«الجبَّنة والكسرة والعصيدة والقابورى».. مائدة إفطار وسحور حلايب وشلاتين

مظاهر متنوعة تشتهر بها موائد الإفطار والسحور خلال شهر رمضان الكريم بمنطقة حلايب وشلاتين والتجمعات البدوية والقرى التابعة لهما جنوب البحر الأحمر.
مازالت هذه القبائل تحتفظ بعاداتها وتقاليدها في الحياة والطعام والشراب والملابس خاصة في شهر رمضان الكريم مستخدمين أدوات من البيئة الطبيعية المحلية لتجهيز وإعداد وجبتى الإفطار والسحور خلال شهر رمضان، ويأتى في صدارة هذه الوجبات والمشروبات العصيدة والأوتم والجبنة والسلات والقابورى.
وتأتى وجبة «الأوتم» وهى وجبة سحور دائمة ورئيسية في شهر رمضان، يتم إعدادها وتجهيزها بكمية دقيق مغموس في الماء داخل إناء يوضع على النار مع تقليبه باستمرار، وبعد تسويته يضاف إليه لبن الإبل، وتعد وجبة «الأوتم» الوجبة الأساسية للسحور، وتساعد في الصيام على عدم الشعور بالعطش والجوع.
تأتى وجبة «السلات» على رأس مائدة طعام إفطار رمضان والتى لا يزال الأهالى يحافظون عليها ويحرصون على تناولها وتقديمها لضيوفهم على موائد الإفطار، وهى من العادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين، وتحرص هذه القبائل على أن تكون موائدهم تحتوى على المأكولات والمشروبات الخاصة بهم بالرغم من توافر جميع الأغذية والمشروبات المصنعة والمنتجة والتى يتناولها سكان المدن والقرى المصرية.
ومراحل تجهيز وجبة «السلات» تبدأ من الذبح وحتى انتهاء مراحل الاستواء والأكل، فوجبة «السلات» تكون بتناول لحوم الضأن والماعز، حيث يتم تربية هذه الحيوانات لدى معظم السكان ويتم اختيار الخروف الكثيف اللحم وذبحه وسلخه وفصل اللحم عن العظم وتشبه طريقة تجهيز (السلات) طريقة تجهيز (الكباب) في المطاعم الحديثة، حيث يتم اختيار الخروف أو ذكر الماعز «الجدى» بعد تسمينه لعدة أشهر وذبحه وتقطيعه لأرباع وتقطيع الأرباع لقطع صغيرة بعد فصلها عن العظام وتوضع هذه اللحوم بعد تقطيعها لقطع صغيرة على أحجار الجرانيت والصوان والبازلت لتكون سريعة الاستواء، ثم توضع طبقة أخرى من الأخشاب وقطع الفحم المشتعلة بالنيران، وتتم عملية التسوية في وقت يتراوح بين 40 دقيقة وساعة حتى تكتمل عملية التسوية وتكون جاهزة للأكل فور رفع أذان المغرب. وتحرص كل أسرة في حلايب وشلاتين على امتلاك موقد للشىّ وتخزين كمية من الفحم والأخشاب لتجهيز وجبة السلات وتكون هذه الوجبة خالية من أي دهون بهذه الطريقة.
وتابع سعدالله أن كل شيخ قبيلة يقوم بإعداد عزومة لمشايخ وأبناء المنطقة على الإفطار بالإضافة لمائدة أخرى لأبناء المنطقة لا تقل في محتواها من الأطعمة عن مائدة إفطار المشايخ.
من بين الأكلات الشهيرة الأخرى لدى قبيلتى العبابدة والبشارية خلال شهر رمضان لسكان الأودية الجبلية بالصحراء الشرقية بحلايب وشلاتين تأتى وجبة «الكسرة» وهى عجينة تسوى في تراب ساخن وتسمى «الملمودة» وتغطى بالجمر حتى يستوى أحد جانبيها ثم تقلب على الجانب الآخر حتى تستوى تمامًا وتصبح صالحة للأكل باللبن أو غيره فهى بمثابة الخبز عندهم وتسمى أيضًا القابورية نسبة إلى طريقة طهيها ولها أنواع أخرى طبقًا لطريقة الطهى وهى أم رضاف، حيث توضع العجينة على بعض الحجارة وتغطى بالجمر حتى تستوى تمامًا بدون أن نقلبها.
فيما يتربع مشروب «الجَبَّنة» على رأس المشروبات الساخنة التي يحرص على احتسائها أبناء قبيلتى «العبابدة» و«البشارية» والقبائل الأخرى التي تسكن المنطقة خلال شهر رمضان في الإفطار، وما بين الإفطار السحور، حيث يتم تناولها كمشروب ساخن لضيوفهم وفى مناسباتهم الاجتماعية، ويتم تجهيز مشروب«الجَبَّنة» من خلال عملية التحميص اليدوى للبن الأخضر، عن طريق قليه داخل إناء مصنوع من الفخار يسمى آلة صنع «الجبنة» حتى يتحول لون البن الأحمر إلى بنى غامق وتستغرق عملية التحميص 3 دقائق، وأثناءها يضاف إلى البن قليل من حبات القرنفل أو الحبهان أو الزنجبيل حسب النكهة التي يطلبها الضيف، وبعد التجهيز يضاف إلى «الجبنة» قليل من السكر ثم يقدم المشروب داخل فناجين صغيرة مصنوعة من الخزف الملون.
وأضاف أن سعر الكيلو جرام من النوع الجيد يصل إلى 200 جنيه وأدوات تجهيز «الجبنة» موجودة داخل كل بيت في حلايب وشلاتين، ويحرص البدو الرحل للرعى والصيد والتجارة، على اصطحاب أدوات تجهيز الجبنة معهم.
وحول الأهمية الصحية لمشروب «الجبنة» فإنه مقوٍّ للمناعة ومنشط للذاكرة ومنبه شديد ويساعد على إذابة الدهون من الجسم ويقلل من الشعور بالعطش.
وتجد فطيرة «القابورى» إقبالا شديدا وتكون موجودة على موائد الإفطار لمختلف الأسر بحلايب وشلاتين وأن (القابورى) يطلق عليها (بيتزا العبابدة) لشبهها في المكونات والشكل بالبيتزا التي تقدم بالمطاعم، ويتم تحضير فطيرة القابورى من الدقيق والماء وتتم عملية العجن وتقطيع العجين لقطع صغيرة يتم فردها لتتشكل على هيئة فطيرة ثم تدفن العجينة بحفرة مليئة بالأخشاب الموقدة لمدة 20 دقيقة ثم يتم تقليب الفطيرة على الناحية الأخرى بعد استواء الناحية الأولى ويتم تقديمها ساخنة.
وتعد وجبة «العصيدة» من أهم الأكلات الرئيسية التي يتم تناولها خلال الإفطار والسحور ويتم تجهيزها من الدقيق والماء والعسل واللبن، ويتم تناولها عادة عقب الإفطار وأثناء الترحال في الصحراء في غير رمضان لسهولة تجهيزها وتحتوى على قيمة غذائية متكاملة.