في خضم الأزمة القضائية اللبنانية.. شكوى جديدة ضد قاضي التحقيق ب«انفجار المرفأ»

شهد لبنان حلقة جديدة من حلقات الأزمة القضائية التي تمر بها البلاد؛ جراء تسلل الانقسامات السياسية إلى القطاع القضائي، بعدما قدم النائب علي حسن خليل (من أعضاء كتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري النيابية)، الاثنين، شكوى إلى النيابة العامة التمييزية، وهيئة التفتيش القضائي ضد المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، اتهمه فيها ب"اساءة استعمال السلطة والإخلال بالواجبات الوظيفية، ومخالفة القرارات القضائية وإثارة النعرات المذهبية والعنصرية والحض على النزاع بين الطوائف واغتصاب السلطة القضائية وانتحال صفة النائب العام التمييزي وصفة المحقق العدلي غير مكفوف اليد".
وأحيلت الدعوى إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، لاتخاذ اللازم بشأنها.
ونشبت أزمة قضائية في لبنان، الذي يعاني سياسيًا واقتصادياً، في ضوء اتهام وزراء في قضية افجار مرفأ بيروت، وقرر عدما لنائب العام التمييزي (رأس النيابات العامة)، غسان عويدات، الأربعاء الماضي، إطلاق سراح الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت كافة، بالمخالفة لقرار المحقق العدلي في القضية طارق البيطار الذذي قرر استئناف تحقيقاته بعد تعليقها 13 شهرا، فاتحًا نيران الاتهامات على مسؤولين سابقين.
وعٌلقت التحقيقات في الانفجار منذ ديسمبر 2021 جراء دعاوى رفعها تباعاً مُدّعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون، ضدّ بيطار، لكنه أجرى مطالعة قانونية أعلن على أساسها قراره استئناف التحقيقات، برغم الدعاوى المرفوعة ضده، ما أثار جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً.
وعلى إثر ذلك تعثر التحقيق في الانفجار، الذي أودى بحياة 220 شخصا وألحق دمارا واسعا بالعاصمة اللبنانية، جراء مقاومة سياسية من بعض الأطراف ودعاوي قانونية ضد القاضي البيطار ما يعكس أن الأزمة السياسية اللبنانية الحالية، والانقسام العمودي داخل الجسم السياسي اللبناني تسلسل لمفاصل القضاء.
ونقلت، وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول قضائي أن عويدات اتهم المحقق العدلي الذي قرر استئناف التحقيقات ب«التمرد على القضاء واغتصاب السلطة» مشيرا إلى أنه ما كان ينبغي على البيطار أن يواصل التحقيق في القضية هذا الأسبوع.
وأضافت الوكالة -استنادا إلى مذكرة أصدرها عويدات- أنه قرر «إطلاق سراح الموقوفين كافة في قضية انفجار مرفأ بيروت دون استثناء ومنعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي».
ويأتي القرار إثر اتخاذ المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار قراراً يقضي بإخلاء سبيل خمسة فقط من الموقوفين على ذمة القضية، وبعد أن وجّه اتهاما إلى النائب العام و3 قضاة آخرين على صلة بالانفجار المأساوي الذي حدث بالعاصمة اللبنانية في أغسطس 2020.
وفتح البيطار النار على أكثر من جبهة سياسية وقضائية وأمنية في لبنان، بإعلانه استئناف التحقيقات بعد نحو 13 شهرا من تعليقها نتيجة «دعاوى رد» رفعها عدد من السياسيين المدعى عليهم من نواب حاليين ووزراء سابقين.
وكشفت عودة البيطار حجم الانقسام العمودي داخل الجسم اللبناني وصولا للقضاء؛ إذ سعى البيطار، في وقت سابق، لاستجواب عدد من كبار السياسيين، من بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري (زعيم حركة أمل) وحسان دياب الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء عندما وقع الانفجار، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
ونفى هؤلاء جميعا، بمن فيهم الوزيران السابقان على حسن خليل وغازي زعيتر، تورطهم في ارتكاب أي مخالفات قائلين إن البيطار لا يمتلك صلاحية استجوابهم بالنظر لتمتعهم بالحصانة، كما عارض أيضا حزب الله عمل هذا القاضي الذي كان يسعى لاستجواب عدد من حلفاء الحزب.
وادعى بيطار بعد استئناف عمله، على 8 أشخاص بينهم 4 قضاة، في إجراء غير مسبوق رفضته النيابة العامة التمييزية، ما ينذر بأزمة قضائية، ومن بين المدعى عليهم، النائب العام التمييزي غسان عويدات، إضافة إلى 3 قضاة آخرين، بالإضافة إلى المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا.
وظهرت أولى ردود الفعل برد النائب العام التمييزي (رأس النيابات العامة) القاضي غسان عويدات على البيطار في بيان أكد فيه أن «يدكم مكفوفة بحكم القانون، ولم يصدر لغايته أي قرار بقبول أو رفض ردكم، أو نقل أو عدم نقل الدعوى من أمامكم».
وبعد أيام من لقائه وفدا قضائيا فرنسيا، علل البيطار عودته باجتهاد قانوني مفاده أن عضو المجلس العدلي (محكمة استثنائية) لا يجوز رده من محكمة أدنى من المجلس العدلي، كمحكمة التمييز. واستند لدراسة قانونية تعتبر أن صلاحيات المحقق العدلي حصرية، ولا يمكن ردها أو نقل الدعوى من يده إلى يد قاض آخر.
وراح 220 لبنانيًا ضحية انفجار مرفأ بيروت في أغسطس2020، بعدما تسببت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم، التي تم تفريغها في المرفأ عام 2013، في الانفجار الذي يعد من بين أقوى الانفجارات غير النووية التي شهدها العالم.