مرماح وسباقات خيول وتحطيب.. احتفالات «الصعايدة» بموالد العارفين بالله

مع مطلع شهر شعبان، تبدأ محافظات الصعيد فى إحياء موالد الصالحين والعارفين بالله، والتى تشتهر بها معظم محافظات مصر، ومنها الأقصر وقنا، وتتضمن الاحتفالات سباقات الخيول والمرماح والتحطيب على أنغام المزمار البلدى، لإظهار المهارات وقوة الخيول وفق القواعد المنظمة للعبة والتى توارثوها من الأجداد برسم صورة حية للتراث الشعبى لهذه المحافظات.
وعلى موسيقى المزمار، فى ساحة قرية العشى بمركز الزينية بالأقصر، تحتفل المحافظة كل عام فى الأول من شعبان بمولد أحمد العشى، منذ أكثر من 150 عامًا، ويعد أحد أكبر التجمعات التى تشهدها المحافظة سنويًا، ويتوافد عليه المواطنون من جميع مراكز المحافظة وقراها، ومحافظات سوهاج وقنا وأسوان، وبدأ الجمعة ويستمر حتى الثلاثاء بخروج موكب الدورة.
وخلال مولد العشى، تقام سباقات الخيل «المرماح»، ويقام عصر كل يوم طوال أيام الاحتفالات ويلتف حوله جميع أهالى القرية والضيوف الوافدين للمشاركة فى المولد، ويشارك فيه جميع أفراد القرية من شيوخ وشباب وكبار القرية يرسمون بخيولهم على أنغام المزمار لوحة إبداعية للخيول وهى تتراقص وتؤدى الحركات وتقطع مسافة الساحة المخصصة ذهابا وعودة فى سرعة الرياح لإثبات جدارته بأنه فارس تتباهى أسرته وعائلته بابنها.
العمدة عربى أبوالحاج أحمد، أحد الفرسان، قال إن هذا الاحتفال تشهده القرية سنويًا، والمرماح وسباقات الخيول شىء أساسى فيه، ويشارك بها كل عائلات القرية بخيولهم، حيث تسع الساحة التى خصصت للمرماح، لأكثر من 200 حصان للتسابق وإظهار مهارة ركوب الخيل، موضحًا أن حب الخيل لأهل الصعيد متوارث، إذ إن هذه الرياضة دخلت مع الفتح الإسلامى لمصر، ومازالت مستمرة حتى الآن.
وأوضح خالد أبوالوفا، من شباب القرية: «أطلقنا منذ عام 2018، مع مجموعة من الشباب مجموعة (العشى أون لاين)، وتستمر طوال أيام الاحتفالات بتقديم المعلومات عن الاحتفالية وأماكن الابتهالات والمدائح التى تخص كل عائلة من عائلات القرية، فضلًا عن عمل بث مباشر لفعاليات المولد لحظة بلحظة حتى يتابعه المهتمون».
وأضاف سليم عبدالحميد أحمد، من شباب القرية: «تنتشر الشوادر بطول شوارع القرية بجانب تخصيص عدد من رؤوس الماشية لذبحها وتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية، وكل عائلات القرية تتسابق فى المشاركة بالاحتفالية التى توارثناها عن أجدادنا، والليلة الختامية تقام يوم 4 شعبان، ويطلق عليها (يوم العشا)، ويكون عبارة عن كميات كبيرة من الكباب، وينطلق صباح اليوم التالى موكب الدورة، الذى يكون عبارة عن رفع النبوت، وركوب الخيل التى تجوب جميع أنحاء القرية مرددين (العشى، العشى) طوال موكب الاحتفالية».
وأمام ديوان كل عائلة، كما يقول الحاج عبدالرحيم شبيب، أحد كبار القرية: «بعد صلاة العشاء يبدأ احتفال شجى ملىء بالروحانيات والفرح والأهازيج وتقام مدائح النبى».
محافظة قنا، هى الأخرى تحتفل فى الأول من شعبان حتى منتصف الشهر، بمولد عبدالرحيم القنائى أو -أسد الصعيد- حيث يستقبل المولد الزائرين والرواد من مختلف المحافظات، ويتسابق ممثلو القبائل بالمحافظة فى استقبال الضيوف وعمل ما يسمى ب«الخدمة»، وهو المكان الذى يتم فيه إعداد الطعام للضيوف بعد ذبح الذبائح وتقديمها خلال فترة أيام المولد.
ويتضمن المولد العديد من المظاهر الخاصة بالاحتفال، منها المرماح وهو سباق الخيول، الذى يشتهر به الصعيد.
وقال محمد عبدالوهاب، أحد المتسابقين، إن المرماح هو أحد أنواع سباق الخيل بهدف عرض المهارة والقوة لأصحاب الخيول بمختلف القبائل المشاركة فى هذا التراث، إضافة لعرض مهارة وقوة الخيول، مشيرًا إلى أن المرماح له قواعد محددة قبل مشاركة الفارس به، حيث يكون هناك ما يسمى بمنظم أو كبير السباق، ويختص بتنظيم عملية دخول الفارس للعرض، حيث لا بد أن يستأذن الفارس منه قبل الانطلاق والمشاركة فى العرض، أو ما يسمى ب«التربيع» ليتفادى الاصطدام بالخيول الأخرى.
وأوضح أن الفارس يشارك فى المرماح من خلال ال5 أيام الأخيرة بمولد «القنائى» من خلال ساحات واسعة مخصصة للمرماح، ويسعى كل فارس لإظهار الخيل الخاص به فى أحسن صورة من خلال تنظيفة وقصه وتزيينه، ثم يتوجه لأرض السباق بعد صلاة العصر لعرض مهاراته، مشيرًا إلى أن الفارس دائمًا ما يحمل عصا طويلة أو ما تسمى ب«خزران» لاستخدامها فى الاحتكاك بالأرض خلف الخيل، لمساعدته فى السيطرة على الحركة وتباطئه عقب الانتهاء من العرض.
ويتضمن الاحتفال لعبة «التحطيب»، وهى إبراز قوة المتبارزين، مع الالتزام بمبادئ وقواعد اللعبة، إضافة لانتشار بيع حلوى المولد للبائعين القادمين من مختلف المحافظات.