مَن يتسلم مفاتيح البيت الأبيض؟

باتت الولايات المتحدة الأمريكية على بُعد خطوة واحدة من الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهورى والديمقراطى، والتى ترسم ملامح الانتخابات الرئاسية، وتحسم مصير السباق إلى البيت الأبيض.
البيت الأبيض
ووفق معطيات المشهد السياسى الأمريكى؛ فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ستكون فريدة من نوعها على عدة صُعُد؛ فحال قرر الرئيس الحالى، جو بايدن، الترشح سيكون الأكبر عُمرًا فى تاريخ الولايات المتحدة، كما أن ترامب يُعد أول رئيس يخوض جولتين غير متعاقبتين، وأن هناك عوامل أخرى قد تطيح بفرص كليهما فى التنافس، ولا سيما فى ظل انقسام الحزب الجمهورى على ترشيح ترامب، ووضع بايدن الصحى، الذى قد لا يساعده على تمثيل الديمقراطيين، بالإضافة إلى صعود وجوه جديدة من كلا الحزبين على الساحة السياسية فى الآونة الأخيرة.
الرئيس الأمريكى جو بايدن
وتبدأ الانتخابات التمهيدية فى الولايات الأمريكية اعتبارًا من شهر مايو المقبل، بتواريخ متفاوتة فى كل ولاية أو مجموعة ولايات، على أن تستمر حتى أكتوبر- أى قبل عام من تاريخ الانتخابات الرئاسية، المقرر انعقادها فى الخامس من نوفمبر 2024.
والانتخابات التمهيدية المباشرة فى الولايات المتحدة الأمريكية هى عمليات حزبية داخلية تجرى فى كل حزب لاختيار مرشح (أو مرشحين) للمشاركة فى الانتخابات العامة المقبلة.
ترامب وبايدن فى ميزان الاستطلاعات
من داخل منزله فى بالم بيتش، أعلن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الثلاثاء، أنه سيخوض غمار السباق الرئاسى الأمريكى عام 2024؛ سعيًا لولاية ثانية غير متتالية، فيما لم يكشف الرئيس الأمريكى، جو بايدن، موقفه بعد.
الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب
فى هذا السياق ترصد «المصرى اليوم»، سيناريوهات الانتخابات التمهيدية، ماذا عن فرص الرئيس الحالى، جو بايدن، والسابق دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية 2024، وهل يتكرر سيناريو بايدن–ترامب للعام 2020 أم أن هناك شخصيات بارزة من كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى ستُطل برأسها لتزيحهما من المشهد السياسى؟.
فى ميزان الاستطلاعات تراجعت شعبية كل من الرئيس الحالى، جو بايدن، والسابق، دونالد ترامب، لكنهما لا يزالان مُمسكين بخيوط اللعبة.
عمليًا؛ يتمتع الرئيس السابق، دونالد ترامب بتأثير- فى صفوف الناخبين الجمهوريين المُسجلين الذين أظهروا ولاءهم له بتصدره الاستطلاعات المبكرة فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى بهامش كبير؛ إذ تتأرجح شعبيته بين نسبة الأربعينيات أو الخمسينيات المنخفضة، بفارق 20-30 نقطة عن أقرب منافسيه- حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وذلك وفق استطلاع أجرته مؤسسة «فايف ثيرتى إيت» الأمريكية، لتحليل البيانات، فى نوفمبر الجارى. كما أن مرشحى الحزب أبرزوا ولاءهم لترامب عندما رشحوا 82 % من غير أصحاب المناصب لمجرد أنه أيدهم فى الانتخابات التمهيدية الجمهورية المتنازع عليها لمجلس الشيوخ ومجلس النواب.
وتأتى تلك الأرقام، رغم أن استطلاع حديث أجرته مؤسسة «CIVIQS » لتحليل البيانات كشف أن 52% من الناخبين الجمهوريين المسجلين لا يرون ترامب مناسبًا للترشح لجولة رئاسية ثانية، فيما أبدى 34% تأييدهم له، والتزم 8% موقفًا حياديًا.
أما الرئيس الحالى، جو بايدن، فهبطت شعبيته فى الاستطلاعات المبكرة للانتخابات التمهيدية ل41.8 %؛ إذ يُعارض ترشحه 52.9% من صفوف الناخبين الديمقراطيين المُسجلين، وفق موقع «FiveThirtyEight » الأمريكى لتحليل البيانات.
كما أظهر استطلاع ل«civiqs»، هبوط شعبية بايدن ل40%. وأفاد استطلاع أجرته شبكة CNN الأمريكية منتصف يوليو، بأن ما يقرب من 7 من كل 10 أميركيين يرون أن بايدن لم يُولِ اهتمامًا كافيًا للقضايا الأكثر إلحاحًا فى بلادهم؛ إذ اقتصرت نسبة تأييده فى الاستطلاع على 38%.
وفى نهاية الشهر ذاته، وجد استطلاع آخر لCNN أن 75% من الناخبين الديمقراطيين يطالبون الحزب الديموقراطى بترشيخ شخص آخر بديل عن بايدن فى الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وذلك رغم تأكيد البيت الأبيض أن وضع بايدن الصحى جيد وأنه سيخضع لفحص صحى كل عام.
تأتى تلك الاستطلاعات وسط القلق من الحالة الصحية للرئيس بايدن، المقبل على الثمانين عاما، وفى ظل استياء معظم الأمريكيين من الارتفاع القياسى لمعدل التضخم وزيادة أسعار الوقود والمواد الأساسية.
مرشحان قويان وفرص متأرجحة
ورغم الحملة الترويجية التى يسوقها مؤيدو ترامب فى وسائل الإعلام الأمريكى بأن « ترامب قادم» إلا أن المحلل السياسى الأمريكى، عاطف عبد الجواد، من واشنطن، أكد فى تصريحات خاصة ل« المصرى اليوم» أن فرص ترامب للمنافسة فى السباق الرئاسى الأمريكى 2024 تظل متأرجحة لسببين؛ أولهما أن هناك من الجمهوريين من سينافسه مثل نائبه السابق، مايك بنس، وحاكم ولاية فلوريدا ديسانتيس، والسبب الثانى أنه يواجه تحريات جنائية ومدنية عديدة وربما يُواجه عقوبة السجن.
ويؤكد «عبد الجواد» أنه إلى جانب ضعف وهبوط شعبية كل ترامب، فإن هناك انقساما واضحا فى الحزب الجمهورى على ترشح ترامب، إذ يطالب بعض الجمهورين بتجاوز عهد نفوذ ترامب والبدء فى مرحلة جديدة تعود بالحزب الجمهورى الى مبادئه التاريخية والتقليدية، عبر ترشيح وجوه جديدة من شأنها إزاحة ترامب من المشهد.
أما عن بايدن الذى لم يعلن عن ترشحه بعد فيؤكد عبدأن ظهور منافسين لبايدن لا يزال مرهونًا بقراره عدم الترشح لولاية ثانية، لكن قرار بايدن الترشح من عدمه لا يزال متأرجحًا؛ إذ يعتمد على نجاحه أو فشله فى التعامل مع المشاكل الاقتصادية من جانب وحالته الصحية من جانب آخر.
ويتابع المحلل السياسى الأمريكى بأن أقرب المرشحين الديموقراطيين المحتملين لخلافته حال اكتفى بولاية واحدة، نائبته، كمالا هاريس.
ويضيف، أنه رغم عدم وجود انقسام بين الديمقراطيين حال رشح بايدن نفسه إلا أن منافسيهم الجمهوريين سيسعون لإحداث انقسام بين الديمقراطيين باستخدام اتهامات محتملة ضد هنتر بايدن نجل الرئيس الذى يواجه تحريات مالية وضريبية. مختتمًا أننا أمام «مرشحين قويين، وفرص ضئيلة».
ويشار إلى وجود منافسين محتملين لبايدن وترامب؛ فرغم أن الرئيسين السابق والحالى لا يزالان المرشحان الأقوى إلا أن هناك شخوصًا قد تطل برسها لتزيحهما عن المشهد السياسى الأمريكى.
ربما لن يستفيد أحد من تنحى رئيس متقدم فى السن مثل بايدن أكثر من نائبته كامالا هاريس، تليها السكاندرا أوكسايو، المدعية العامة السابقة وعضوة مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، ثم حاكم ولاية كاليفونيا الذى لمعه نجمه مؤخرًا، غافن نيوسوم، ووزير النقل بيت بوتيجى، وبيرنى ساندرز، والناشطة الاشتراكية الديمقراطية ألكساندرا أوكسايو كورتى، والمصرفى والسياسى الأمريكى، فيل مورفى.
فى المقابل ينافس ترامب رون ديسانتس، حاكم ولاية فلوريدا، وأصغر أعضاء مجلس الشيوخ، أليسانتور تيد كروز، ووزير خارجية ترامب السابق، مايك بومبيو، ومحافظة ولاية كارولاينا الجنوبية، نيكى هالى.
سيناريوهات متعددة لانتخابات 2024
وحول السيناريوهات المطروحة فى الانتخابات التمهيدية، ومن ثم، الانتخابات الرئاسية 2024 أكد عبد الجواد أنه من الصعب، أو بالأحرى من المبكر التنبؤ بسيناريوهات مؤكدة والانتخابات الرئاسية التى تجرى فى نوفمبر 2024 وتسبقها الانتخابات التمهيدية بعام كامل، لكنه أشار إلى عدد من السيناريوهات المحتملة.
سيناريو بايدن وديسانتس
رجح المحلل الأمريكى أنه حال لم ينسحب بايدن من ترشيح نفسه، فإن السيناريو الأرجح أن يتنافس بايدن مع حاكم ولاية فلوريدا ديسانتيس الذى يتمتع بتأييد الجالية اللاتينية (المهاجرين من المكسيك وأمريكا الجنوبية) والذين يبلغ عددهم حوالى 35 مليون ناخبًا، مؤكدًا أنه حال نافس، ديسانتيس، بايدن فسوف تحسم الجولة بفوز بايدن فى النهاية، مستندًا إلى مجموعة قضايا من بينها حق الإجهاض للنساء تأييد السود الأمريكيين وحماية حقوق المسنين، لكن ذلك مرهونًا بنجاحه فى تخفيض الأسعار والتضخم، خلال العامين المقبلين.
من جهة أخرى أكد الدكتور، طارق فهمى، خبير العلاقات الدولية، أنه من المبكر أن نقول إن بايدن وترامب سيخوضان الانتخابات بصورة مباشرة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لا تزال فى المرحلة التأهيلية، التى تمر بالمقاطعات والولايات على المستوى الفيدرالى وصولا لما يعرف بالانتخابات الفيدرالية الأمريكية التى ترسم مسارات ومستقبل الانتخابات المباشرة.
لكنه أكد ضعف فرص ترامب لافتًا إلى أن ظاهرة ترامب مرتبطة بتيار شعبى فوضوى، وأن هناك شخصيات بارزة فى الحزب الجمهورى ستطرح نفسها بقوة أبرزها منافسه ديسانتيس.
سيناريو القيادات الوسطى
( كامالا هاريس–ديسانتس )
ولفت «فهمى» فى تصريحات خاصة للمصرى اليوم إلى أن الحزب الديمقراطى حال رشح جو بايدن، سيواجه تحديات متعلقة بسنه، وحالته الصحية، واتهامه بعدم التركيز على الملفات الداخلية من بينها التأمين الصحى، ونسب التضخم والإعاشة، كما أن الحزب الجمهورى أيضًا لن يعطى ترامب أولويات،.
ورجح فهمى سيناريو القيادات الوسطى لكلا الحزبين المتمثل فى كمالا هاريس- ديسانتيس.
سيناريو المرشحين المستقلين
وتابع فهمى بأن الأيام المقبلة، سيحكمها المشهد الداخلى الأمريكى الذى قد يشهد تحولات فارقة من شأنها رسم مشهد سياسى جديد لا سيما فى ظل الإصرار على تعويم دور القيادات الوسطى لصالح كل من بايدن وترامب، بالمخالفة للإرادة الشعبية، مرجحًا أن هنك ظاهرة ستكشف عن نفسها فى الفترة المقبلة حال استمر الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى التمسك ببايدن وترامب، وهى ظاهرة المرشجين المستقلين، مختتمًا بأننا لا نزال أمام سيناريو مفتوح ومتعدد الاحتمالات.