الهروب.. إلى عالم أفضل!

فاجأتنا «المصرى اليوم» بنشر خبر وتفاصيل عن مدينة «ميتاتوت»، أول مدينة مصرية فى العالم الافتراضى، فى فيلم يخلط عظمة تاريخ الأجداد بإبداع مستقبل الأحفاد وتقنيات أجيالنا الحديثة. مدينة متوجة بالحضارة المصرية القديمة، معتمدة على فرضية عودة الملك توت عنخ آمون لاستكمال مجد الحضارة المصرية، لتعزيز إعادة الهوية المصرية بزيادة الشعور بالفخر والانتماء داخل نفوس الأطفال.
العالم الافتراضى أو «ميتافيرس» Metaverse هو عالم ما بعد الواقع، يتم فيه دمج الواقع المادى مع البيئات الافتراضية. وفى الأبحاث ذُكر أن مفردة Metaverse مكونة من شقين: «ميتا» وتعنى «بعد» فى اليونانية، و«فيرس» وتعنى الكون أو العالم.. أى أن الكلمة تعنى ما بعد الواقع إن صحت هذه التسمية.
انتشر الحديث عن الميتافيرس بشكل واسع مؤخرًا، ويرى فيه البعض نسخة ثلاثية الأبعاد من الويب، معالمها التفصيلية لا تزال غامضة. يدمج الميتافيرس كيانات من العالم الواقعى عبر توائمها الرقمية (Digital twins)، فى عوالم رقمية ثلاثية الأبعاد باستخدام تقنيات الواقع الافتراضى والشخصيات الرمزية (أفاتار)، وربما ينضم الهولوجرام إليها مستقبلًا. والميتافيرس بشكل عام هو مكان افتراضى نعمل فيه ونتعلم ونرفه عن أنفسنا ونكسب الأموال وننفقها، ويتفق معظم خبراء التكنولوجيا على أنه سيغير حياتنا جذريًّا. فالميتافيرس، كما يقول ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذى لشركة مايكروسوفت (Microsoft): «لن يغير الطريقة التى نرى بها العالم فقط.. ولكن كيفية مشاركتنا فيه أيضا من المصنع إلى غرفة الاجتماعات».
رجل الأعمال والمبرمج الملياردير مارك زوكربيرج يوظف فى شركته «ميتا» Meta نحو 10 آلاف شخص فى مشروع الميتافيرس، وخصص هذا العام 10 مليارات دولار على هذا الميتافيرس، وأبدت شركات عالمية كبرى اهتماما غير مسبوق فى التحضير للميتافيرس، مثل: «أمازون ومايكروسوفت ونفيديا»، فتعيد تنظيمها الداخلى وتضع مواصفات للوظائف التى أعلنت عنها، استعدادًا لإطلاق منتجات بمليارات الدولارات لهذه الحقبة. كما أعلنت «سول» العاصمة الكورية الجنوبية أنها ستكون أول مدينة رئيسية فى العالم تتبنى منصة ميتافيرس، لتقدم شكلًا جديدًا للخدمات الحكومية بمجالاتها المختلفة، بإنشاء منظومة افتراضية كاملة تذلل الكثير من التحديات وترفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والزائرين فى عدة مجالات وهى: الاقتصاد والتعليم، الثقافة والسياحة، الاتصالات والتنمية الحضرية، الإدارة والبنية التحتية.
شبكة الميتافيرس بصفتها مستقبل الإنترنت يشبّهها البعض بعوالم فيلم The Matrix الشهير، وهى عبارة عن محاكاة رقمية متقنة الصنع، لا يعرف أحد أنها ليست حقيقية يرتبط بها الجميع، وتتسابق الشركات فى العالم للدخول إليها، وتتصارع بشراسة كذلك لفرض وجودها ورؤيتها لميتافيرس المستقبل.
سكان العالم يصنعون عوالمهم الوهمية الجديدة فى مدن يحلمون بالعيش فيها، يهربون إليها هروبًا من كل شىء، بدءًا من واقع حياتهم بتغيراته الاجتماعية، والإرهاب القاتم، والتراجع الاقتصادى وعالمهم الغارق فى التلوث البيئى والضغوط والالتزامات ومخاطر الحروب، بدلًا من مواجهة التحديات والتغلب على المخاوف، وتفعيل مبدأ التعايش الذى لم يعد مجرد ترف فكرى يقتصر على الفلاسفة والمثقفين، بل هو ضرورة لحماية مستقبل البشرية من أخطار دعوات الكراهية والعنف والإقصاء على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية.. والسبيل إلى تحقيق ذلك هو غرس قيمة التعايش فى مناهج التعليم، ووسائل الإعلام والأسرة وأماكن العبادة.