«إيزابيل الليندى» تستوحى بطلتها الجديدة من شخصية أمها.. وتحكى عن حكايات الفقد

تمتلئ حياة الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندى بالتجارب الثرية التى تنسج من خيوطها حكايات رواياتها؛ عرفت تجارب السفر إلى بلاد مختلفة منذ كانت صغيرة، وعملت بالصحافة وناصرت الحركات التحررية للمرأة، وشهدت الانقلابات فى تشيلى، واختبرت الفقد والموت كثيرا، وهو الإحساس الذى يبدو طاغيا على روايتها Violeta التى صدرت منذ أيام فى الولايات المتحدة.
فالكاتبة التى تُرجمت كتبها إلى أكثر من 42 لغة، وباعت حوالى 75 مليون نسخة على مستوى العالم، فقدت مع بداية جائحة كورونا والدتها التى تبلغ من العمر 98 عاما، وهى واحدة من التجارب القاسية التى تمر بها الكاتبة التى تؤكد كثيرا ارتباطها بوالدتها «بتشيتا»، التى تعتبرها أهم النساء التى تركت أثرا فى حياتها.
ومع صدور Violeta صرحت إيزابيل الليندى بأن هذه الرواية مزيج من قصة حياة والدتها مع التجارب التى اختبرتها هى شخصيا فى حياتها. وتدور أحداث «فيولتا» فى بتاجونيا فى تشيلى، حيث تولد فيوليتا فى أسرة ثرية عام 1920 تقريبا، فى نفس الوقت الذى بدأت فيه الإنفلونزا الإسبانية بالظهور فى أمريكا الجنوبية، لم تتأثر الأسرة بأجواء الوباء أو الحرب العالمية، إلا أن الكساد العظيم غيّر أحوال الأسرة التى انتقلت من الثراء للفقر، ولتجد فيولتا نفسها أصبحت المسؤولة عن أسرتها، لتعيد اكتشاف شخصيتها الحقيقية.
تمتد أحداث الرواية إلى 100 عام، وتنتقل من تشيلى إلى الأرجنتين وميامى والنرويج، وتتناول مجموعة واسعة من الموضوعات مثل: تحرر المرأة، والإساءات اللفظية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والمثلية الجنسية، والخيانة الزوجية، والاحتباس الحرارى، كما تستعرض الحركات الاشتراكية والشيوعية والديكتاتوريات العسكرية.
وفى مقابلة أجرتها إيزابيل الليندى فى منزلها بكاليفورنيا مع صحيفة «الجارديان»، قالت إن شخصية فيوليتا قريبة جدا من شخصية والدتها، فهى «ذكية، وموهوبة، وصاحبة رؤية ولديها أفكار للعمل وكسب المال؛ تقتنص الفرص لتعيش الحياة التى تريدها، والاختلاف الوحيد بينها وبين أمى أن الأخيرة كانت تعتمد على شخص ما ماديا».
وأضافت «الليندى» أن فيوليتا بطلة الرواية امرأة قوية استطاعت التغلب على الكثير من العقبات التى واجهتها فى حياتها، وهى تقول لحفيدها كاميليو الذى تولت تربيته منذ كان صغيرا بسبب وفاة والدته إن قصتها بها الكثير من التفاصيل والخطايا.
وتؤكد الليندى أن التجارب التى مرت بها بطلة الرواية «فيوليتا» مزيج من الأحداث التى مرت بها والدتها، والتجارب التى مرت بها هى شخصيا، خاصة ما يتعلق بالفقد والموت، فوالدة الحفيد كاميليو توفيت نتيجة جرعة زائدة من المخدرات، وهو ما عاشته إيزابيل حينما توفيت ابنة زوجها السابق، كما أن موت الابنة تجربة مؤلمة مرت بها هى شخصيا عندما توفيت ابنتها باولا عام 1992 والتى نشرت مذكرات عام 1994 تحمل اسمها، ووصفت خلالها الألم الرهيب الذى تعرضت له، وهذه التجربة ساعدتها فى رسم شخصية فيولتا وإحساسها بموت أبنائها.
غلاف الرواية
أما شخصية كاميليو الحفيد، الذى كان متمردا وربّته فيوليتا ليصبح فيما بعد قسًّا، فهى مستوحاة من شخصية القس التشيلى «فيليب بيريوس ديل سولار»، وهو أحد الناشطين الاجتماعيين الذين قاتلوا لسنوات طويلة ضد عدم المساواة والتمييز العنصرى، وكان أحد أصدقاء إيزابيل المقربين. وتقول «الليندى» إن الحوارات بين فيولتا وكاميليو أثناء طفولته كانت مستوحاة من حواراتها مع ابنها الحقيقى نيكولا.
وتعد Violeta العمل الثانى الذى تصدره المؤلفة، والأكثر قراءة على مستوى العالم باللغة الإسبانية، ولاتزال على قيد الحياة خلال جائحة كورونا بعد كتاب The Soul of a Woman، «روح امرأة»، كما أنها تضع حاليا اللمسات الأخيرة لروايتها القادمة والتى ستكون عن اللاجئين.
إيزابيل الليندى «79 عاما» اختتمت المقابلة التى أجرتها مع صحيفة «الجارديان» بأنها كانت تواظب على الكتابة بشكل يومى عن كل تفاصيل حياتها لوالدتها، حتى إن ابنها من خلال شركته أحصى عدد الخطابات ووجدها 24 ألف خطاب، والآن بعد أن رحلت لم يعد لديها تسجيل لما تقوم به فى حياتها، وهى تدرك أن الأيام تمضى بسرعة جدًا.