دورة متوقفة.. مستثمرون يكشفون تفاصيل أزمة إنتاج البيض

شهر كامل لم يدخل مزرعة حسن الشامي على طريق الشرقية الصحراوي أي منتجات أعلاف، ما أدى إلى الاستغناء عن اثنين من العمال، وتخفيض ثلث المرتب لآخرين في الوقت الذي يعدهم رغم كل ذلك بأمل العودة من جديد فور الإفراج عن منتجات الأعلاف المحجوزة في الجمارك بسبب قرار الاعتمادات المستندية.
حسن الشامي، ومن يعملون معه لا يعرفون تفصيلًا ماهية قرار الاعتمادات المستندية أو ماذا يعني ذلك، حسب ثروت الزيني نائب رئيس اتحاد الدواجن، إلا أن الأمر يؤثر على 3 مليون عامل في مجال إنتاج الدواجن في مصر، حيث ترفض البنوك دفع القيمة الدولارية بسبب قرار البنك المركزي ما أدى إلى إيقاف نحو مليون ونصف طن من الصويا والذرة في الجمارك منذ أكثر من شهر ومن ثم أثر ذلك على انخفاض الإنتاج إلى النصف تقريبًا.
تعطل المزارع
بحسب حسن الشامي، مالك لمزارع متخصصة في منتجات الدواجن، قال إنه اضطر لتخفيض 25% من إنتاجه من البيض، موضحًا أنه بعد إنتاج 40 ألف بيضة تقريبًا أصبح عليه إنتاج عدد أقل لا يمكن لمردوده المالي من تمكينه من دفع نفس المصروفات مع صرف مادي كبير على الكهرباء والمياه في منطقة صحراوية تتضاعف فيها التكلفة، وأدى به الأمر في النهاية إلى وقف عاملين عن العمل.
حسب الشامي فإنه يستلم الصويا والدرة من أحد شركات الاستيراد التي تقوم بدورها باستلام المنتجات من الخارج، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على هذه المنتجات والأعلاف على عنصر الاستيراد، فيما يبقى جزء قليل متعلق بالردة على سبيل المثال يكون في مصر، لكن لا تستطيع المزارع الحياة بلا صويا أو درة وهو ما يحدث الآن ما أدى إلى تضاءل الإنتاج بشكل كبير.
في أبريل من العام الجاري 2022، كشف تقرير حكومي صادر عن مركز المعلومات الصوتية والمرئية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي الزراعية، أن حجم إنتاج مصر من بيض المائدة سنويا 14 مليار بيضة، فيما يصل إجمالي حجم إنتاج القطاع التجاري من الدواجن في مصر حوالي 1.4 مليار طائر، بينما ينتج القطاع الريفي حوالي 320 مليون دجاجة، كما تنتج مصر حوالي 14 مليار من بيض المائدة.
ووفق التقرير «يبلغ حجم الاستثمارات في صناعة الدواجن بمصر حوالي 100 مليار جنيه، كما تستوعب صناعة الدواجن في مصر نحو 3 مليون عامل، حيث يبلغ إجمالي عدد المنشآت الداجنة حوالي 38 ألف منشأة تشمل: مزارع- مصانع أعلاف- مجازر- منافذ بيع أدوية بيطرية ولقاحات».
نحو 25% من المزارعين أغلقوا مزارعهم بالفعل، بحسب ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد الدواجن، فيما زاد سعر البيض بنحو 3 جنيهات مرة واحدة، وبعدما كنا أكثر دولة تنتج البيض تراجعنا، وتم كسر دورة الإنتاج لتتراجع بشكل واضح بعد حجر نحو مليون ونصف طن درة صفراء ونصف مليون طن صويا العنصرين الأهم لمزارع إنتاج الدواجن.
لا يختلف حال محمود حسن، صاحب مزارعة في الإسماعيلية عن ما جرى ل«الشامي»، فبداية يؤكد أن إنتاجه انخفض إلى الربع، فمن 14 ألف بيضة يوميًا وصل به الحال إلى 4 آلاف فقط خلال الفترة الشهر الأخير، ما بين 3 مزارع يمتلكها خفض إنتاجه بدلا من تسريح العمالة في المزارع الثلاث ورغم ذلك قد يضطر إلى البدء في بيع الفراخ أو ذبحها في المقابل خوفًا من الخسارة.
هذا ما يلجأ إليه كثير من أصحاب المزارع، بحسب ثروت الزيني، المسؤول في اتحاد الدواجن، فنحو 45 ألف مزرعة في مصر تقريبًا عندما يتجهون للبيع المفاجئ سيؤدي إلى انخفاض في أسعار لحوم الدواجن الفترة الأولى إلا أنه فيما بعد سيكون هناك أزمة كبرى ستنتج عنها زيادة كبيرة في أسعار لحوم الدواجن والبيض.
ما قيمة الاستيراد المصري للأعلاف؟
حسب تصريحات سابقة، فأكدت الدكتورة منى محرز، نائبة وزير الزراعة السابقة، أن مصر تستورد 95% من أعلاف الثروة الداجنة خلال تصريحات إعلامية أدلت بها وهو الأمر الذي أثار ردود أفعال لدى المزارعين.
وحسب أرقام رسمية، تملك مصر حوالي 2 مليون فدان لزراعة «القطن والذرة الصفراء» أما الآن أصبحت 350 ألف فدان فقط ومحصول الأرز أيضًا كنا نزرع ما يقرب من مليون و76 ألف فدان أصبحنا نزرع 700 ألف فدان فقط، مؤكدًا أن هذه المحاصيل من أهم مكونات الأعلاف وتقليص مساحة الأراضى أثر عليها.
كانت الشركات تتعامل بمستندات التحصيل والتي يكون التعامل فيها بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، ويكون البنك وسيطًا في هذه العملية، أما التعامل بالاعتمادات المستندية يعني أن التعامل سيكون بين البنك المستورد والبنك المصدر.
وتعني الاعتمادات البنكية أن يقوم المستورد بدفع ثمن البضاعة بالكامل، على أن يكون البنك طرفا ثالثا في إجراءات العملية الاستيرادية، ولكن تذبذب سعر الدولار أدى إلى وجود تأخيرات لدى المستوردين، وبالتالي: «حدوث ربكة في السوق والتأثير على الأسعار».
دورة إنتاج مكسورة
ويعتبر محمود حسن، صاحب المزرعة، أنه حتى يتمكن من العودة لنفس كمية الإنتاج من جديد فإن ذلك لا يرتبط بالإفراج عن الكميات المحجوزة في الجمارك والموقوفة بسبب رفض البنوك استبدال القيمة بالدولار بدلا من الجنيه المصري الذي دفعه المستوردين بالفعل نتيجة نقص الدولار، حيث يتطلب الأمر 3 شهور في المقابل.