تتواجد في أطعمة نتناولها يومياً.. أضرار الدهون المتحولة بعد تحذير الصحة العالمية؟

حذر تقرير صادر اليوم عن منظمة الصحة العالمية من مخاطر الدهون المتحولة، وأن هناك نحو خمسة مليارات شخص في العالم يفتقرون إلى الحماية من الدهون المتحوّلة، وهو ما يزيد من احتمال إصابتهم بأمراض القلب والوفاة، فما هي الدهون المتحولة وما أضرارها؟.
الدهون المتحولة
وتتعدد أنواع الدهون منها المفيد والضار، وتأتي الدهون المتحولة كأسوأ أنواع الدهون التي يمكن تناولها، لأنها تزيد من نسبة الكوليسترول «الضار» وتخفض الكوليسترول «الجيد» على عكس الدهون الغذائية الأخرى، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، بشكل جعلها السبب الرئيسي للوفاة لدى البالغين.
وتتكون معظم الدهون المتحولة من خلال معالجة صناعية تُضيف الهيدروجين إلى الزيت النباتي، حسبما أوضحت «مايوكلينك»، وهو ما يجعل الزيت صلبًا في درجة حرارة الغرفة، وهذا الزيت المهدرج يتسم بأنه منخفض التكلفة وأقل عرضة للتلف، والأطعمة المصنعة به هي الأطول عمرا، لذلك تستخدمه المطاعم في منتجاتها لأنها لا يلزم تغييرها باستمرار.
وتتواجد هذه الدهون أو الزيوت في أطعمة يتناولها الجميع يوميا، مثل المخبوزات التجارية، مثل الكعك والبسكويت والفطائر، وكذلك قوالب السَّمن الصناعي والفشار المصنوع في الميكروويف والبيتزا المجمدة، والعجين المبرد، مثل البسكويت واللفائف، وكل أنواع الأطعمة المقلية مثل البطاطس المقلية والكعك والدجاج المقلي، وكريمة القهوة غير اللبنية.
ولا تقتصر أضرار هذا الدهون فقط على مستويات الكوليسترول في الدم، بل أنها تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية ومرض السكري من النوع الثاني، من خلال زيادة نسب كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة وخفض نسب كوليسترول البروتين الدهني مرتفع الكثافة.
البدائل الصحية للدهون المتحولة
ورغم أن الأطعمة الخالية من الدهون المتحولة ليست صحية بطبيعتها لكنها أقل ضررا، حيث أن الدهون المشبعة ترفع مستوى الكوليسترول بشكل عام، لذلك ينصح بإبقاء نسبة الدهون المشبعة أقل من 10% من إجمالي سعراتك الحرارية اليومية.
وتعد الدهون غير المشبعة الأحادية الموجودة في زيت الزيتون والفول السوداني وزيت الكانولا خيارًا أكثر فائدة للصحة من الدهون المشبعة، وتعد المكسرات والأسماك والأطعمة الأخرى التي تحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية خيارات أخرى جيدة من الأطعمة المحتوية على الدهون الصحية.
أضرار الدهون المتحولة
وفي عام 2018 دعت منظمة الصحة العالمية للمرة الأولى إلى القضاء على الدهون المتحوّلة المنتجة صناعيا، وحينها حدّدت عام 2023 موعدًا لتحقيق ذلك، ونفذ السياسات القائمة على أفضل الممارسات للقضاء على الدهون المتحولة في الأغذية نحو 43 بلدا حتى الآن، فاستفاد من الحماية 2،8 مليار شخص في العالم.
فيما تشير تقديرات الصحة العالمية إلى أنه هناك 5 مليارات شخص في العالم لا يزالون معرضين للآثار الوخيمة على الصحة بسبب الدهون المتحولة، وتعذر تحقيق الهدف العالمي الرامي إلى القضاء على الدهون في عام 2023 حتى الآن.
ويشيع استخدام الدهون المتحوّلة المنتجة صناعيا والتي تعرف أيضا بالأحماض الدهنية المنتجة صناعيا في الأغذية المعبأة والمخبوزات وزيوت الطهي، فيما أوضحت منظمة الصحة أن تلك الدهون هي السبب في حدوث نحو 500 ألف حالة وفاة مبكرة بسبب أمراض القلب التاجية كل عام في العالم بسبب تناولها.
ووفقا لتقديرات المنظمة فإن هناك 16 بلداً تسجل أعلى نسبة تقديرية من وفيات أمراض القلب التاجية الناجمة عن تناول الدهون المتحوّلة، تفقر 9 بلدان منها إلى سياسات قائمة على أفضل الممارسات، ومن بينها مصر، فيما كانت الدول الأخرى هي أستراليا وأذربيجان وبوتان وإكوادور وإيران ونيبال وباكستان وجمهورية كوريا.
فيما قالت منظمة الصحة العالمية أن أفضل الممارسات في سياسات القضاء على الدهون المتحوّلة تتبع معايير محددة وضعتها المنظمة وتقيّد استخدام الدهون المتحولة المنتجة صناعياً في جميع البيئات، مشيرة إلى أن هناك بديلان للسياسات القائمة على أفضل الممارسات، الأول تطبيق حد إلزامي وطني بمقدار غرامين من الدهون المتحولة المنتجة صناعياً لكل 100 غرام من إجمالي الدهون في جميع الأغذية.
أما البديل الثاني فهو تطبيق حظر إلزامي وطني على إنتاج أو استخدام الزيوت المهدرجة جزئيا (وهي مصدر رئيسي للدهون المتحولة) كمكون في جميع الأغذية.
وقال المدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس،«لا تُعرف للدهون المتحوّلة فوائد، في حين أنها تنطوي على مخاطر صحية جمة تثقل كاهل النظم الصحية. وفي المقابل، فإن القضاء على الدهون المتحوّلة فعال من حيث التكلفة ويعود بفوائد كبيرة على الصحة. وبعبارة بسيطة، فإن الدهون المتحولة هي مادة كيميائية سامة مميتة، ولا ينبغي استخدامها في الأغذية. وقد آن الأوان للتخلص منها نهائيا».
فيما قال الدكتور توم فريدن، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة Resolve to Save Lives (عازمون على إنقاذ الأرواح)، «تستطيع كل حكومة أن توقف هذه الوفيات التي يمكن الوقاية منها من خلال اعتماد سياسة قائمة على أفضل الممارسات، وباتت أيام الدهون المتحوّلة القاتلة معدودة- لكن يجب على الحكومات العمل لإنهاء هذه المأساة التي يمكن الوقاية منها».
وعن موقف تنفيذ الدول لتلك السياسات، أن سياسات القضاء على الدهون المتحوّلة نفذت في معظهما حتى الآن في البلدان المرتفعة الدخل (ولا سيما في الأمريكتين وأوروبا)، وازداد الإقبال على تنفيذ أو اعتماد هذه السياسات في البلدان المتوسطة الدخل، منها الأرجنتين وبنغلاديش والهند وباراغواي والفلبين وأوكرانيا.
ويعكف على النظر في سياسات قائمة على أفضل الممارسات في كل من المكسيك ونيجيريا وسريلانكا في عام 2023، فيما ستكون نيجيريا ثاني وأكثر البلدان اكتظاظًا بالسكان في إفريقيا يضع سياسة قائمة على أفضل الممارسات للقضاء على الدهون المتحولة، في حال اعتماد هذه السياسة، ولم يعتمد أي بلد من البلدان المنخفضة الدخل حتى الآن سياسة قائمة على أفضل الممارسات للقضاء على الدهون المتحولة.
وتوصي المنظمة وفي عام 2023 بأن تركز البلدان على هذه المجالات الأربعة: اعتماد سياسة قائمة على أفضل الممارسات، والرصد والترصد، وتوفير بدائل صحية للنفط، وتنفيذ أنشطة الدعوة، وأعدت إرشادات المنظمة لمساعدة البلدان على إحراز تقدم سريع في هذه المجالات.
وتشجع المنظمة مصنعي الأغذية أيضا على استبعاد الدهون المتحولة المنتجة صناعيا من منتجاتهم، بما يتماشى مع الالتزام الذي تعهد به التحالف الدولي للأغذية والمشروبات، كما يُطلب من الموردين الرئيسيين للزيوت والدهون إزالة الدهون المتحولة المنتجة صناعيا من المنتجات التي تباع لمصنعي المواد في العالم.