إلى أن منطقة الضغط المرتفع تتسبب فى طقس حار والكثير من أشعة الشمس وقليل من تكونات السحب، وفى هذه المنطقة ينزل الهواء من أعلى إلى أسفل، وبالتالى ترتفع درجة حرارة الهواء خلال فترة تأثير القبة الحرارية، وسميت بهذا الاسم لأنها تحبس الهواء بداخلها ولا يستطيع الهروب منها.
وتوقعت الأرصاد الجوية أن تؤدى أزمة المناخ إلى تفاقم موجات الحر فى مناطق كثيرة من العالم حيث تتراوح من 50% إلى 100% فى معظم المناطق المدارية وما يصل إلى 10 مرات فى جميع أنحاء العالم.
وأعلنت الأرصاد الجوية فى خبر صادم استمرار الموجة الحارة وارتفاع درجات الحرارة على كافة الأنحاء، لتسجل 40 درجة مئوية على القاهرة الكبرى و45 درجة على محافظات جنوب البلاد.
فى أوروبا، أصدرت إيطاليا تحذيرات بشأن الطقس فى 16 مدينة الأسبوع المنصرم، حيث حذر خبراء الأرصاد الجوية من أن درجات الحرارة ستصل إلى مستويات قياسية فى جميع أنحاء جنوب أوروبا فى الأيام المقبلة.
فى إسبانيا، حذر خبراء الأرصاد من مخاطر حرائق الغابات وقالوا إنه لن يكون من السهل النوم أثناء الليل، حيث من غير المرجح أن تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من 25 درجة مئوية فى جميع أنحاء البلاد.
وتوقع خبراء الأرصاد أن تشتد موجة الحر اعتبارًا من الاثنين المقبل، حيث تصل درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية بالقرب من إشبيلية فى جنوب البلاد.
وبحسب سى إن إن من المتوقع أن تستمر درجات الحرارة المرتفعة بشدة فى أجزاء من جنوب أوروبا هذا الأسبوع، حيث تستعد القارة لموجة الحر الشديدة الثانية، مما يعرض صحة الناس للخطر ويمهد الطريق لحرائق الغابات.
وكالة الفضاء الأوروبية، وبعد موجة حرارة شديدة استمرت لأيام، حذرت فى بيان من أن موجة الحر قد بدأت للتو فى إيطاليا، التى تضررت بشدة بشكل خاص، ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فى العديد من المدن إلى أكثر من 40 درجة مئوية.
هانا كلوك، عالمة المناخ، الأستاذة فى جامعة ريدينغ، قالت إن الطقس يشبه فرنًا عملاقًا فوق البحر الأبيض المتوسط، موضحة أن فقاعة الهواء الساخن التى تضخمت فوق جنوب أوروبا حولت إيطاليا والدول المجاورة إلى فرن بيتزا عملاق، موضحة أن الهواء الساخن الذى تم دفعه من إفريقيا يظل فى مكانه، مع استقرار ظروف الضغط المرتفع مما يعنى أن الحرارة تستمر فى التزايد.
ومع انتشار الشعور بالحرارة الشديدة فى جميع أنحاء العالم، حث رئيس منظمة الصحة العالمية، الاثنين، زعماء العالم على التحرك بشأن أزمة المناخ.
وبحسب سى إن إن بلغت درجات الحرارة المرتفعة 52.2 درجة مئوية، الأحد فى شمال غرب الصين، وفى كاليفورنيا إلى ما يقرب من 52 درجة مئوية، وذلك مع تسارع أزمة المناخ التى يسببها الإنسان، حيث يتضح للعلماء أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحرارة ستصبح أكثر تواترًا وشدة.
وارتفعت درجات الحرارة العالمية بالفعل بمقدار 1.2 درجة مئوية عن مستويات ما قبل العصر الصناعى بسبب حرق البشر للوقود الأحفورى لتسخين الكوكب، وقال سايمون لويس، رئيس قسم علوم التغيير العالمى فى يونيفرسيتى كوليدج لندن، إن هذه الارتفاعات مجرد البداية، موضحًا أن السياسات الحالية على مستوى العالم تجعل ارتفاعات درجة الحرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.