بدء المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا وسط احتدام المعارك

بدأ الوفدان الروسى والأوكرانى، أمس، محادثات مصيرية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين البلدين على الحدود الأوكرانية مع بيلاروسيا، والتى يعول عليها العالم لإنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا وتجنب احتمالات توسعها فى القارة الأوروبية، وجرت مفاوضات السلام وسط تواصل القصف الروسى على العاصمة الأوكرانية كييف وعدة مدن أخرى، أبرزها خاركيف لليوم الخامس على التوالى.
وقبل انطلاق المفاوضات على الحدود البيلاروسية الأوكرانية، قال رئيس الوفد الروسى للمفاوضات، مستشار الكرملين، فلاديمير مدينسكى، إن أى اتفاق يجب أن يكون فى مصلحة الجانبين معا، وشدد على أن وفد موسكو مستعد للتفاوض المستمر إلى حين التوصل إلى توافق مع كييف، ودعا إلى التوصل إلى اتفاق بأسرع وقت، فى حين أكد الوفد الأوكرانى، الذى يقوده وزير الدفاع أليكسى رزنيكوف، المستشار الرئاسى ميخائيلو بودولياك، أنه سيطالب الروس بالانسحاب من كل الأراضى التى دخلوها بما فى ذلك القرم ودونباس، موضحا أن الهدف الرئيسى للمحادثات مع روسيا هو الوقف الفورى لإطلاق النار وسحب القوات الروسية من أوكرانيا.
وعاشت كييف ليلة خامسة صعبة، مساء أمس الأول، مع تواصل القصف الروسى، وتجدد المعارك بين قوات روسية والجيش الأوكرانى فى الجانب الأيسر منها، وأفادت أنباء بتحرك رتل عسكرى روسى ضخم، قرب مشارف كييف، بينما أعلن عمدة المدينة أنها محاصرة من القوات الروسية من جميع الجهات، وأنهم لا يستطيعون إجلاء المدنيين منها، وذكرت وكالة الأنباء الأوكرانية الرسمية، أمس، أن الجيش الروسى حاول مجددا اختراق دفاعات مدينة كييف، ليل أمس الأول، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل، وتعرضت كييف، ومدينة خاركيف، ثانى كبرى المدن الأوكرانية، لقصف جوى كثيف، عدة مرات، وأعلن مسؤول بوزارة الداخلية الأوكرانية، أمس، مقتل عشرات المدنيين فى سقوط صاروخ روسى على خاركيف.
وقال قائد القوات المسلحة الأوكرانية الكولونيل الكسندر سيرسكى: «أظهرنا أنه يمكننا حماية منزلنا من الضيوف غير المدعوين»، وأكد أن الوضع فى كييف تحت السيطرة، وأن القوات الروسية تكبدت خسائر كبيرة فى الأرواح، وأعلن الجيش الأوكرانى أن روسيا بدأت تستخدم صواريخ غاية فى الدقة.
ومن جانبه، أكد عمدة العاصمة الأوكرانية، فيتالى كليتشكو، مساء أمس الأول، أن كييف باتت محاصرة من جميع الجهات، ولا يمكن تنفيذ عملية إجلاء للمدنيين، كما أن الأسلحة التى تعهدت الدول الغربية بإرسالها لن تصل إلى كييف، موضحا أن الأمر نفسه يتم فى بقية المدن والأقاليم، حيث يتم فصل كل مدينة عن الأخرى، وحذر مسؤولون فى كييف من أن الحرب لم تنته، حيث يستمر القتال فى الشوارع فى كل أنحاء المدينة تقريبًا، وقالوا إن سكان كييف سيستيقظون ليروا منظرًا للمدينة يختلف اختلافًا كبيرًا عما اعتادوا عليه. وأعلنت الأمم المتحدة، أمس، مقتل 100 مدنى، بينهم 7 أطفال منذ بداية العملية الروسية، وذكرت الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية أن مخربين يستهدفون كنيسة كييف.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها أبلغت سكان كييف بإمكانية مغادرة المدينة عبر طريق «كييف- فاسيلكوف» الآمن باتجاه الجنوب، ونفى كوناشينكوف مزاعم بأن مجموعات من «المخربين الروس» تعمل فى كييف، وأن المدينة محاصرة، وأضاف أن «قيادة أوكرانيا وسلطات المدينة، بعد إعلان حظر التجول، تحاول إقناع السكان بالبقاء فى منازلهم، مما يثبت مرة أخرى أن نظام كييف يستخدم سكان المدينة كدروع بشرية للقوميين الذين نشروا وحدات مدفعية ومعدات عسكرية فى مناطق سكنية بالعاصمة».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن طيرانها حقق السيطرة الجوية فوق كامل أراضى أوكرانيا، وأن الجيش الروسى دمر 1114 منشأة من البنية التحتية العسكرية الأوكرانية منذ بداية العملية، ومنها 31 نقطة مراقبة ومركز اتصالات للقوات المسلحة الأوكرانية، و314 دبابة ومركبات قتالية مصفحة، و57 راجمة صواريخ، و121 قطعة من المدفعية الميدانية والهاون، و274 قطعة من المركبات العسكرية الخاصة.
ودوت صفارات الإنذار فى مدينة تشيرنيهيف شمال البلاد، بعد تجدد القصف الصاروخى الروسى عليها، وسيطرت القوات الروسية على مدينة بيرديانسك الساحلية جنوب أوكرانيا، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنها طوقت مدينة خيرسون الجنوبية، وأن الجيش الروسى يسيطر على محطة زابوروجيا للطاقة النووية بأوكرانيا والمناطق المحيط بها، وأن مستوى الإشعاع النووى فى معدلاته الطبيعية، بينما ذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن القوات الروسية دمرت طائرة «أنتونوف 225 مريا»، الأوكرانية، أكبر طائرة شحن فى العالم، فى هجوم على مطار أنتونوف فى هوستوميل، قرب كييف.
وأعلنت قوات إقليم دونيتسك الانفصالى أنها سيطرت بشكل شبه كامل على مدينة ماريوبول، وإن المدينة مدرجة على جدول المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وأعلن رئيس دونيتسك دينيس بوشيلين، أمس، تعليق التعبئة العامة بعد تحقيق ما يكفى من المهام التى استهدفتها حملة التعبئة». ولفت بوشيلين إلى أن وحدات القوات المسلحة الأوكرانية لدى انسحابها من الأراضى الخاضعة لسيطرتها فى دونباس، تحاول إلحاق أقصى قدر ممكن من الضرر بالسكان المدنيين.
وجدد الرئيس الأوكرانى، فلوديمير زلينسكى، دعوته للاتحاد الأوروبى على ضم بلاده «فورا» إلى التكتل، وخاطب زلينسكى القوات الروسية قائلا: «ألقوا أسلحتكم»، بينما اتهم الكرملين الاتحاد الأوروبى بالتصرف بعدوانية تجاه روسيا، وقال إن إمدادات الأسلحة لأوكرانيا خطيرة ومزعزعة للاستقرار وأثبتت أن موسكو كانت محقة فى جهودها لنزع سلاح جارتها.
وبينما حظرت روسيا شركات طيران من 36 دولة، غالبيتها أوروبية، ردا على الإجراءات الغربية، أمس، أعلن الجيش الروسى أن قوات الردع النووى باتت فى حالة تأهب قصوى، تماشيا مع تعليمات الرئيس فلاديمير بوتن، وقال وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو إنه تم تعزيز المراكز القيادية لجميع القوات النووية الروسية بأفراد إضافيين، وذكرت الوزارة أن حالة التأهب القصوى تنطبق على جميع مكونات القوات النووية الروسية- قوات الصواريخ الاستراتيجية- التى تشرف على الصواريخ البالستية الروسية الأرضية العابرة للقارات، والأسطول الشمالى وأسطول المحيط الهادى، اللذين يطلقان صواريخ بالستية عابرة للقارات من غواصات، وقوات الطيران بعيد المدى التى تمتلك أسطولا من القاذفات الاستراتيجية ذات القدرات النووية.