التفاصيل المُبهجة بدأت من التتر.. «كامل العدد».. «15 حلقة جامدة من بره.. مقرمشة قوية مفرفشة»

أن تكون مبتسمًا وسعيدًا وأنت تتابع المشاهد الأخيرة من المسلسل وفى نفس الوقت لا تريد أن تصدق أنها الحلقة الأخيرة هذا هو معنى «النجاح».. ففى مسلسل «كامل العدد» كانت الخلطة الساحرة؛ ربما تعرف القصة وتتوقع تفاصيلها، وربما حتى تتوقع بعض المواقف وردود الأفعال، لكن ذلك لم يمنعك كمشاهد من متابعة كل تفصيلة في الحلقات ال15 للمسلسل دون ملل.
كل عام وقبل شهور من رمضان تنهال علينا أخبار المسلسلات الجديدة والنجوم المشاركين فيها؛ جرعة درامية ضخمة تفوق قدرة أي مشاهد عادى، ووسط كم الأخبار والتنويهات كانت أخبار مسلسل «كامل العدد» لا تعطى له ميزة كبيرة؛ صورة ضخمة لبطلى العمل دينا الشربينى وشريف سلامة وسط عدد من الأطفال، ثم أخبار عن قصة المسلسل التي تدور حول مطلقة لديها 4 أطفال وأرمل لديه 3 أطفال يتزوجان وتدور الأحداث حول المواقف التي تجمع الأطفال السبعة تحت سقف واحد، خاصة أنهم رافضون هذه الزيجة، وبالتالى الكوميديا كلها لا تتوقف على السيطرة عليهم كأطفال ومراهقين فحسب، لكن أيضا إيقاف المشكلات التي يحاولون بها إنهاء هذا الزواج.
بالطبع القصة سبق أن قُدمت في السينما المصرية في فيلم «عالم عيال عيال» بطولة النجوم رشدى أباظة وسميرة أحمد وسمير غانم، وهو ما يمكن ملاحظته في الشكر المكتوب في تتر «كامل العدد» لصناع الفيلم الذين أدخلوا البهجة على قلوبنا. المفارقة أن الفيلم المصرى الذي قُدم في السبعينيات مأخوذ أيضا عن الفيلم الأمريكى Yours، Mine and Ours والذى رشح عام 1969 لجائزة الجولدن جلوب كأفضل فيلم كوميدى موسيقى.. لكن تكرار الفكرة لا يمنع تميزها ونجاحها، ففى هدوء شديد، دخل مسلسل «كامل العدد» السباق الرمضانى واستطاع التفوق، ومع الحلقة ال15 والأخيرة تحول المسلسل إلى تريند على وسائل التواصل الاجتماعى، فقد استطاع المخرج خالد الحلفاوى تقديم الفكرة بشكل عصرى ودون لحظة ملل واحدة.. إيقاع سريع وممثلون لا يمكن تخيل أحد منهم في غير دوره.
ولم تكتف يسر طاهر ورنا أبوالريش مؤلفتا العمل بالاعتماد على التيمة الأساسية التي أثبتت نجاحها بالفعل في السبعينيات وحتى اليوم، بل جاءت الإضافات مناسبة للعصر، بداية من فكرة طبيب التجميل وصاحبة مزرعة لمنتجات التجميل الطبيعية، إلى براعة الأطفال في استخدام تطبيقات التليفون وقدرتهم على حبك المؤامرات من خلالها، وحتى ظهور طبيبة متخصصة في التعامل مع مشكلات الأطفال، والتنمر الذي أصبح سمة العصر.
وعلى مستوى الأداء، قدمت دينا الشربينى أداء تلقائيا، كما لو كانت «ليلى» هي شخصيتها الحقيقية؛ امرأة تصف نفسها بأنها «بتحب إحساس الحب» تحمل كل تناقضات الأم التي تزوجت في سن صغيرة وخاب أملها مرتين فتحاول أن تكون الأب والأم؛ أحيانا تتعامل بعصبية وأحيانا أخرى بهدوء وعقل. تقول إنها ستعاقب أطفالها المخطئين بأقصى شكل، وفى الحقيقة أقصى ما تفكر فيه هو حرمانهم من البلاى ستيشن، تجرى بملابس الرياضة لتحاول الإمساك بخيوط عملها والمدرسة والبيت، وتختلس لحظات للفضفضة مع أختها وصديقتها حتى تستطيع أن تكمل حياتها بنفس الطاقة.. ووسط كل هذا تحاول أن تعيش حالة الحب.
أما شريف سلامة فيبدو أنه يفاجئنا كل رمضان بدور جديد يعيد به تقديم نفسه، هذه المرة تألق في دور طبيب التجميل، وكان أجمل المشاهد ذلك الذي يجمعه بالأطفال، والحوارات التي جمعته بطليق زوجته عمر «مصطفى درويش»، والذى كان أداؤه وخفة دمه مفاجأة حقيقية في المسلسل.
هل يمكن أن أقول إن أجمل ما في «كامل العدد» كان مشاهد العيلة؛ مشاهد كثيرة كانت بدايتها في حلقة التجمع في المزرعة والتى كانت نقطة التحول الحقيقية في المسلسل، والمفترض أن يتعرف فيها جميع الأطراف على بعضهم بشكل أكثر قربا في أجواء حميمية، والحقيقة أن هذه الحلقة خلقت لنا نحن كمشاهدين نفس الحالة لنقترب بشكل أكبر من الشخصيات، فظهر أحمد كمال بشكل شديد التميز في دور «تيمور» والد البنات الهادئ الرومانسى الذي يقع هو الآخر في حب الجدة ألفت إمام «تونة»، وتميم عبده بأدائه الراقى المعتاد في دور الأب والجد المتفهم، بينما تألقت إسعاد يونس في دور «حياة»، وآية سماحة في دور الأخت التي تختلف مع أختها في نظرتها للحياة لكنها لا تتوقف عن دعمها.
في «كامل العدد» الكثير من مشاهد الحب بصور مختلفة، لقطات شديدة العذوبة جعلتنا كمشاهدين نتمنى لو كنا جزءا منها، ف«بدرة» الراقصة عبرت عن حبها لهذه العائلة بواحد من أجمل مشاهد المسلسل في الرقص مع كل السيدات، بينما كانت الحواجز تتحطم بين الرجال في مشهد لعبهم لكرة القدم، حب الجدة لحفيدتها وتشجيعها لها في مشهد آخر بديع لإسعاد يونس وهى تشارك حفيدتها «فرح» وتقدم أغنية «البيانولا» للشاعر الراحل صلاح جاهين، و«قعدة» الأصحاب البنات على كنبة واحدة وحالة الفضفضة.
تفاصيل المسلسل المبهجة بدأت من تتر العمل الذي غناه مصطفى حجاج من كلمات منة القيعى، ولحن إيهاب عبدالواحد، ورغم أن كلمات الأغنية «جامدة» كما لو كانت وصفا لشخصية ليلى في المسلسل «تحب تطب تكون زى الأطفال وفى نفس الثانية تقوم تستقوى تهد جبال، ماهى جامدة من برا مقرمشة، قوية مفرفشة، ومن جوا طيبة، محتاجة طبطبة».. لكن مع متابعة الأحداث، فكل جملة في الأغنية يمكن أن تنطبق على شخصيات العمل كله.