اندلعت الحرب فى أوكرانيا بالهجوم الروسى الشامل بعد شهور من حشد القوات وفشل الجهود الدبلوماسية من جانب الولاياتالمتحدة وحلفائها فى الغرب لتجنب الحرب، لكن الوضع فى العاصمة كييف مشحون بمخاطر هى الأعلى منذ ثلاثين عاما من تاريخ البلاد. فمنذ انفصالها عن الاتحاد السوفيتى تأرجحت أوكرانيا بين نفوذ موسكو تارة والغرب تارة أخرى، فنجت بنفسها من الفضيحة ومن الصراع مع الحفاظ على نظامها الديمقراطى، وهى تواجه الآن أكبر اختبار «وجودى» يهدد كيانها كدولة مستقلة. رحل كثير من الأوكرانيين من موسكو صوب الغرب منذ ضم شبه جزيرة القرم فى 2014، بدعم شعبى للنهوض من أجل الانضمام إلى الحلفاء الغربيين مثل حلف شمال الأطلنطى «ناتو» والاتحاد الأوروبى، حسب تقرير تفصيلى أعدته الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية، ويتناول الخط الزمنى من المواجهات بين أوكرانياوروسيا منذ نهاية الثمانينيات، وحتى فبراير 2022 وقت اندلاع الحرب. لكن على طول الحدود الشرقية للبلاد مع روسيا، سيطر الانفصاليون مدعومين من موسكو، على منطقتى لوجانسيك ودونيتسك. وأدى العنف فى شرق أوكرانيا إلى مقتل ما يزيد على 14 ألف شخص منذ ذلك الحين، وفقا لبحث مجموعة الأزمات الدولية، فى حين أن اعتراف روسيا باستقلال المنطقتين أعد الساحة لتحريك قواتها داخل أوكرانيا. 1989-1990 اكتسحت المظاهرات المناهضة للشيوعية وسط وشرق أوروبا، والتى بدأت فى بولندا وانتشرت عبر الكتلة السوفيتية، وشهد يناير 1990، 400 ألف شخص ينضمون إلى بعضهم البعض بالأيدى فى سلسلة بشرية امتدت على طول نحو 400 ميل من مدينة إيفانو-فرانكيفسكى الغربية وحتى العاصمة كييف، حيث لوح العديدون بالعلم الأوكرانى، الذى كان محظورا تحت الحكم السوفيتى. 1991 أعلن البرلمان الأوكرانى، عقب محاولة انقلاب فاشلة فى موسكو، عن الاستقلال للمرة الثانية فى 24 أغسطس، وهو تاريخ الاحتفال بيوم الاستقلال الرسمى بأوكرانيا، وفى ديسمبر، صوّت الأوكرانيون على تحويل استقلالهم إلى استقلال رسمى، حيث أيدوا الإعلان بنسبة كاسحة وصلت إلى 92%، بينما تفكك الاتحاد السوفيتى فى 26 ديسمبر. 1992 أقامت أوكرانيا رسميًا علاقات مع حلف شمال الأطلنطى فى الوقت الذى يفكر فى إضافة أعضاء من مناطق وسط وشرق أوروبا، لكنها لم تنضم إليه، وزار سكرتير عام الناتو العاصمة كييف، وزارالرئيس الأوكرانى وقتها ليونيد كرافشوك مقر الحلف فى بروكسل. 1994 تركت أوكرانيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، مع أكبر ثالث مخزون من السلاح النووى فى العالم، ووافقت فى «مذكرة بودابست» على بيع صواريخها البالستية، والرؤوس النووية وغيرها من البنية التحتية النووية، فى مقابل ضمانات بأن تحترم الأطراف الثلاثة الأخرى الموقعة على المعاهدة، وهى روسيا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، الاستقلال والسيادة وحدود أوكرانيا القائمة. من 1994 حتى 2004 فى أثناء عشر سنوات من حكمه، ساعد الرئيس ليونيد كوتشما على تحويل أوكرانيا من جمهورية سوفيتية إلى مجتمع رأسمالى، وقام بخصخصة الشركات والعمل على تحسين الفرص الاقتصادية الدولية، ولكن فى عام 2000، اهتزت رئاسته بسبب فضيحة التسجيلات الصوتية التى كشفت عن إصدار أوامره بإعدام أحد الصحفيين، ولكنه بقى فى السلطة أربع سنوات أخرى. 2004 حرضت الانتخابات الرئاسية حزب «كوتشيما»، الذى يقوده خليفته الذى اختاره بعناية، فيكتور يانوكوفيتش، ودعمه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ضد زعيم المعارضة الشعبى المؤيد للديمراطية فيكتور يوشتشنكو، الذى سقط مريضا على نحو غامض فى الأشهر الأخيرة من الحملة، والذى تعرض شكله للتشويه بينما أكد الأطباء أنه جرى تسميمه. وفاز يانوكوفتيش بالانتخابات وسط اتهامات بالتزوير أعقبتها مظاهرات ضخمة، وصار الشعار الجماهيرى الصارخ وقتها معروفًا باسم «الثورة البرتقالية». 2005 تولى يوشتشنكو السلطة كرئيس، ويوليا تايموشينكو لمنصب رئيس الوزراء 2008 عقب الجهود التى بذلها يوشتشنكو وتايموشينكو لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، حصلت أوكرانيا على خطة عمل للعضوية، ردًا على طلبين رسميين فى يناير، وهى الخطوة الأولى فى عملية الانضمام إلى الحلف. ودعم الرئيس الأمريكى الأسبق جورج دبليو بوش عضوية أوكرانيا، لكن فرنساوألمانيا عارضتها بعدما أعربت روسيا عن استيائها. وفى إبريل، استجاب الناتو للتسوية، ووعد بأن أوكرانيا سوف تكون يوما ما عضوا فى الحلف، ولكنه لم يضعها على مسار بعينه فى هذا الشأن. وتوقف جازبروم، وهى شركة غاز روسية مملوكة للدولة، فجأة عن ضخ الغازالطبيعى لأوكرانيا عقب شهور من المفاوضات المشحونة سياسيًا حول أسعار الغاز، ومن ثم انتشرت الأزمة إلى ما وراء الحدود الأوكرانية. 2010 جرى انتخاب يانوكوفيتش رئيسا فى فبراير، وأكد أن أوكرانيا يجب أن تكون دولة محايدة فى التعاون مع كل من روسيا والتحالفات الغربية مثل الناتو. 2011 فتح المحققون الأوكرانيون تحقيقات جنائية لتايموشينكو، لمزاعم فساد وسوء استخدام موارد الحكومة، وأصدرت المحكمة فى أكتوبر حكمها بإدانتها بسوء استخدام السلطة خلال تفاوضها مع روسيا بشأن أزمة الغاز وحكمت عليها بالسجن سبع سنوات، مما أثار مخاوف فى الغرب بأن الزعماء الأوكرانيين يقاضون المعارضين السياسيين. 2013 حتى 2014 أعلن يانوكوفيتش أنه لن يرفض توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبى من شأنها أن تدخل أوكرانيا فى اتفاق تجارة حرة، مؤكدا أن ضغطا من روسيا كان سببا فى قراره، لكن إعلانه هذا تسبب فى مظاهرات ضخمة عبر أوكرانيا، وهى الأكبر منذ الثورة البرتقالية، والتى دعت إلى استقالته، حيث بدأ المتظاهرون ينتشرون فى خيامهم فى «ميدان» كييف والمعروف بميدان الاستقلال، واحتلوا المبانى الحكومية ومن بينها مبنى بلدية المدينة ووزارة العدل. وفى أواخر فبراير، اندلع العنف بين الشرطة والمتظاهرين والذى أسفر عن مقتل ما يزيد على مائة شخص فى أسبوع هو الأكثر دموية فى تاريخ أوكرانيا ما بعد الحقبة السوفيتية. ولاذ يانوكوفيتش بالفرار، قبل التصويت على محاكمته فى 22 فبراير، ليصل فى نهاية المطاف إلى روسيا، فى حين صوّت البرلمان الأوكرانى بالإجماع على الإطاحة به وتشكيل حكومة مؤقتة، والتى أعلنت أنها سوف توقع على اتقافية الاتحاد الأوروبى وعلى إطلاق سراح تايموشينكو من سجنها، واتهمت الحكومة الجديدة يانوكوفيتش بجرائم قتل جماعى لمتظاهرى الميدان، وأصدرت أمرا باعتقاله. وأعلنت روسيا أن التغيير فى حكومة أوكرانيا بمثابة انقلاب غير مشروع، وسرعان ما ظهر مسلحون فى نقاط تفتيش ومنشآت فى شبه جزيرة القرم، والذين نفى بوتين فى بداية الأمر أن يكونوا جنودًا روسًا، ولكنه أقر بذلك فى وقت لاحق. مارس 2014 مع سيطرة القوات الروسية على شبه جزيرة القرم، صوّت برلمانها على الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا وأيد 97% من المشاركين الانفصال، لكن ظلت النتيجة محل جدل. وبلور بوتين ضم القرم فى 18 مارس بالبرلمان، وردا على ذلك فرضت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها فى أوروبا عقوبات على روسيا. إبريل ومايو وسبتمبر 2014 احتشد نحو 40 ألف جندى روسى على حدود أوكرانياالشرقية واندلع العنف فى منطقة دونباس، والذى استمر حتى اليوم، واقتحمت القوات الانفصالية المدعومة من روسيا، المبانى الحكومية فى منطقتى دونيتسك ولوجانسك الشرقيتين، اللتان أعلنتا الاستقلال عن أوكرانيا كجمهورتين شعبيتين، ولكنهما لا يزال يعترف بهما دوليًا كجزء من أوكرانيا، كما شهد شهر مايو انتخاب بيترو بوروشينكو السياسى الموالى للغرب رئيسًا لأوكرانيا، والذى يعزز الإصلاح ومحاربة الفساد حتى يحد من اعتماد أوكرانيا على روسيا فيما يتعلق بالطاقة والدعم المالى. وفى سبتمبر، التقى ممثلون عن روسياوأوكرانياوفرنساوألمانيا فى روسيا البيضاء «بيلاروسيا» لمحاولة التفاوض بشأن إنهاء العنف فى منطقة دونباس، وأبرموا اتفاق منيسك الأول بين أوكرانياوروسيا لتهدئة العنف تحت وقف إطلاق نار هزيل، والذى سرعان ما انقطع، واستمر القتال حتى العام الجديد. فبراير 2015 التقت مجموعة مينسك مرة ثانية فى بيلاروسيا للتوصل إلى اتفاق أكثر نجاحا لأنهاء القتال فى شرق أوكرانيا، مما أفضى إلى اتفاقية مينسك الثانية، ولكنها أخفقت أيضًا فى إنهاء العنف، ومنذ 2014 حتى اليوم، قتل أكثر من 14 ألف شخص، وجرح عشرات الآلاف ونزوح ما يزيد على مليون آخرين. وتسبب ضم «القرم » إلى جانب العنف المدعوم من جانب روسيا فى الشرق، دفع مشاعر الشعب الشعب الأوكرانى صوب الغرب لتقوية مصلحته فى الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبى. 2016 و2017 بينما استمر القتال فى دونباس، قامت روسيا مرارًا بضرب أوكرانيا فى سلسلة هجمات سيبرانية، والتى تشمل هجوم 2016 على شبكة الطاقة بكييف والتى أدت إلى ظلام واسع النطاق، شهد العام التالى هجوم على نطاق واسع أثر على البنية الأساسية الأوكرانية التى شملت البنك الوطنى الأوكرانى وشبكة الكهرباء بالبلاد. 2019 جرى فى إبريل انتخاب الممثل الكوميدى فلاديمير زيلينسكى رئيسا لأوكرانيا فى «سخرية لاذعة» لبوروشنكو والوضع الراهن، والذى يتضمن اقتصادا راكدا وصراعا مع روسيا، وأثناء حملته، تعهد زيلينسكى بعقد السلام مع روسيا وإنهاء الحرب فى دونباس. وتلكأت جهوده المبكرة للتوصل إلى حل للعنف، وذلك بسبب الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب الذى منع المساعدات العسكرية الأمريكيةلأوكرانيا واقترح على زيلينسكى أن يعمل بدلا من ذلك مع بوتين لحل الأزمة. وفى اتصال هاتفى مع ترامب فى يوليو 2019، طلب زيلينسكى زيارة البيت الأبيض لمقابلته بشأن دعم الجهود الأوكرانية لإبعاد روسيا، ولكن ترامب طلب من زيلينسكى أن يسدى له «معروفًا» وهو إجراء تحقيق فى شركة الطاقة «بوريزما» و«بايدينس»، غير أن الرئيس الأوكرانى أعلن أن الأوكرانيين تعبوا من «بوريزما». 2021 تصاعد الأزمة إبريل أرسلت روسيا نحو مائة ألف جندى إلى الحدود الأوكرانية، وحث زيلينسكى قيادة الناتو على وضع أوكرانيا فى خط زمنى لحصولها على العضوية، وأعلنت روسيا فى وقت لاحق من الشهر سحب قواتها، ولكن بقى عشرات الآلاف هناك.. أغسطس زار زيلينسكى البيت الأبيض للقاء الرئيس جو بايدن، الذى أكد أن الولاياتالمتحدة ملتزمة بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها فى مواجهة العدوان الروسى، ولكنه أكد أن أوكرانيا لم تفِ بعد بالشروط اللازمة للانضمام للناتو. نوفمبر جددت روسيا تمركز قواتها بالقرب من الحدود الأوكرانية- الروسية، مما أقلق مسؤولى المخابرات الأمريكية، الذين يسافرون إلى بروكسل لإفادة حلفاء الناتو بمعلومات حول الوضع، فى حين قال وزير الدفاع الأمريكى ليود اوستين: «لسنا متأكدين على وجه الدقة مما ينوى عليه بوتين، ولكن هذه التحركات استحوذت بالتأكيد على انتباهنا». ديسمبر تحدّث بايدن مع بوتين هاتفيًا، وحث روسيا على عدم غزو أوكرانيا، محذرًا من «تكاليف باهظة» إذا قامت روسيا بذلك، فى حين أصدر بوتين تصريحات مثيرة للجدل حول المطالب الأمنية، حيث طلب من الناتو منع أوكرانيا بشكل دائم من العضوية، وسحب القوات المتمركزة فى الدول التى انضمت إلى الحلف بعد عام 1997، بما فى ذلك رومانيا ودول البلقان. كما طالب بوتين برد كتابى من الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسى. روسيا تتحرك فى 2022 يناير التقى زعماء ودبلوماسيون من الولاياتالمتحدةوروسيا والدول الأوروبية مرارا لتجنب الأزمة، وفى بداية يناير، قال نائب وزير الخارجية الروسى سيرجى راياكوف للمسؤولين الأمريكيين إن روسيا ليس لديها نية لغزو أوكرانيا. وفى 23 يناير، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية عائلات موظفى السفارة بمغادرة أوكرانيا، ووضع الناتو قواته على أهبة الاستعداد اليوم التالى، وشمل ذلك إصدار الولاياتالمتحدة أمرا ل8500 جندى بها بالاستعداد للانتشار. وفى 26 يناير، سلم ممثلو الولاياتالمتحدة والناتو ردودهم المكتوبة على مطالب بوتين، حيث أكد المسؤولون أنهم لا يستطيعون منع أوكرانيا من الانضمام لحلف شمال الأطلنطى. فبراير تسارعت الجهود الدبلوماسية فى جميع أنحاء أوروبا، وتنقل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتز بين موسكو وكييف، فى حين أمر بايدن بنقل 1000 جندى أمريكى من ألمانيا إلى رومانيا ونشر 2000 جندى أمريكى إضافى فى بولندا وألمانيا. بينما بدأت روسياوبيلاروسيا مناورات عسكرية مشتركة فى 10 فبراير، مع نشر حوالى 30 ألف جندى روسى فى البلاد على طول الحدود الشمالية لأوكرانيا. وحثت الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة مواطنيهما على مغادرة أوكرانيا فى 11 فبراير، وأعلن بايدن نشر 2000 جندى آخر من الولاياتالمتحدة إلى بولندا. وفى منتصف فبراير، تصاعد القتال بين الانفصاليين المدعومين من روسيا والقوات الأوكرانية فى المنطقتين الشرقيتين دونيتسك ولوجانسك. وطالب زعماء الانفصاليين بعمليات إجلاء، فى حين قال بوتين فى 15 فبراير: «من وجهة نظرنا، ما يحدث فى دونباس اليوم هو فى الواقع إبادة جماعية»، وهو ما اعتبره المسؤولون الغربيون ادعاءً كاذبًا يستخدمه لخلق ذريعة للغزو. واصلت روسيا تعزيز حضورها العسكرى على حدودها مع أوكرانيا، تتراوح التقديرات بين 150.000 و190.000 جندى، وزاد المسؤولون الأمريكيون وبايدن من تحذيراتهم الملحة، قائلين إن روسيا قررت الغزو. وفى 21 فبراير، اعترف يوتين رسميا باستقلال جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوجانسك الشعبية، بما فى ذلك الأراضى التى يطالب بها الانفصاليون، لكن تسيطر عليها القوات المسلحة الأوكرانية، وأمر الجيش الروسى بنشر قوات هناك تحت ستار مهمة «حفظ السلام». وفى 24 فبراير، شنت القوات الروسية هجوما مدمرا على الأراضى الأوكرانية، وهو أكبر عملية عسكرية فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث انهمرت الصواريخ والقذائف على المدن الأوكرانية.