أحدث صيحات النصب.. ضحايا يروون قصصهم مع منصة «هوج بول»

42 آلف جنيه هو المبلغ النهائي الذي خسره «فاروق»، بعد أن استمع لكلام صديقه وقام بإدخالها في منصة «هوج بول»، واقتنع بالأمر عندما شاهد بنفسه الأموال التي يحصل عليها صديقه يوميًا، يقول فاروق للمصري اليوم: «قالي بدل ما تنزل تشتغل هتكسب فلوس قد كده، فحطيت شقى عمري وفلوس أمي المريضة وإخواتي الأيتام في البرنامج وفجأة كل حاجة راحت».
ما هي منصة Hoogpool؟
في ساعات قليلة احتلت أخبار منصة تدعى «Hoogpool» للاستثمار والأرباح جميع مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ثبت تعرض عدد كبير من المصريين لعمليات نصب واحتيال من خلالهم بمبلغ قُدر ب 6 مليارات جنيه، وتمت هذه العملية التي أدرجها بعض الناس تحت اسم «مستريحين الإنترنت»، عن طريق استدراج تلك المنصة للناس باعتبارهم سيحققون مكاسب سريعة وضخمة في مجال العملات الرقمية.
عملت هذه المنصة على تأجير وبيع عدد من الماكينات والآلات الخاصة بتعدين البيتكوين للمستثمرين، مع طرح عدد كبير من الخيارات للأرباح، بدأت من 10 دولارات إلى 50 دولارًا، وفوائد ربحية تبدأ من 250 جنيهًا في اليوم وحتى 300 جنيه.
مرخص من الشهر العقاري
في لحظات انقلب كل شيء، فانتشرت المئات من «البوستات» على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لأشخاص تعرضوا للنهب من قبل تطبيق «هوج بول»، وقامت كل محافظة بعمل جروب «واتساب»، ليجتمعوا مرة واحدة لتحديد الطريقة التي سيتبعونها لاسترداد أموالهم، موضحين أنهم وقعوا ضحية للنصب بالاستثمار من قبل تلك المنصة التي وثقوا بها.
تحدثت المصري اليوم مع «كرم»، أحد الأشخاص الذين تعرضوا للنصب من قبل هذه المنصة، حيث يرى أن الأمر «محبوك» بشكل مقنع في البداية، فكل المعطيات تفيد بأن التطبيق حقيقي، حتى يجذبوا ثقة روادهم ويقومون بإدخال أصدقائهم، موضحا أن كل شخص يمكنه أن يحصل على 10 دولارات مقابل إدخاله لأحد أصدقائه أو معارفه، كما حدث معه.
يعمل «كرم» الذي يبلغ من العمر 32 عامًا «سباك» في محافظة الإسكندرية، وكحال جميع الآباء، يطمح دائمًا لتوفير مستوى معيشي أفضل لأولاده، عرض عليه أحد الأشخاص الذي يعمل معهم بأن يقوم بالدخول لهذه المنصة، لم يكن «كرم» مُلما بجميع التفاصيل عنها أو كيفية استخدام التطبيق، بحد قوله «مبقتنعش بالكلام دا.. بس صاحبي وراني ترخيص التطبيق في الشهر العقاري، ساعتها اقتنعت بإنه مش نصباية»، وقام أحد أصدقائه بتحميل التطبيق على هاتفه وأنشأ له محفظة ب200 جنيه.
كيف تعمل منصة «هوج بول»؟
تعتمد منصة «هوج بول» على الربح بواسطة شراء آلة، وبعد شراء الآلة يقوم التطبيق بمنح عوائد مادية، يتم تقديرها بناء على سعر الآلة كما يلي:
- يصل سعر الآلة الأولى في تطبيق هوج بول ل1000 جنيه، وتحقق ربحا يوميا بمقدار 240 جنيها.
- الآلة الثانية في تطبيق هوج بول يصل سعرها ل6 آلاف جنيه؛ وتحقق ربحا ب280 جنيها يوميا.
- سعر الآلة الثالثة في منصة هوج بول المحتالة 8 آلاف جنيه بربح يومي 480 جنيها.
- سعر الآلة الرابعة من تطبيق هوج بول المحتال 16 ألف جنيه بربح يومي 1100 جنيه مصري.
«يعيش النصاب على قفا الطماع»
وضعت المنصة شروطا لمعايير السحب، منها أن السحب الذي يتم في منتصف الشهر يخضع لضريبة تقدر ب 15% من قيمة المال، بينما السحب في أول وآخر الشهر لا يعرض المستخدمين لأي ضريبة، دخل «كرم» التطبيق ب 22 آلف جنيه، قبل نهاية الشهر قامت المنصة بوضع تعامل مادي جديد تحت اسم «الصناديق»، يبدأ سعرها ب 200 جنيه ويصل ل 600.
شعر «كرم» وقتها أن الأمر ليس طبيعيا، لكنه انتظر لآخر الشهر كما قال حتى لا يُخصم من المبلغ الذي جمعه، ولكن لم تسر الأمور كما خُطط لها، يقول «كرم»: «في مثل قديم عندنا بيقول يعيش النصاب على قفا الطماع ودا اللي حصل معايا بالظبط»، لم يستطع كرم سحب أي مبلغ مالي له في نهاية الشهر لأن التطبيق كان بالفعل قد أُغلق.
خبير أمن معلومات: «المتهم الأول هي الجهات الرقابية»
قال المهندس محمد سعيد، خبير أمن المعلومات والمحلل المالي، إن ما حدث في منصة هوج بول، فكرة قديمة ومكررة عبر التاريخ، المتهم الأول فيها هي الأجهزة الرقابية المنوط بها متابعة كافة الأنشطة التجارية التي تتم في السوق المصري، موضحا أنه من الناحية الفنية من الممكن خلال يومان عمل تنفيذ وإطلاق منصة على الإنترنت.
ولكن لتسجيلها في الجهات المسؤولة يحتاج للعديد من الخطوات لضمان حقوق المستخدمين، ولكن ذلك لم يحدث في تلك القضية، وكان يجب على الأجهزة الرقابية بمختلف تسمياتها أن تتابع الأمر من الوهلة الأولي وألا يترك الزمر لحين وقوع الكارثة، ولفت سعيد في حديثه ل«المصري اليوم» إلى أن المنصة المذكورة لا علاقة بها بتعدين العملات، لقراءة المزيد.
«شيري»: أكبر همي سداد الديون
لم تختلف قصة «شيري» عن سابقتيها كثيرًا، فتعرضت للنصب هي الآخرى، ولكن ما يجعل الأمر مختلف قليلًا أن الأموال التي دخلت بها «شيري» في المنصة لم تكن لها، بل اقترضتهم من أحد معارفها واصدقائها، تقول «شيري» خلال حوارها مع المصري اليوم: «دخلت عن طريق بنتي وطبعًا هي حد ثقة، قلت هستلف المبلغ وارجعه للناس من خلال الأرباح، ضاع مبلغ الناس ومخدتش منهم جنيه».
لم تتخذ «شيري» أي إجراء قانوني حتى الآن تجاه المنصة، وترى أن الجميع قاموا بتقديم بلاغات ضد «هوج بول» دون جدوى، وتشعر «شيري» بالضياع والتشتت، وكل ما يشغل بالها في الفترة الحالية هي الطريقة التي سترجع بها النقود لاصحابها، إذ تقول: «أكبر همي سداد الديون اللي عليا دلوقتي».
باحث قانوني: تطور التكنولوجيا هو السبب
من جانبه يقول يحيى عبدالله، المحامي والباحث القانوني، إن التطور الذي حدث في عالم التكنولوجيا هو ما جعل الجريمة تتطور حتى وصلنا إلى جريمة النصب الإلكتروني على المواطنين الباحثين عن وسيلة للكسب والثراء السريع، لكن المشرع المصري انتبه لتلك الجرائم، ووضع تعريفًا واضحًا لجريمة النصب وإنما اكتفى بسرد بعض حالتها وطرق التدليس التي ينتهجها الجاني ولم يفرق المشرع بين جريمة النصب الالكترونية أو جريمة النصب الغير الإلكترونية.
وأضاف يحيي في حديثه ل«المصري اليوم»، أن النصب قانونًا هو الاستيلاء على مال مملوك للغير بطرق احتيالية لحمل المجنى عليه تسليم أمواله بمحض إرادته للجاني، وفى ذلك قد نصت المادة 336 من قانون العقوبات، على أنه يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة.