مجلس النواب يوافق على مشروع قانون الإجراءات الجنائية نهائيا    مجلس النواب يوافق على قبول استقالة النائب عبد الهادى القصبى    «عبد اللطيف» يبحث مع وفد «جايكا» تعزيز التعاون في تطوير المدارس المصرية اليابانية    الذهب يسجل مستويات قياسية جديدة وسط توقعات بخفض الفائدة    10 معلومات عن برنامج الحكومة لدعم الأنشطة الإنتاجية بتمويل 90 مليار جنيه    ترفض فتح معبر رفح ودخول المساعدات…دولة الاحتلال تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار    آس: قلق في ريال مدريد بشأن جاهزية هاوسن قبل الكلاسيكو    اسكواش - كريم عبد الجواد يتوج بلقب سيليكون فالي    «الداخلية»: ضبط (308) قضية مخدرات وتنفيذ (61) ألف حكم قضائي    الضابط الذى استشهد واقفًا.. قصة حازم مشعل شهيد الواجب بوادى النطرون    الحكومة: الانتهاء من كل الاستعدادات لافتتاح المتحف المصرى الكبير خلال أيام    عمرو الورداني: مصر قادرة على إطفاء نيران الفتن وصناعة السلام بشرف وعدالة    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبني سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    اتحاد طلاب جامعة أسيوط يكرم الدكتور أحمد المنشاوي تقديرًا لجهوده    «سيدات يد الأهلي» يواجه «فلاورز البنيني» بربع نهائي بطولة إفريقيا    انطلاق منافسات ثمن نهائي بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة    سفيرة الاتحاد الأوروبي: توفير المياه يصنع فارقًا حقيقيًا في دعم جهود الدولة المصرية    الأنصاري يشدد على سرعة الرد على الشكاوى الحكومية لتخفيف الأعباء عن المواطنين    القبض على السائق والكمسري المتورطان في واقعة سقوط مسن من أتوبيس بالدقهلية    ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل التعليم بأسيوط لمديري الإدارات: انزلوا المدارس وتابعوا الانضباط بنفسكم    كيف تصنع تريند في خمس دقائق؟!    اكتشاف كبسولة رصاصية نادرة تحتوي على عملات تاريخية في الإسكندرية    إصابة معتصم النهار خلال تصوير فيلم "نصيب" بالغردقة    رئيس وزراء فلسطين: للسلطة الحق بإدارة غزة ضمن إطار سيادة دولة مستقلة    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    المؤبد لفران وصاحب مغسلة بتهمة حيازة وترويج المخدرات بالقليوبية    السيطرة على حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم دون إصابات    سعد شلبي يكشف كواليس استعدادات الأهلي للانتخابات    حقيقة رغبة توروب في رحيل بعض لاعبي الأهلي    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    وزير العمل: المشروعات العملاقة في مصر أدت إلى تراجع البطالة من 13% في 2014 إلى 6.1 % الآن    مهرجان البحر الأحمر يكشف قائمة الأفلام القصيرة الدولية المشاركة في دورته الخامسة    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    الهلال الأحمر المصري يدفع ب10 آلاف طن مساعدات إغاثية عبر قافلة «زاد العزة»    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    حصاد زيارة الشرع لروسيا.. ومصير الأسد في يد بوتين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 16اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    حلقات ذكر ومديح وانشاد في الليلة الختامية لمولد "السيد البدوي" بمدينة طنطا    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    سياسي ألماني: نزع سلاح حماس شرط أساسي لتحقيق السلام في غزة    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    شبكة بريطانية تحذر منتخبات كأس العالم 2026 من ثنائية محمد صلاح ومرموش    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    مشكلة الميراث    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تنجح روسيا والصين في صياغة اقتصاد عالمي غير قائم على هيمنة أمريكا ؟ (تقرير)
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 07 - 2022

تشهد الساحة العالمية حربًا باردة-على مستوى التصريحات والسياسات الاقتصادية- بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وحلفائه من جانب؛ ونظيره الأمريكي، جو بايدن ومعه قادة الغرب من جانب آخر، ورغم أن التراشق قد يكون بديلا عن حرب عالمية ثالثة؛ يحاذر الطرفان الانزلاق إليها، نظرًا للظرف الاقتصادي العالمي والتصاعد المضطرد للتضخم، إلا أن بعض المحللين يؤكدون أن الحرب الروسية الأوكرانية ما هي إلا ستارًا لمعركة تدور رحاها منذ فترة طويلة من أجل إعادة تشكيل العالم اقتصاديا وسياسيا بما يتفق وموازين القوى الجديدة وصعود الصين وآسيا بصفة عامة.
و في خضم الحرب الروسية الأوكرانية التي أتمت شهرها الرابع والتي أكد حلف شمالي الأطلسي «الناتو» أنها طويلة الأمد و«قد تستمر لسنوات» تقاطعت ملفات الغاز والطاقة مع العملية العسكرية في أوكرانيا، وكثر الحديث عن الأضرار الاقتصادية المؤلمة التي باتت تؤرق الغرب نتيجة للعقوبات على موسكو، والتي رفعت من نسب التضخم المستعر بالفعل في عدد من الدول الغربية.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «زمن أحادية الجانب قد انتهىلافتًا إلى أن بلدان مجموعة «بريكس» تستعد لإنشاء عملة موحدة كوسيلة للدفع في التسويات الدولية،» لمواجهة «أنانية الغرب» ما يراه بعض المحللين خطوة نحو تغيير النظام الاقتصادي العالمي القائم على هيمنة وانفراد الدولار الأمريكي على اقتصادات العالم.
فإلى أين يتجه العالم اقتصاديا وهل يمكن لدول تجمع «البريكس» الذي يضم عمالقة كالصين والهند وروسيا أن يناوىء أو يغير العالم الأحادى الذي سيطرت عليه أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى؟ وأين يقع ميدان المعركة الرئيسية…هل هو في ساحة الدولار ومحاولات ازاحته عن عرشه أم في التكنولوجيا والسبق فيها أم في القوة العسكرية والأساطيل البحرية؟وأيضًا أين تقف مصر والمنطقة العربية من هذا النزاع؟
توقعت دراسة لمؤسسة «بروجنوز» السويسرية للبحوث والاستشارات لصالح «رابطة الاقتصاد البافاري VBW انتهاء الهيمنة الاقتصادية الأمريكية والغربية لافتة إلى أن نهاية العولمة التي عرفناها منذ انهيار المعسكر الشيوعي السابق قبل ثلاثة عقود أضحت على الأبواب، وأن تفرد الدولار الأمريكي بالهيمنة على الاقتصاد العالمي، بات على المحك..
رجحت الدراسة أنه سيتم إعادة تقسيم العالم اقتصاديًا بحلول 2040 ليصبح متعدد الأقطاب أو على الأقل ثنائي القطب بين كتلتين واحدة بزعامة الولايات المتحدة وحلفاؤها والأخرى تحت زعامة الصين وحلفائها كروسيا بمؤشرات استفراد الاقتصاد الصيني بالاستمرار في تحقيق النمو في وقت يتراجع فيه هذا النمو في جميع البلدان الصناعية الأخرى تقريبًا بمعدلات تتراوح بين 3 إلى أكثر من 7 بالمائة.
«مرحلة انتقالية»
في هذا السياق أكد الدكتور، عبدالخالق جودة، الخبير الاقتصادي، ووزير التموين الأسبق، تصريحاته ل«المصري اليوم» أن الاقتصاد العالمي يشهد «مرحلة انتقالية» ما يعني أننا بصدد نظام قائم يتداعى ونظام جديد في طور التشكُل.
لكن الوزير الأسبق أشار إلى أن الحديث عن تغيير النظام الاقتصادي العالمي«عملية معقدة» لا يمكن التنبؤ بموعدها؛ فالانتقال من نظام لآخر يستلزم ضربة قاصمة للنظام القائم وعملته؛ فكما برزت الولايات المتحدة في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية لتصبح سيدة العالم ويصبح الدولار سيد العملات الدولية كسأس لنظام النقل الدولي بموجب اتفاقية «بريتون وودز» المبرمة عام 1944 يحتاج الانتقال إلى نظام متعدد الأقطاب إلى ضربة قاصمة للدولار الأمريكي.
ويتابع عبدالخالق ل«المصري اليوم»: «السؤال هنا هل تلقى الاقتصاد العالمي المرتكز على أمريكا وعملتها الدولار ضربة عنيفة تستوجب تحولًا في النظام الاقتصادي العالمي، الإجابة ليس بعد. لكن المؤكد هو تراجع القوة الأمريكية؛ فعسكريًا أدى استمرار أمريكا في عدوانها والحروب التي خاضتها في وجهات متعددة كفياتنام والعراق وأفغانستان وإنشائها 800 قاعدة عسكرية حول االعالم إلى استنزاف جزء من قوتها، واقتصاديًا تلقى الدولار ضربات متلاحقة تمثلت في ابرام اتفاقيات ضخمة بين دول البريكس لتسوية المدفوعات بينهم بالعملات الوطنية، بديلا عن الدولار؟ وعجز الفيدرالى الامريكى عن الاستمرار في لعبة طبع الدولار كالمعتاد واصطراره إلى تقليل السيولة بالأسواق ورفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الذي قفز فوق 8.5 % ولأول مرة منذ أربعين عاما؛ كما أن الميزان الاقتصادي بدأ يتحول في غير صالح أمريكا بدليل تراجع نسبة الانتاج المحلي الأمريكي من إجمالي الناتج العالمي ل17% بالمقارنة بأعلى من 25 % في أعقاب 1944، وذلك إلى جانب صعود الصين التي تؤكد الدراسات أنها ستتجاوز الولايات المتحدة قبل 2030 بمعيار نسبة ناتجها المحلي من الناتج العالمي، كما أن مؤشر نصيب الصين في التجارة العالمية الذي يتراوح بين 17% و18% يزيد عن نصيب الولايات المتحدة والذي يبلغ نحو 15%. ويضيف الوزير السابق في تصريحاته ل«المصر اليوم» أن تراجع القوة الأمريكية قد يفتح المجال لتحل محلها أخرى.»
ويعود مركز الدولار الأمريكي إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ عقدت الولايات المتحدة الأمريكية في يوليو عام 1944 ما اسمته ب«مؤتمر النقد الدولي«والذي اعقبه توقيع 44 دولة على اتفاقية «بريتون وودز» لاعتماد الدولار كعملة ارتكاز دولية، معتبرين أن ذلك يستهدف» استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية، لكن ذلك أدى مع مرور الوقت إلى اغتيال عملات اقتصادات أخرى كان لها دور في التسويات قبل النظام الجديد وأصاب العديد من الدول النامية، التي تقع تحت مطرقة الديون وخدمتها بإوجاع مالية ونقدية واقتصادية قاسية ولا تزال تعانى فمع كل تضخم ورفع لأسعار الفائدة ترتفع كلفة عبء سداد الأقساط والفوائد على دول عاجزة أصلا عن أن تسدد بالأسعار السابقة.
هل نتجه نحو عالم متعدد الأقطاب ؟
في السياق ذاته قال ناصر زهير، رئيس وحدة العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي بمركز جنيف للدراسات، في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم» أن العالم قد يتجه نحو عالم متعدد الأقطاب موضحًا «روسيا والصين لا تستطيعان ا خلق نظام عالمي غير قائم على أمريكا والدولار لكنهما يمكنها بمساعدة مجموعة «بريكس» التحول نحو نظام اقتصادي عالمي جديد ثنائي القطب أو متعدد الأقطاب بمعنى أنه سيكون هناك روسيا والصين مع بعض دول بريكس والدول التي لا ترغب في انفراد الولايات المتحدة بالاقتصاد العالمي، من جانب وأمريكا وداعميها في الغرب من جانب أخر».
وأضاف زهير أن عدم الاعتماد على الدولار كعملة دولية يحتاج المزيد من الوقت ويحتاج إلى استراتيجيات اقتصادية جديدة: كونه لا يوجد بديل قوى له في الوقت الراهن«.
سعي لإنهاء اغتيال العملات المحلية لصالح الدولار
ومؤخرًا بدأت روسيا والصين في تنفيذ سياسة التخلي عن الدولار لصالح عملتيهما المحللية وعملات أخرى، من جهة أخرى تتبع روسيا بعض الاستراتيجيات الاقتصادية الجديدة كالدفع تنويع التحالفات مع عدد من البلدان العربية، كما شهدنا مع مصر والمملكة والانفتاح على إفريقيا وواعتماد الروبل عملة رسمية لتصدير الغاز الروسي، ويقول «زهير» أن هذه الاستراتيجيات ليست كافية موضحًا :«تؤكد الدراسات أن إفريقيا باتت ساحة حرب قادمة بالنسبة للكيانات السياسية والاقتصادية الكبري كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وأيضًا بعض الاقتصادات النامية في المنطقة العربية؛ لذا على روسيا ألا تعتمد فقط على الدعم والتعاون السكري لإفريقيا؛ بل تنفتح على مزيد من الاستراتيجيات في مجال الطاقة وبناء سياسات اقتصادية متعددة الوجهات، ،أيضًا فانه في حال توقف إمداد الغاز الروسي إلى أوروبا سيقود ذلك إلى ضغف الروبل مجددًا».
مختتمًا :««يجب أن تنتهي سياسة إنهاء واغتيال العملات المحلية لصالح الدولار لأن ذلك يهدم الاقتصادات الوطنية للعديد من البلدان ولن يتم ذلك أو يجب إلا يتم ذلك إلا عبر توافق يحقق عدالة التبادلات الدولية وسهولة التجارة والاستثمار»
روسيا والصين.. عقود من المحاولات
وهنا يشار إلى أنه منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي اتجه العالم نحو النظام «أحادي القطب»؛ وأساسه من الناحية الاقتصادية تحرير التجارة وتحرير سعر الصرف والخصخصة ما دعم واشنطن بالتفرد كقوة مهيمنة على العالم، وبالتالي عدم تكافؤ دول شمال العالم وجنوبه على الصعيدين الاقتصادي والسياسي- ومنذ ذلك الحين تجمع روسيا والصين كقوى ناشئة-علاقة وطيدة، في محاولة لإعادة التوازن للنظام الاقتصادي العالمي وجعله متعدد الأقطاب.
وفي العقود الثلاثة الماضية تنامت الروابط بين موسكو وبكين، عملت الحليفتان الاستراتيجيتان على تدشين تكتل «بريكس» للاقتصادات الناشئة، الذي بدأ ب4 بلدان عام 2006 هي الصين وروسيا والهند والبرازيل قبل أن تنضم جنوب أفريقيا في العام 2011
«بريكس».. قوة اقتصادية تهدد مبدأ التفرد وابتلاع الدولار للعملات
وحسب ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف فإن تكتل تكتُّل «بريكس» Brics للأسواق الناشئة، لم يلق ترحيبًا من بعض التكتلات الكبرى- مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – بل تسعى الولايات المتحدة لعرقلة أي محاولات لتقاسم النفوذ الدولي، بما في ذلك التمثيل في المؤسسات الدولية مثل الصندوق الدولي والبنك الدولي، حيث يتعارض ذلك مع استراتيجيتها ومصالحها في العالم.
واضاف لافروف في تصريحات سابقة أن «بريكس» تعد إحدى الركائز الأساسية لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، يلعب دورا هاما في تحقيق الاستقرار الدولي، مشيرا إلى أن حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول «بريكس» يشكل نحو ثلث الاقتصاد العالمي وفقا لمؤشر تعادل القوة الشرائية.
ولفت الوزير الروسي إلى أن دول «بريكس» تعمل على رصد احتياطي مالي لدول المجموعة بقيمة 100 مليار دولار، ليكون صمام أمان للدول الخمس في الأزمات، حيث أصبحت دول المجموعة مركزا لجذب العديد من الاستثمارات من الاقتصادات الناشئة. لكن هل تتفوق دول بريكس على السبع الصناعية الكبرى ؟
ووفقا لبيانات صندوق النقد الدولي فإن حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول «بريكس»، وفقا لتعادل القوة الشرائية يبلغ 44.1 تريليون دولار، فيما يبلغ حجم اقتصادات دول مجموعة السبع الكبرى 40.7 تريليون ما يعني أن دول بريكس تتفوق على السبع الكبرى الصناعية حال وضعت استراتيجية اقتصادية موحدة.
يذهب المحلل الاقتصادي المصري، رشاد عبده في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم» إن كتلة «بريكس» تحمل ثقلا عالميا باعتبارها «مناصرة للتعددية ومعارضة للحمائية»، مرجحًا أن الحرب الروسية الأوكرانية ما هي إلا ستارًا تخفي ورائه أمريكا السبب الأساسي لمناطحة روسيا وكذلك الصين، التي باتتا معًا تهددان هيمنتها على النظام العالمي؛ معتبرًا أن تسعى أمريكا لتكسير أجنحة موسكو وبكين لتحتفظ بمكانتها ك«قوة مُهيمنة»
دول «بريكس» يمكنها تهديد مكانة الدولار
وبسؤاله حول «العملة الموحدة لبلدان بريكس» والتي تحدث عنها الرئيس الروسي أ فلاديمير بوتين في ختام فعاليات الدورة ال14 ل«بريكس»وما مدى تأثيرها على هيمنة الدولار الأمريكي على النظام الاقتصادي العالمي، أكد رشاد عبده أن دول بريكس الذين يشكلون قرابة نصف سكان العالم، ويمتلكون ثلث الناتج المحلي العالمي، يمكنهم تهديد مكانة الدولار، حال نُفذوا ذلك باستراتيجية بعيدة المدى، لا سيما في ظل رغبة بعض الدول للانضمام لبريكس، ومن بينهم بعض البلدان العربية على رأسها مصر.
متابعًا أن :«أمريكا تصورت في البداية أن العقوبات الاقتصادية على روسيا الذي ستوقعها في فخ وتكسر أجنحتها لكنها لم تؤثر كثيرا على الاقتصاد الروسي بل أدت إلى نتائج عسكية ملقية بظلالها على معدلات التضخم في البلدان الأوروبية».
الدولار قاد بعض البلدان لديون ومجاعات
ويرى المحلل الاقتصادي تعدد قطبية النظام العالمي أمرًا محمودًا، مستشهدًا بأن الخاسر الأكبر في نزاعات الدول الكبرى هي الدول النامية، التي باتت مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ومع رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة مهددة بمقصلة الاقتراض ومن ثم دوامة خدمة الدين وتصاعد معدلات التضخم وصولًا للانزلاق إلى أزمات غذائية ومجاعات.
تغير النظام الاقتصادي العالمي.. «ليس أمرًا سهلًا»
وحول معوقات مساعي روسيا والصين نحو تغيير النظام الاقتصادي العالمي، قال المحلل عاطف عبدالجواد، المقيم في واشنطن، أن مساعي روسيا لتغيير النظام ل الاقتصادي العالمي غبر إنهاء هيمنة الدولار، ليست أمرًا سهلًا«موضحًا أن»روسيا والصين تحاولان منذ 2009 إحلال عملة أخرى محل الدولار؛ إذ اقترحت موسكو وما زالت ترغب في أن يتبنى صندوق النقد الدولي عملة دولية جديدة لا تخص دولة معينة ولكن هذه الجهود فشلت وسوف تفشل لسببين: الأول هو أن الدولار حل محل الذهب منذ 1944 كمعيار مالي دولي للديون واحتياط البنوك المركزية في العالم. والسبب الثاني هو أن الاقتصاد الروسي هو رقم 11 بين اقتصاديات العالم بل أن الاقتصاد الهندي يبلغ ضعف حجم الاقتصاد الروسي الذي يعادل حجم الاقتصاد الإسباني.
تعدد القطبية الاقتصادية.. تحديات ومعوقات
ويضيف عبدالجواد أن :«الصين الشيوعية لا تزال مضطرة للاستثمار في الاقتصاد الأمريكي بالدولار، كما أن معظم احتياطي البنك المركزي الصيني أيضًا بالدولار» متابعًا «نجد أن أنجح عملة أجنبية في العالم بعد الدولار هي اليورو ورغم ذلك لم يتمكن اليورو أن يحل محل الدولار، بموجب اتفاقية «بريتين وود» كما أن صندوق النقد الدولي يتعامل بالدولار وهو يحتاج إلى الولايات المتحدة كونها صاحبة أكبر إسهام في ميزانية الصندوق وبالتالي صاحبة أكبر قوة تصويتية في الصندوق».
وحول تحديات انفتاح دول «بريكس» على كل من إفريقيا والمنطقة العربية، وأهمية ذلك في صراع القوى الكبرى على إفرقيا كساحة مهمة في المعادلة الاقتصادية العالمية، يرى عبدالجواد روسيا ليست لديها الموارد المالية والاقتصادية للهيمنة في إفريقيا بالنظر إلى حاجة القارة الإفريقية إلى معونات تنموية لا تتوافر لديها، رغم أن بها مساحة من اليابسة هي الأكبر في العالم بعد مساحة كندا بما يعني أن موسكو لا يزال بجعبتها موارد كثيرة مدفونة ولم تستثمر بعد؛ نظرًا لاعتماد استراتيجياتها على عاملي السلاح والنفط والغاز، فحال أراد\ت أن تكون فاعلة في إفرقيا عليها لانفتاح على استراتيجيات جديدة تواكب احتياجات القارة السمراء«
«سباق شرس بين الصين وأمريكا في إفريقيا»
لكن المحلل المقيم في واشنطن أكد أن الصين يمكنها توفير هذه الاحتياجات، معتبرًا أن ثمة سباق حقيقي في إفريقيا يدور بين الصين والولايات المتحدة.
لكن التحدى التي تواجهه الصين هو أن المعونات التنموية التي تحتاجها إفريقيا يجب أن تأتي بالدولار لأن احتياطي العملة الأجنبية فيها ومقدرتها على الاستدانة يرتبطان بما لديها من دولار في بنوكها المركزية
ما الذي تحتاجه دول «بريكس» لتنافس بقوة ؟
إلى هذا أكد زير التموين الأسبق عبدالخالق جودة، ل«المصري اليوم» أنه «لا أحد يشكك أن دول»بريكس«تطور جديد ومهم على مستوى الاقتصاد العالمي؛ وخصوصا حال نجحت في إنشاء نظام لتسوية المدفوعات الدولية بعملاتها المحلية بعيدا عن الدولار؛ إذ سيقلل ذلك وزن الدولار كوسيط في المدفوعات الدولية، وبالتالي يوجه له ضربة قوية.
لكن-حتى الآن- لا يمكن لدول «بريكس» خلق عملة دولية منافسة للدولار نظرًا لعدد من التحديات؛ إذ يتطلب ذلك تمكين دول هذه المجموعة وخلق أرضية مشتركة بينها جميعا على مستوى السياسات الاقتصادية والمالية والوصول لتقارب في مستوى عجز الموازنة، وهو أمر يستحيل عمليا نظرًا لتفاوت درجة التطور الاقتصادي في هذه البلدان.
أين تقف مصر والبلدان العربية من هذا النزاع؟
ووبسؤاله عن موضع مصر من هذا النزاع، وهل تميل نحو إحدى الكفتين «اقصد هنا كفة روسيا والصين ودول بريكس، أم كفة أمريكا والاتحاد الأوروبي» قال عبدالجواد أن مصر ترغب في تحقيق توازن دقيق في علاقتها بالدول الكبري ما يبدو جليًا في صفقات سلاح مصرية مع فرنسا وأمريكا ومشروعات اقتصادية مع اليونان وقبرص، ومن جهة أخرى تعتمد مصر على روسيا في بناء مفاعل الضبعة النووي«
ويضيف عبدالجواد أن معظم البلدان العربية تحذو حذو مصر؛ موضحًا«معظم البلدان البلدان العربية التي تعتمد على السلاح لشكل كبير سوف تظل في حاجة إلى قطع الغيار والتدريب من الولايات المتحدة؛ لكن من جهة أخرى سيظل العامل الروسي في الدول العربية هو أساسًا للرد على أي ضغوط سياسية أمريكية أو لتحقيق تعددية في مصادر الأسلحة»
متابعًا أنه :«في حالة مصر التي تعتمد على روسيا وأوكرانيا للحصول على احتياجاتها من القمح والحبوب كانت الحرب الروسية الأوكرانية محفزًا لمصر في البحث عن بدائل في استراليا على سبيل المثال لتنويع مصادرها من القمح ايضا»
ويختتم: «تلك المعوقات والتحديات تقف حائلًا نحو العملة الدولية الجديدة التي يسعى لها الرئيس بوتين، ومن ثم تغيير النظام الاقتصادي العالمي المعتمد على الدولار؛ فهو مسعى لم يتحقق في الماضي ولن تتحقق في المستقبل القريب- لا سيما- أن روسيا ستخرج من حربها في أوكرانيا باقتصاد أضعف جراء نفقات الحرب وقطع أوروبا اعتمادها على موارد الطاقة الروسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.