الاتفاق النووي الإيراني بين الشد والجذب مع ترقب انتخابات الكونجرس وإسرائيل (تقرير)

على الرغم من المساعى الأوروبية والإيرانية لإعادة إحياء الاتفاق النووى، في ظل عهد إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، مقارنة بتعطيله وإيقافه في عهد سلفه الرئيس دونالد ترامب، إلا أن هناك مساعى مضادة من قبل إسرائيل، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى يائير لابيد، إن تل أبيب تمكنت من تعطيل إحياء الاتفاق النووى مع إيران .
كان لابيد أعلن قبل أيام أن إسرائيل تدير حملة سياسية «ناجحة» لوقف الاتفاق النووى مع إيران للحيلولة دون رفع العقوبات الاقتصادية عنها، مشيرا إلى أن «الأمر لم ينته بعد، مضيفا أنه طريق طويل، لكن هناك علامات مشجعة».
ومنذ شهور، يتفاوض دبلوماسيون من إيران وواشنطن و5 دول أخرى في العاصمة النمساوية فيينا، بشأن صفقة إعادة القيود على برنامج طهران النووى مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي أعاد فرضها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بعد انسحاب بلاده من الاتفاق في مايو 2018.
وفى سياق متصل، انتقد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كماوندي، استناد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وثائق وصفها بالملفقة قدمتها إسرائيل للوكالة لأغراض سياسية محددة، مشددا على أن الأحكام التي تصدرها الوكالة لا تتوافق مع مبدأ الحيادية والمهنية. هذا وكانت طهران قد دعت الأوروبيين لاتباع مسار بنّاء بخصوص الاتفاق النووى وتجاوز الأخطاء السابقة.
وفى إطار التوتر الدائر بين إيران وإسرائيل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن قراصنة إيرانيين أعلنوا أنهم استولوا على بيانات ملايين الإسرائيليين بمن فيهم رئيس الوزراء الحالى يائير لابيد، والسابق بنيامين نتنياهو، وأضافت أنهم عطلوا أيضا موقع هيئة البث الإسرائيلية «كان». وقال موقع «واللا» العبرى إن «مجموعة الهاكرز war_dark الإيرانية قالت إنها تمكنت من اختراق قاعدة بيانات تحتوى على حوالى 9.5 ملايين سجل لسكان إسرائيليين، بمن في ذلك يائير لابيد وبنيامين نتنياهو».
وأضاف: «أفرج القراصنة عن معلومات جزئية عن 8300 سجل، والتى تشمل، من بين أمور أخرى، الاسم وبطاقة الهوية وتاريخ الميلاد وحقوق التصويت»، أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فذكرت أن المجموعة تدعى أنها تمكنت من إسقاط الموقع الإلكترونى لهيئة الإذاعة العامة «قناة كان» وتعذر الدخول إلى موقع القناة الإسرائيلية، ما يمكن أن يؤكد صحة الأنباء عن إسقاطها بهجوم إلكترونى.
وكانت قناة «كان» قالت إن الحرس الثورى الإيرانى يقف وراء هجمات إلكترونية تشهدها هيئات ومؤسسات إسرائيلية حكومية وخاصة، بما في ذلك مجموعة الهاكرز المعروفة باسم «بلاك شادو»، والتي سربت العديد من الملفات والتفاصيل الشخصية للإسرائيليين«.
من جانبها نقلت وكالة أنباء فارس، بأن إيران بعد أن سدت كل طرق التلاعب والمناورات أمام الأمريكيين والغربيين الذين مارسوا شتى الأساليب خلال المفاوضات التي انطلقت في ديسمبر الماضى في فيينا لانتزاع التنازلات من إيران والعودة إلى الالتزام بالاتفاق النووى من دون إلغاء كامل للحظر ومن دون الانتفاع الاقتصادى للشعب الإيرانى من الاتفاق النووى بالإضافة إلى السعى لفتح ملفات خارج نطاق الاتفاق النووى على طاولة البحث كالقدرات الدفاعية الإيرانية ونفوذها الإقليمى وغيرها، كان من الطبيعى أن يؤدى عدم استجابة الأمريكيين والغربيين لمتطلبات الاتفاق إلى تعطيل أو تأخير العودة إليه.
وأضافت أن الممارسات الملتوية الأميركية والغربية خلال جولات مفاوضات فيينا وامتداداتها بلغت حدا قال فيها بعض المحللين الإيرانيين بأنها باتت تشبه «الشعوذة» بدلا من التفاوض، وبأعصاب باردة قام الإيرانيون بفقع بالونات هؤلاء واحدا بعد آخر، وتساءلت إذا كان الصهاينة يدعون بأن مساعيهم هي التي عرقلت التوصل لاتفاق، فلماذا كان الصهاينة يصرخون بأعلى أصواتهم خوفا عندما كان الأمريكيون قريبين من التوقيع على الاتفاق غير مكترثين بالصهاينة؟ وقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية في حينها مقالا تحت عنوان«في إسرائيل» يتخوفون من الاتفاق النووى وأميركا خدعتنا !!!«، وتابعت: «رئيس الوزراء الإسرائيلى لابيد يقفز فرحا ليسجل عرقلة الاتفاق باسمه على أعتاب الانتخابات العامة في إسرائيل».
وأضافت الوكالة: «يجب أن يعلموا بأن الزوبعة الغربية هذه هي (زوبعة في فنجان) ليس إلا، فوزير الخارجية الأمريكي بلينكن يصف الحالة الراهنة، أن إيران رجعت خطوة إلى الوراء بشأن الاتفاق وفي العرف الدبلوماسى هذا يعني أننا بحاجة إلى مزيد من التفاوض، ولا سبيل أمام الغرب سوى الاتفاق مع إيران، فهم يدركون ماذا فعلت إيران بهم عبر تطوير برنامجها النووي وزيادة التخصيب، وأن الرقصة العرجاء للصهاينة هي مضحكة ولن تكتمل».
من جانبها، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة بايدن لم تتخذ أي قرار بتعليق الجهود للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن الملف النووي، وأن إنشغال إدارة بايدن بالقضايا الداخلية لم يترك سوى القليل من الوقت للتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران، وزعم هؤلاء المسؤولون أن الولايات المتحدة وأوروبا ليستا متفائلتين بالتوصل إلى إحياء الاتفاق النووي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وفقا لما نقلت «دوتشفيله»، خاصة بعد أن طرح «جوزيب بوريل»، رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اقتراحًا على طاولة المفاوضات لرفع الحظر عن إيران، وبعد ذلك استضافت مدينة فيينا مجددًا محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، عبر الوسيط الأوروبي «إنريكي مورا». وتم عرض مبادرات نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي على الأطراف بشأن بعض القضايا المتبقية في هذه الجولة من المفاوضات، وتقرر أن يعلنوا إجاباتهم للمنسق وتم تقديم رد إيران إلى أوروبا، لكن الولايات المتحدة تأخرت في الرد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية «ناصر كنعانى» بعد عدة أيام إنه تلقى رد الحكومة الأمريكية على آراء بلاده لحل القضايا المتبقية في مفاوضات رفع الحظر، وأبلغ من خلال المنسق الأوروبى للمحادثات بأنه تم البدء بدراسة تفصيلية لآراء الجانب الأمريكى وأن إيران ستعلن رأيها في هذا الشأن للمنسق بعد إتمام دراستها. وبعد عدة أيام تم تجميع ردود إيران وتسليمها إلى مورا بعد التقييم على مستويات مختلفة. وصرح ناصر كنعانى: إن طهران نقلت وجهات نظرها ونقاطها للجانب الأوروبى وننتظر سماع رأى الجانب الآخر ورده.
وبعد عام ونصف على المناقشات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووى المبرم في العام 2015 والذى انسحبت منه الولايات المتحدة في العام 2018، أبدت برلين ولندن وباريس «شكوكًا جدية» حيال نية طهران في إحياء الاتفاق. واتهمت الدول الأوروبية الثلاث طهران في بيان ب«مواصلة التصعيد في برنامجها النووى بشكل يتجاوز أي مبرر مدنى معقول»، فيما اعتبرت إيران التي تؤكد أن برنامجها النووى مدنى بحت، أنّ هذا الإعلان الأوروبى «غير بنّاء»، في الوقت الذي رحّب به رئيس الوزراء الإسرائيلى الذي تعارض بلاده إحياء الاتفاق.
وفى الوقت الذي قال فيه المستشار الألمانى شولتس، بأنه على اتفاق مع إسرائيل بشأن ضرورة منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، فإن طهران طلبت مجدّدًا إغلاق تحقيق تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن آثار يورانيوم مخصّب عُثر عليها في 3 مواقع غير معلنة، الأمر الذي يرفضه مدير الوكالة رافاييل جروسى. وأثار الطلب الذي تقدّمت به إيران «شكوكًا جدّية» لدى برلين ولندن وباريس بشأن رغبة طهران الحقيقية في إحياء الاتفاق النووى.
وقالت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية السفير ناصر كنعانى إنها مستعدة لمواصلة «تعاونها البناء مع الوكالة باعتباره التزاما، وبينما هناك التزامات على إيران، فإن لها حقوقا أيضا»، لكنها حثت الوكالة على «عدم الإذعان لضغوط إسرائيل».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن بلاده لم تتلق أي طلب لتأجيل المفاوضات إلى ما بعد انتخابات الكونجرس الأمريكي، كما دعا «الشركاء الأوروبيين لاتباع مسار بناء وتجاوز الأخطاء السابقة والعمل للتوصل إلى اتفاق»، وفق تعبيره، وفيما يتعلق بتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أشار المتحدث إلى أن بلاده مستعدة لمواصلة التعاون مع المنظمة التابعة للأمم المتحدة، داعيا إياها إلى «عدم الإذعان لضغوط إسرائيل».