آخرهم «الشيخ الشعراوى» .. أعمال السِّيَر الذاتية تواصل إثارة الجدل

«بين النجاح والفشل»، هكذا يمكن أن نقيِّم أعمال السير الذاتية سواء كانت مسلسلات أو أفلامًا، حيث أصبح هذا النوع سلاحًا ذا حدين، فهو غالبًا يُعتبر تكريمًا لأصحابها، إلا أنه قد ينتهى بمعركة تثير الجدل بين الانتقادات والآراء المختلفة من الجمهور بسبب البعد عن الواقعية، بالإضافة إلى أن معظم الذين جسَّدوا السير الذاتية أخفقوا بشدة، سواء من حيث الشكل أو الأداء، وكذا ضعف الإخراج والإنتاج.
وبين مؤيد ومعارض وبين نجاح وفشل لهذه النوعية من المسلسلات، ترصد «المصرى اليوم» فى السطور التالية هذه المسلسلات:
«الشيخ الشعراوى»
أثيرت حالة من الجدل، داخل الوسطين الفنى والثقافى، خلال الأيام الماضية، عقب إعلان المسرح القومى استعداده لتقديم مسرحية عن سيرة الشيخ محمد متولى الشعراوى خلال شهر رمضان المقبل 2023.
وبعد إعلان القومى للمسرح بساعات قليلة، خرج العديد من المثقفين والمهتمين بالمسرح، يهاجمون تحرك المسرح القومى، رافضين فكرة تناول السيرة الذاتية ل«الشعراوى».
وتقدمت النائبة فريدة الشوباشى، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، بشأن ضعف أداء وزارة الثقافة فى نشر الوعى بوسائل التوعية، وتصحيح المفاهيم المشوهة مثل الفنون عامة.
من جانبها، أوضحت نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، أن ما حدث هو أن مدير المسرح القومى طرح اسم الشعراوى كمثال فى المؤتمر الصحفى حول الأمسيات المقترح تقديمها، لكن المقترح لم يتم إقراره لحين العرض على لجنة الأعمال الفنية برئاسة الفنانة سميحة أيوب، وعضوية الفنان أحمد فؤاد سليم، مضيفة أنه «يجب اختيار شخصيات تنويرية مؤثرة فى المجتمع لعرضها فى الأعمال المسرحية».
واعتذر الفنان كمال أبو رية عن عدم أداء بطولة مسرحية الشيخ الشعراوى، على خشبة المسرح القومى بعد عرض دور البطولة عليه.
وأوضح «أبو رية» أنه بالفعل تواصل مع الفنان إيهاب فهمى عارضًا عليه دور البطولة، وتجسيد شخصية الشيخ الشعراوى، ولكنه اعتذر له عن عدم القيام بالدور بسبب انشغاله بتصوير عمل آخر مقرر عرضه فى شهر رمضان المقبل.
وسبق تقديم مسلسل عن سيرة الشيخ الشعراوى، وجسده الفنان حسن يوسف، وحقق نجاحًا كبيرًا.
«إمام الدعاة»
جسد الفنان حسن يوسف، السيرة الذاتية للراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى، فى مسسل «إمام الدعاة»، حيث حقق نجاحًا كبيرًا وقت عرضه، وحين يُعاد عرضه ينال قسطًا كبيرًا من المتابعة، ولم يخل العمل من أزمات، حيث اعترضت أسرة الراحل وانتقدوه بشدة لما به من أخطاء.
أما عن اعتراضات أسرة الراحل فمنها مثلًا ما ذكره النجل الأكبر للشيخ الشعراوى «سامى الشعراوى» أن المسلسل جعل اسم والدته «نبوية» وقالوا هذا خطأ لأن اسمها الحقيقى «عزيزة».
وذكرت الأسرة أيضًا أن المسلسل به أخطاء شديدة فشخصية «بدرية» التى كان يحبها فى المسلسل وهو صغير شخصية من الخيال تم إضافتها من قبل الدراما فقط، أيضًا كانت ترى أن المسلسل أظهر الشيخ الشعراوى بأنه خرج من مجتمع جاهل وهو غير صحيح تمامًا، موضحًا أن الشيخ تعلم على يد أساتذة مثل الشيخ أحمد الطويل.
نجيب الريحانى «الضاحك الباكى»
تعرض مسلسل «الضاحك الباكى» عن سيرة نجيب الريحانى لانتقادات لاذعة حينما عُرض مؤخرًا على شاشة التليفزيون، والمسلسل يتناول حياة الفنان الراحل نجيب الريحانى الذى يتمتع بمكانة خاصة واستثنائية لدى الجمهور، وجاءت الانتقادات بسبب كمية الأخطاء التاريخية والفنية التى وقع فيها المسلسل وردود صناعه التى أثارت جدلًا على السوشيال ميديا.
مسلسل «الضاحك الباكى» تأليف محمد الغيطى، إخراج محمد فاضل، بطولة عمرو عبدالجليل، فردوس عبدالحميد، رزان مغربى، ويتناول قصة حياة الفنان نجيب الريحانى، بداية من ميلاده عام 1892 وحتى 50 عامًا فى عام 1949، وهى حقبة زمنية مهمة تعكس الفن الحقيقى الذى صنعه الراحل، حيث استطاع تحويل الكوميديا من الاسكتشات إلى كوميديا الإنسانية والتى تصنع الإنسان والشخصية المصرية.
محمد رمضان وسيرة أحمد زكى
قبل عامين، أعلن الفنان محمد رمضان عن تجسيده سيرة الفنان الراحل أحمد زكى، وحينما أعلن ذلك قابله الجمهور بين مؤيد ومعارض، لاختياره تحديدًا من بين أشباه «النمر الأسود».
ويرى البعض فى محمد رمضان موهبة تمثيلية قادرة على إحضار روح أحمد زكى أمام الشاشة، ويدعم تلك الموهبة السمات الشكلية المشتركة التى تجمع بينهما، فضلًا عن الشعبية التى يحظى بها رمضان بين الجمهور.
بينما يرى البعض الآخر أن طبيعة الأعمال التى ارتبطت باسم محمد رمضان والتى أثارت جدلًا كبيرًا، كمشاهد العنف والبلطجة، ونوعية الأغنيات التى اعتاد تقديمها، تجعله غير جدير بتجسيد دور ممثل بحجم أحمد زكى.
منى زكى.. «السندريلا»
فى عام 2006، قدمت الفنانة منى زكى سيرة الفنانة سعاد حسنى فى مسلسل «السندريلا» الذى أخرجه سمير سيف، حيث تعرض المسلسل لانتقادات كثيرة، إذ رأى عدد من الفنانين وصناع الدراما أنه لم يتطرق لمراحل مهمة فى حياة سعاد حسنى، كما تعرض لهجوم بسبب عدم رضا الجمهور عن أدائها لواحدة من أكثر فنانات مصر والوطن العربى شعبية.
العمل كتبه السيناريست الراحل ممدوح الليثى وعاطف بشاى، وكان قد أعلن الأول أن منى زكى تسببت بفشل العمل، عندما لجأت للمؤلف تامر حبيب ليقدم شخصية صلاح جاهين، وقال أيضًا إن الفنان مدحت صالح، الذى جسد دور عبد الحليم حافظ، كان سببًا فى انتقاد العمل، كما تقدم عاطف بشاى بشكوى ضد المخرج لنقابة المهن التمثيلية متهمًا إياه بتشويه السيناريو.
«السندريلا» بطولة منى زكى، غادة رجب، مدحت صالح، لطفى لبيب، يوسف الشريف، مها أبو عوف، سامى مغاورى، عبد العزيز مخيون، شيرى عادل، تأليف ممدوح الليثى وعاطف بشاى، إخراج سمير سيف.
«أم كلثوم»
قدمت الفنانة صابرين مسلسلًا عن السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، عام 1999، حيث نالت إعجابًا كبيرًا وقتها من قبل الجمهور والنقاد، واعتزلت «صابرين» بعد عامين خوفًا على النجاح الذى حققته، ورأى بعض النقاد وقتها أن نجاح العمل يأتى بسبب أداء الممثلين، بالإضافة إلى أن الإنتاج كان سببًا قويًّا فى نجاح العمل.
مسلسل «أم كلثوم» من إخراج إنعام محمد على، من تأليف محفوظ عبد الرحمن ومن إنتاج التليفزيون المصرى، ومن بطولة صابرين، أحمد راتب، نادية رشاد، رياض الخولى، عبد العزيز مخيون، حسن حسنى، سميرة عبد العزيز، خالد الصاوى.
«الشحرورة صباح»
فى عام 2011، قدمت الفنانة اللبنانة كارول سماحة، السيرة الذاتية للفنانة صباح، وهى على قيد الحياة، ولم يسلم العمل من الانتقادات، حيث أثار غضب عدد ممن عاصروا النجمة اللبنانية فى شبابها، لكن الجدل طال أيضًا اختيار كارول سماحة للدور، وإغفال السيناريو خيانتها لأزواجها التى أكدتها أكثر من مرة.
مسلسل «الشحرورة» بطولة كارول سماحة، إيهاب فهمى، وليد فواز، أسامة أسعد، جوليا قصار، كارول الحاج، إخراج أحمد شفيق، تأليف فداء الشندويلى.
شادى شامل.. «العندليب»
قدم عدد كبير من النجوم السيرة الذاتية للعندليب عبد الحليم حافظ، حيث حقق الفنان أحمد زكى نجاحًا كبيرًا بأدائه فى السينما، لكن تعرض الفنان شادى شامل لهجوم كبير وقت عرض مسلسل «العندليب.. حكاية شعب» فى عام 2006، حيث اتهم مؤلف العمل مدحت العدل أن سبب فشل العمل هو بطله شادى شامل.
مسلسل «العندليب» بطولة شادى شامل، عبلة كامل، كامل أبو رية، لقاء الخميسى، مجدى كامل، إخراج جمال عبد الحميد، تأليف مدحت العدل.
وعلقت الناقدة خيرية البشلاوى قائلة إن لم يكن الشخص المتناول سيرته فى العمل لديه قصة جيدة تحكى للجمهور، فمن الأفضل عدم تجسيد سيرته فى عمل فنى.
وأضافت «البشلاوى»، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: ومن الأفضل أن نقدم سيرًا ذاتية تفيد المشاهدين وتزرع فيهم القيم والأخلاق، لكن السير الذاتية التى ليس لديها أحداث مشوقة من الأفضل ألا نقدمها، والفيصل فى تقديم هذه الأعمال هو طريقة الصياغة وكيفية تقديمها، كما أن هذه النوعية من الأعمال تمثل نوعًا من التكريم لرموز الفن ومجالات أخرى من مصر والعالم العربى.
وعن رأيها فى تقديم سيرة الشيخ الشعراوى على خشبة المسرح القومى، قالت: شخصيًّا أرى أنه من الأنسب ألا نقدم هذه السيرة تمامًا لأن لديه آراء متحفظة.
وأكدت أن أفضل من قدم شخصية عن سيرة ذاتية هو الفنان أحمد زكى، حينما جسد شخصية الأديب الراحل طه حسين، كما أنه أبدع فى تقديم السيرة الذاتية عن العندليب.
من جانبه، قال الناقد طارق الشناوى إن ما يحدث من إثارة جدل فى مسلسلات السير الذاتية بسبب صناع العمل الذين يحاولون أن يرضوا جميع الأطراف، ولا يوضحون عيوب ومميزات الشخصية القائم عليها العمل، بالإضافة إلى أن مشكلة هذه النوعية من المسلسلات تحدث جدلًا بسبب الورثة.
وأضاف «الشناوى»، فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»: الورثة دائمًا يريدون أن يروا شخصية السيرة الذاتية فى صورة ملائكية، كما أن صناع العمل يقلقون بسبب أن العمل قد يتم إيقافه من العرض، فيضطرون لإرضاء جميع الأطراف.
وعن رأيه فى تقديم سيرة الشيخ الشعراوى على خشبة المسرح القومى، قال: تقديم سيرة الشيخ الشعراوى بداية غير موفقة من المسرح القومى، لأن المشاهدين يحتاجون لآراء تضىء الفكر، فجزء كبير من آراء الشيخ الشعراوى رجعية.
وتابع: من الأفضل أن نقدم شخصية مثل زويل أو مجدى يعقوب.