هدوء حذر فى ثانى أيام «الهدنة» بالسودان.. والحصيلة وفاة 709

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، هدوءًا حذرًا فى ثانى أيام تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذى تم التوقيع عليه فى مدينة جدة السعودية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، فيما كشفت وزارة الصحة الاتحادية أن الحرب الدائرة بين الجانبين أسفرت عن وفاة 709 سودانيين وآلاف الإصابات.
واتهمت وزارة الصحة بولاية الخرطوم قوات الدعم السريع بالاستمرار فى استهداف القطاع الصحى بكل مكوناته واستهداف المرضى والكوادر الصحية. وقالت فى بيان: «تم الهجوم على مستشفى أحمد قاسم لطب وجراحة القلب والكلى والتمركز داخله، والاعتداء على الكوادر الصحية والاستيلاء على هواتفهم النقالة، وطرد المرضى من المستشفى، وجميعهم فى حالات خطرة»، وأشارت إلى أنه تم الاستيلاء على 4 سيارات إسعاف من قبل قوات الدعم السريع، الإثنين الماضى، الساعة التاسعة مساء، أى قبل 45 دقيقة من الوقت المحدد لتنفيذ الهدنة.
وأكد السفير حسن حامد، المندوب الدائم لجمهورية السودان بجنيف، أن استهداف قوات الدعم السريع للمرافق الخدمية الحيوية إما بتدميرها أو احتلالها، بما فى ذلك المستشفيات والمرافق الصحية، فاقم من خطورة الأوضاع الإنسانية، مشددًا على المبادئ التى تحكم إيصال المساعدات الإنسانية فى مثل هذه الأحوال.
وأشار المندوب السودانى فى جنيف إلى الترتيبات الإدارية واللوجستية التى اتخذتها الحكومة لاستقبال وتسلم وتوزيع المساعدات الإنسانية.
كما تناول السفير حسن حامد فى اجتماع نظمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولى لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، بحضور ممثلين عن المنظمات الإنسانية ومجتمع المانحين، المحاور المتعلقة بالمسائل الإنسانية فى اتفاق جدة لوقف إطلاق النار قصير الأمد، مؤكدًا التزام الحكومة بما وقّعت عليه من أجل إفساح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية.
وجددت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة التأكيد على أهمية اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية فى السودان، التى وقّعت عليها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع فى مدينة جدة فى 20 مايو الجارى.
ورصدت الرياض وواشنطن، مساء أمس الأول، أن طرفى الصراع «لم يلتزما بعدم السعى وراء مكاسب عسكرية خلال فترة ال48 ساعة، وقبل بدء وقف إطلاق النار، وبالرغم من أن القتال فى الخرطوم أخف شدة عن ذى قبل، إلا أن (الرياض وواشنطن) أبلغتا طرفى الصراع بوجود انتهاكات لوقف إطلاق النار، تضمنت عمليات هجوم فى الخرطوم والأبيض وهجمات جوية واستغلالًا للأسلحة»، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية «واس»، أمس.
وانخرط ممثلو لجنة المتابعة والتنسيق، أمس الأول، فى جدة «فى نقاشات بناءة حول المساعدات الإنسانية وإيصالها، وعملوا على ضم قيادات الطرفين للحديث عن الادعاءات بوجود انتهاكات لوقف إطلاق النار»، بحسب «واس».
وأضافت: «نظرًا لاستمرار معاناة الشعب السودانى كنتيجة لهذا الصراع المدمر، فإن المملكة والولايات المتحدة تجددان التزامهما للشعب السودانى، وتطالبان بالتزام الطرفين بما وقّعا عليه من التزامات لوقف إطلاق النار المؤقت لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية».
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى حماية المدنيين من آثار الصراعات والتغيرات المناخية، مشيرًا إلى أن الحرب تعنى الجوع، والصراع المسلح عامل رئيس لانعدام الأمن الغذائى فى العالم.
وقال الأمين العام، خلال جلسة مجلس الأمن الدولى حول حماية المدنيين أثناء الصراعات، إن «أقل من 6 أسابيع مرت منذ اندلاع الحرب فى السودان، خلال هذا الوقت قُتل مئات المدنيين، منهم أفراد فى أسرة الأمم المتحدة، وفرّ 250 ألف شخص من البلد، واحتُلت المستشفيات وهُوجمت، وارتفعت أسعار السلع بمقدار 4 أضعاف».
وأشار جوتيرش إلى تعرض مخازن الإغاثة للنهب على مستوى هائل، وكان 94% من ضحايا الحروب فى المناطق المأهولة بالسكان، العام الماضى، من المدنيين. ووصلت أعداد من تمكنوا من الفرار من القتال إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
ولفت إلى أن «إجمالى عدد من أُجبروا على مغادرة بيوتهم بسبب الصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والاضطهاد وصل إلى 100 مليون لاجئ، كما قوّض العنف والسياسة والبيروقراطية جهود عمال الإغاثة وأعاقتها العقوبات المفرطة فى اتساعها وتدابير مكافحة الإرهاب».
وأكد أن «الصراع المسلح عامل رئيسى لانعدام الأمن الغذائى فى العالم»، لافتًا إلى أن «أكثر من 117 مليون شخص عانوا من الجوع الحاد العام الماضى بسبب الحرب وانعدام الأمن فى المقام الأول. ووصف ذلك بالأمر بالشائن». وحذر من أن «تدمير البنية الأساسية الحيوية يقوض إنتاج الغذاء ويعوق توزيعه ويحرم الناس من المياه النظيفة». وضرب الأمين العام مثالًا على ذلك بسوريا التى تقلصت مياه الشرب فيها بنسبة 40% مقارنة بما قبل الصراع.
ولفت إلى «الدمار الذى يُلحقه المقاتلون بالمحاصيل والماشية، وتلوث الحقول الخصبة بالمتفجرات»، مبينًا أن «غزو روسيا لأوكرانيا أسهم فى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسماد على مستوى العالم، بما أدى إلى آثار مروعة على أفقر سكان العالم».
وأوضح أنه «بعد سنوات من الحرب، يمر الصوماليون بأسوأ جفاف يشهدونه منذ عقود. نحو 43 ألف شخص لقوا حتفهم بهذا السبب عام 2022 وحده، نصفهم من الأطفال. كما أُجبر الملايين على ترك ديارهم».