هجوم روسي كثيف.. لماذا تتبع موسكو سياسة الأرض المحروقة في باخموت؟

قصفت القوات الروسية المدن الواقعة على خط الجبهة في شرق أوكرانيا بضربات جوية ومدفعية، حيث تدور معركة ضارية للسيطرة على مدينة باخموت المتاخمة لمجموعة من المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في دونيتسك، هي الأكثر دموية في الحرب المستمرة منذ 13 شهرا.
سياسة الأرض المحروقة
وتكبد الجانبان الروسي والأوكراني خسائر فادحة في معارك باخموت، وقال قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر سيرسكي، أن روسيا تستخدم تكتيكات الأرض المحروقة في باخموت، عبرالمباني والمواقع بالضربات الجوية ونيران المدفعية.
ووصف المسؤول العسكري الوضع في باخموت بالصعب، إلا أنه عاد ليؤكد أنه يمكن إخضاعه للسيطرة.
ومن شأن السيطرة على باخموت أن تتيح لروسيا استهداف خطوط الدفاع الأوكرانية في تشاسيف يار بشكل مباشر، وأن تمهد الطريق أمام قواتها للتقدم تجاه مدينتين كبيرتين بمنطقة دونيتسك وهما كراماتورسك وسلوفيانسك.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في إفادتها اليوم، إن القوات الروسية قامت بمحاولات «فاشلة» للتقدم في مناطق إلى الغرب من باخموت وإن 10 مدن وقرى على الأقل تعرضت للقصف الروسي، من بينها باخموت وتشاسيف يار.
وأفادت هيئة الأركان الأوكرانية بصد قواتها 52 هجوما للقوات الروسية على محاور باخموت وليمان وأفدييفكا ومارينكا بمقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا، مؤكدة أن القوات الروسية حاولت تنفيذ هجوم على بلدتي جريغروريفكا وخروموفو شمال غربي باخموت إلا أن القوات الأوكرانية أفشلته.
وقال وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف إن القوات الروسية تتكبد خسائر فادحة في باخموت، وأن كل يوم يمر تخسر فيه تلك القوات نحو 500 جندي بين قتيل وجريح
وفي المقابل صرح حاكم دونيتسك الموالي لروسيا، دنيس بوشيلين، بأن القوات الروسية تسيطر على 75% من المدينة، لكنه أضاف أن من السابق لأوانه الحديث عن سقوط باخموت.
وأوضحت الدفاع الروسية في تقريرها اليومي الصادر اليوم الثلاثاء، أن وحدات من قوات الإنزال الجوي تقدم دعما لفصائل «فاغنر» على جناحي الهجوم.
وحسب التقرير، فقد نفذ الطيران الحربي 11 طلعة جوية في منطقة أرتيموفسك، فيما نفذت القوات الصاروخية والمدفعية 48 مهمة إطلاق هناك خلال اليوم الماضي.
وذكر التقرير أن خسائر العدو على هذا المحور تجاوزت 450 فردا من الجنود الأوكرانيين والمرتزقة الأجانب، وشملت أيضا 3 دبابات وعددا من المدرعات والمركبات الأخرى، إضافة إلى مدفعي هاوتزر D-20 و«مستا-بي»، ومحطتين للرادار المضاد للبطاريات AN / TPQ-50 أمريكي الصنع.
وتواصل القوات الروسية محاولة السيطرة الكاملة على باخموت رغم المعارك الضارية، ورغم وتكبدها خسائر كبيرة؛ وذلك لمحاصرة القوات الأوكرانية في دونباس، لكنها تواجه هناك مقاومة أوكرانية شرسة.
على عكس «العمليات الهجومية المضادة» في القتال جنوب وشرق أوكرانيا في كل من خاركيف ولوجانسك وزاباروجيا وخيرسون، تتخذ القوات الأوكرانية مواقع دفاعية حصرا في مقاطعة دونيتسك بإقليم دونباس، وتتحدث مرارًا عن محاولات لتقدم نظيرتها الروسية.
ويستهدف هذا التقدّم المدن الرئيسية في المنطقة التي تسيطر أوكرانيا على نصفها تقريبا، لاسيما- مدينة «باخموت» والتي تسعى موسكو للسيطرة عليها منذ أغسطس الماضي، ما جعلها تحول باخموت مركزًا حيويًا من مراكز القتال.
وتقع باخموت قي شمال شرق إقليم دونيتسك بأوكرانيا، ومنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، في 24 من فبراير اكتسبت مدينة باخموت أهمية استراتيجية كبرى؛ إذ تسعى موسكو للسيطرة عليها وضمها منذ أغسطس الماضي، في ظل الحرب طويلة الأمد.
ولم يكن للمدينة التي كان يسكنها أكثر من 70 ألفا أهمية زراعية أو صناعية تذكر، لكن موقعها الجغرافي أكسبها تلك الأهمية الاستراتيجية إذ يستبسل كلا الجانبين الروسي والأوكراني للسيطرة على المدينة.
ورغم تعدد جبهات القتال ميدانيًا، في كل خاركيف ولوجانسك وزاباروجيا وخيرسون، لأن «باخموت» لها طابعًا خاصًا؛ نظرًا لكونها أقرب نقاط التماس والمواجهة بين الجانبين، الذين يصفان المعارك فيها وعمليات القصف بأنها «الأكثر ضراوة».
بالنسبة لروسيا، تعد مدينة باخموت بوابة جنوبية شرقية- شبه وحيدة- وممرًا حيويًا لتقدم القوات في عمق منطقة دونيتسك بإقليم دونباس، خاصة نحو المدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة الأوكرانة؛ إذ باخموت تقع على أطراف الطريق الدولي «إتش- 32»، الذي يصلها بمدن كونستانتينيفكا ودروجكيفكا وكراماتورسك وسلافيانسك إضافة لاقترابها من الطريق الدولي «إم-03» الذي يصلها مباشرة بسلافيانسك ويتابع نحو منطقة خاركيف بعدها، وفق تصريحات صحفية للخبير العسكري في «المعهد الأوكراني للمستقبل» والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، إيفان ستوباك.
على الصعيد الأوكراني، باتت باخموت حصن الدفاع عن بقية مدن دونيتسك الانفصالية؛ إذ توجه منها كييف ضربات قوية صوب المواقع الخاضعة منها للسيطرة الروسية.
تعي القوات الروسية والأوكرانية على حد سواء أن سقوط باخموت في الروس سيمنحهم فرصة للتقدم؛ إذ يبعث الجانبان بتعزيزات عسكرية إليها.