فى شتاء عام 1921 – 1920 وضعت روزينا فوربس خطة للقيام بعبور الصحراء الليبية على ظهر جمل بحثا عن واحة الكُفرة التى كانت تقع ضمن حدود السيد إدريس السنوسى (الذى أصبح فيما بعد الملك إدريس السنوسي)، وحتى ذلك الوقت كان جرهارد رولفز، هو الأوروبى الوحيد الذى زار واحة الكُفرة؛ كان ذلك فى عام 1879. تنكرت روزينا فوربس فى زى مسلمة، وأطلقت على نفسها اسم خديجة، لكن لغتها العربية لم تكن بجودة لغة الليدى آن بلنت، صاحبة كتاب «الحج إلى نجد»، وأحست روزيتا فوربس أنها مضطرة إلى الادعاء بأن أمها شركسية الأمر الذى يبرر عيوبها اللغوية. سافرت روزيتا فوربس بصحبة أحمد حسنين باشا، الذى كانت معارفه وخبرته أمرا حيويا فى نجاح هذه المغامرة. كان حسنين باشا سياسيا ورحالة ورياضيا مصريا، شغل منصب رئيس الديوان الملكى فى عهد الملك «فاروق». وكان محبًا للمغامرة والتجربة، حيث أراد أن يكون فى شبابه طيارا فقاد بنفسه طائرة من إنجلترا إلى إيطاليا، وحاول الطيران إلى مصر ولكنه لم ينجح. كذلك شُغف بالصحراء واستكشافها والارتحال إليها، فقام بالسفر فى بعثتين استكشافيتين لصحارى ليبيا جمع فيهما العديد من الملاحظات العلمية عن طبائع وعادات القبائل والبدو الذين يسكنون تلك الصحراء. كما قام بجمع بعض العينات الصخرية من أجل دراسة تلك الصحراء جيولوجيًّا. وكان له الفضل فى اكتشاف بعض الواحات الصحراوية بمصر كواحتى أركينو والعوينات، وألف عنها كتابًا بالإنجليزية سماه: «الواحات المفقودة». وجدير بالذكر أن بعثة استكشاف الكفرة كانت بمنزلة الفتح الجغرافى، وتم التعامل مع كتب فوربس ورحلاتها بتقدير تام حيث نوقشت فى مجلات الجمعية الجغرافية الملكية وجمعيات آسيا الوسطى. وكانت رحلتهما التى قاما بها إلى الكُفرة بواسطة الإبل شاقة وخطرة فى بعض الأحيان، سلكا خلالها طريقا جديدا، وفى عام 1921، وثقت رحلتها فى كتابها الشهير «سر الصحراء العربية»، وقد ترجمه إلى العربية صبرى محمد حسن تحت عنوان «سر الصحراء الكبرى: الكُفرة»، وصدر عن المركز القومى للترجمة فى القاهرة عام 2013، وراجعه يوسف فايد. والرواية التى أوردتها روزيتا فوربس عن الرحلة فى كتابها تدل على صدق مزاعم هذه السيدة بأنها مستكشفة جلدة. ينقسم الكتاب إلى خمسة عشر فصلاً، إضافة إلى خريطة وأربعة ملاحق. أوردت المؤلفة الفصل الأول تحت عنوان: «الإقدام على المغامرة الكبرى»، وخصصت الفصل الثانى لما سمته «ترتيبات الهروب»، لكن «الهروب من إجدابيا» كان عنوان الفصل الثالث. وأوردت المؤلفة الفصل الرابع تحت عنوان «عبر الصحراء بصحبة شيب»، «نجاحنا فى الوصول إلى جالو» هو عنوان الفصل الخامس. وأعطت المؤلفة الفصل السادس عنوانا هو «عيد الميلاد فى الصحراء»، «مرشد زائف فى طريق خال من الماء» هو عنوان الفصل السابع، أما «البحيرة التى فى الصحراء» فهو عنوان الفصل الثامن. وأعطت المؤلفة الفصل التاسع عنوانا هو «الخيانة فى هوارى»، «الولائم فى المكان المقدس» هو عنوان الفصل العاشر، وأفردت المؤلفة الفصل الحادى عشر ل«مدائن الكُفرة». وأوردت المؤلفة الفصل الثانى عشر تحت عنوان «الهرب من تاج»، «خلال الجبال» هو عنوان الفصل الثالث عشر، ويتناول الفصل الرابع عشر «الكثبان الرملية الخادعة» والفصل الخامس عشر هو «نهاية الرحلة». تنهى المؤلفة فصول الكتاب بخريطة توضح خط سير الرحلة، وتتبع هذه الخريطة بأربعة ملاحق هى بحد ذاتها وثائق مهمة من الناحية التاريخية، أول هذه الملاحق يتناول المذهب السنوسى، وكيف نشأ، وكيف حاد عن أهدافه وتحول إلى أهداف أخرى؛ وتورد المؤلفة ذلك كله مدعوما بالوثائق. وفى الملحق رقم 2 تورد المؤلفة نص رسالتى الترحيب اللتين صدرتا فى كل من بسيمة وتاج ترحيبًا بمقدم روزيتا فوربس. وفى الملحق تورد المؤلفة ترجمة لمخطوط الرسالة التى وجهها سيدى بن على السنوسى مؤسس المذهب السنوسى إلى أهل واجنجا ودارفور فى السودان. والكتاب تأليف، جوان روزيتا فوربس، رحالة وكاتبة، ولدت فى السادس عشر من شهر يناير 1893 تربت ونشأت فى لينكون، وتزوجت وترحلت مع زوجها إلى الهند، والصين واستراليا، وجنوب إفريقيا، قامت روزيتا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بجولة حول العالم؛ انتهت فى شمال إفريقيا، الذى يعد أول ملتقى لروزيتا بالعالم العربى. عاشت هذه السيدة مع الشخصيات المحلية وخالطتها وكانت تتردد على الأسواق الشرقية وتصادق العرب والأفغان والهنود، والتقت ببعض الشخصيات البارزة فى كل من القاهرة، ودمشق، وبيروت، واكتسبت اهتماما بالعرب دام معها بقية حياتها. والكتاب ترجمة وتقديم، صبري محمد حسن، أستاذ اللغويات غير المتفرغ، له أكثر من عشرين بحثا ومقالا نشرت فى المجالات والصحف العربية المحلية والدولية، وله أيضًا العديد من الكتب مترجمة إلى العربية ومراجعة أ. د. يوسف عبدالمجيد فايد، أستاذ غير متفرغ بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم الجغرافيا، من أهم ترجماته: جغرافية المناخ والنبات، جغرافية المحيطات، جغرافية الأمريكتين. رئيس قسم ج بمعهد البحوث والدراسات العربية، عضو مجلس إدارة الجمعية الجغرافية، عضو لجنة الجغرافيا بالمجلس الأعلى للثقافة.