نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    أسواق الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية وسط التوترات الجيوسياسية    تراجع كبير بأسعار هيونداي إلنترا HD موديل 2022 كسر زيرو في مصر    نتنياهو: نتوقع موجات من الهجمات الإيرانية على إسرائيل    نتنياهو: نتوقع موجات من الهجمات الإيرانية على إسرائيل    المرشد الإيراني: قواتنا المسلحة ستتعامل بحزم وستجعل إسرائيل في حال يرثى لها    الحلم العربى.. والأهلى العالمى    ضربة جديدة للإسماعيلي: الفيفا يوقف القيد مجددًا بسبب قضايا متراكمة    منافس جديد لصلاح.. تفاصيل عقد فيرتز مع ليفربول    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة نهارًا معتدل ليلًا    «حساسية بالدم».. ملك أحمد زاهر تكشف تفاصيل أزمتها الصحية    خبير استراتيجي: إسرائيل استخدمت وسائل الحرب الإلكترونية لضرب دفاعات إيران    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    حقيقة تقرير أيمن الرمادي عن المستبعدين في الزمالك    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    عاجل.. سماع دوي عدة انفجارات ضخمة غربي طهران    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    الأحد بالمجان.. قصور الثقافة تطلق عروض التجارب النوعية المسرحية في الغربية    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل العريش.. عمليات وكشف مجاني ضمن بروتوكول التعاون الطبي    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    للوقاية من ضربات الشمس..توزيع أكثر من 5 آلاف مظلة على الحجاج بالمدينة    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للعاملين بالدولة    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    رصاص على المقهى.. تفاصيل مقتل شاب أمام المارة في القليوبية    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    وكيل تعليم شمال سيناء يعقد اجتماعًا موسعًا مع رؤساء لجان الثانوية العامة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الجمعة 13-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهر الجنون! فى بلدة توفيق الحكيم
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 02 - 2023

العنوان لإحدى روائع العملاق توفيق الحكيم، كتبها منذ حوالى تسعين عاما. ذكرنى بها واقعنا المعاصر الذى فاق ما جاد به «الحكيم» من خيال!، سأحاول عرضها إيجازا بأسلوبى الشخصى، ملتزماً تماماً بفحواها، لكننى سأستحضر فى سردى «عالم 2023».
يحكى «الحكيم» عن بلدة يجرى خلالها نهر ويحكمها ملك، حلم أن أفاعى سوداء بثت فى النهر سموما تصيب من يشرب ماءه بالجنون، فهب من نومه آمرا المنادين بأن يجوبوا البلدة، محذرين من مصير من يشرب من النهر.
إلا أن البعض تجاهل النصيحة، ومع الوقت تزايد عددهم حتى لم يبق من أهل البلدة من لم يشرب من النهر إلا حاشية الملك وأهله. عند ذلك وقع حدث جلل، إذ دخل وزيره ليخبره بأن أهل بيته- ومنهم الملكة- قد شربوا ماء النهر فأصابهم ما أصاب العامة من جنون.
وقع الخبر على الملك كالصاعقة، فطلب من الوزير أن يقصد كبير الأطباء المشهود له بالعلم، عله يجد لديه دواء، والنخبة من الحكماء طلبا للمشورة. ولأن المصائب تأتى تباعا، يباغته الوزير بالقول إن الطبيب والحكماء شربوا من النهر فذهبت عقولهم الرشيدة!، لجأ الملك لآخر خلصائه.
فأمر وزيره بأن يذهب للكاهن الأكبر ليضع الأمر بين يديه. عندها أخرج الوزير من جعبته آخر الصدمات، فأخبره بأن الكاهن قد صار هو الآخر من الشاربين. بذهول تلقى الملك الصدمة فى الكاهن وقرر اصطحاب وزيره إلى المعبد، ليبتهلا إلى الله أن يصرف هذا البلاء.
بعد انصرافهما تدخل الملكة ومعها كبير الأطباء والكاهن، ويدور نقاش عن الجنون الذى أصاب الملك فتركه مختلفا عن سائر «العقلاء»، وتطلب الملكة من الطبيب الدواء فيعتذر بعجز العلم أمام هذا الداء، فتتوجه للكاهن طالبة معجزة، فيخبرها بأن السماء لا تمطر معجزات.
ويعود الملك إلى القصر فينفرد بمليكته فى محاولة أخيرة لإثنائها عن الاستمرار فى شرب ماء النهر. ويتعامل كلاهما مع الآخر على أنه هو المجنون، وفى النهاية تبوء محاولات الملك بالفشل ويتبدد آخر أمل فى إصلاح ما آلت إليه الأمور من ترد.
وبينما الملك فى همّه، يدخل الوزير لينهى إليه الفصل الأخير من المأساة، فيخبره بأن العامة والملكة والنخبة قد اجتمع أمرهم أنهم العقلاء وأن مليكهم هو المجنون، وأن تهامسهم قد استحال صوتا عاليا ينذر بأسوأ العواقب.
ويدور بين الرجلين حوار صاغه «الحكيم» بعبقرية، يشكو فيه الملك بمرارة أن المجنون لا يشعر بأنه مجنون، فيوافقه الوزير ولكنه يذكره أن هذه هى ذات الحجة التى يستخدمها الناس ضده!، بعدم تصديق يتساءل الملك: أهكذا يجترئون على الحق؟، فيقول الوزير: الحق والعدل والفضيلة أصبحت ملكا لهؤلاء الناس!، ويأبى الملك إلا التمسك بالحق فيقول: ولكننى عاقل وهم المجانين.
فيصدق الوزير على كلامه ولكنه يذكره بأن هؤلاء المجانين هم الأغلبية، ثم يستطرد محذرا الملك من ثورة هؤلاء الناس عليه، فيفزع الملك ويعاود حديثه عن العقل فيجيبه الوزير: وما قيمة العقل فى هذه المملكة من المجانين؟، عندئذ يفطن الملك لما ينصحه به وزيره بأن موقفا كهذا يكون فيه الجنون هو التمسك بالعقل، فيطلب من وزيره كأسا من ماء النهر.
ويُسدل الستار والملك ووزيره يشربان من نهر الجنون!. لن أفتئت على ذكاء وفطنة القارئ فأشرح له التطابق المدهش بين هذا العمل الأدبى الخيالى والواقع الذى يعيشه العالم، مع اختلاف وحيد لكنه جوهرى، هو أن الغالبية من شعوب العالم هى المحتفظة بعقلها.
إلا أن المؤسف أن الغلبة للأقلية- النخب الحاكمة فى القوتين العظميين وحلفائهم وجنرالات الخراب- التى تؤجج الصراعات والحروب بما يترتب عليها من تدهور شديد وغير مسبوق فى كل المناحى المعيشية لم يسلم منه أى بلد على الكرة الأرضية.
ويكاد لسان حال الشعوب فى الدول التى لا ناقة لها ولا جمل وهى تئن وتعانى، يكاد أن ينطق بلغة إنسانية موحدة هاتفا أن هذا التناحر هو الجنون بعينه.
وإذ يردد أغلب البشر تساؤل الملك: أهكذا يجترئون على الحق؟، يتداعى إلى الذهن رد الوزير: الحق والعدل والفضيلة أصبحت ملكا لهؤلاء الناس، ويدمى القلب القهر الذى نشعر به ونحن نبحث بدورنا عن نهر الجنون علنا نلتمس فى مائه الخلاص من عذاب التعقل!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.